السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

قتل الصيدلانية يعيد إلى الأذهان جريمة جونية في العام 2000... كل الفرضيات مطروحة في التحقيق!

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
إضاءة شموع أمام صيدلية المغدورة ليلى رزق (مارك فياض).
إضاءة شموع أمام صيدلية المغدورة ليلى رزق (مارك فياض).
A+ A-
أعادت الجريمة المروّعة التي هزت بلدة المروج المتنية ببشاعتها وغموضها إلى الأذهان الجريمة التي هزت منطقة جونيه في العام 2000 والتي ذهبت ضحيتها الشابة كلود طانيوس عطاالله (28 عاماً) من بلدة شوان في فتوح كسروان، والتي كانت تعمل موظفة في صيدلية أبي خليل على أوتوستراد جونيه.

وُجدت الصيدلانية المغدورة ليلى رزق مذبوحة في مرحاض الصيدلية، لا أثر للاغتصاب أو السرقة حتى الساعة، أسباب الجريمة ما زالت غامضة والفرضيات تبقى ضمن التكهنات إلى حين صدور التقرير الأمني بتفاصيله.

هذه الدماء هي نفسها التي غطت منذ 22 عاماً أرض صيدلية أبي خليل حيث وجدتها الموظفة التي تعمل معها بدوام مختلف جثة زميلتها هامدة على الدرج السفلي المؤدي إلى مخزن الصيدلية وهي مذبوحة. في حين أن جريمة الأمس لم يعرف أحد بها إلا بعد وصول ابنتها إلى الصيدلية لتكتشف الفاجعة. هذه الإبنة التي رأت بأم عينيها فظاعة الجريمة ودماء أمها المهدورة في مكان عملها لأكثر من 20 عاماً وكان اتصالها الأخير بينها وبين والدتها عند الساعة الثالثة و8 دقائق.

تتشابه الخيوط بين الجريمتين، فلا سرقة بين الحالتين ولا اغتصاب ولا فقدان لأدوية الإدمان أو الأعصاب، غموض جريمة المروج أثارت هلع وقلق اللبنانيين من مخاطر التفلت الأمني والأمني الصحي في البلد، خصوصاً أنه في الآونة الأخيرة شهدت المستشفيات كما الصيدليات على تعديات جسدية وسرقات في أكثر من منطقة.
 

وقد علمت النهار العربي أن "الطبيب الشرعي المكلف من النيابة العامة فحص جثة ليلى في الصيدلية وكتب تقريره ليتم نقلها فيما بعد إلى مستشفى بحنس من قبل قوى الأمن. ولم يكشف عليها أي طبيب عند وصولها وإنما وضعت فقط في براد المستشفى".
 
وأفادت مصادر أمنية لـ"النهار" أن التحقيق يتتبع أكثر من فرضية، مع ميل لاستبعاد سيناريو السرقة والاغتصاب، متوقعة الوصول الى نتيجة في وقت قريب. وفي معلومات "النهار"، يتم تتبع خيوط تتصل بأبعاد شخصية بغية كشف الملابسات والتمعن في كل السيناريوهات.

تطرح هذه الجريمة أسئلة كثيرة، توقيتها المريب في وضح النهار، الدوافع التي أدت إلى وفاة المغدورة خصوصاً بعد دحض فرضيتي السرقة والاغتصاب. ويؤكد نقيب الصيادلة جو سالوم لـ"النهار العربي" أن ملابسات الجريمة لم تكتشف بعد ونحن في انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات. وعليه سأجتمع مع وزير الداخلية عند الساعة الخامسة والنصف، ومن المتوقع أن تكون قد اتضحت معالم الجريمة، وعلى ضوئها سنعرف كل الملابسات، وسأكشف عن أي معلومة لا تضر بالتحقيق بعد لقائي مع وزير الداخلية."
 

وشدد على أنه "لا يمكن التهكن بدوافع الجريمة، لأن توقيتها وطريقة قتلها تؤكد حقيقة واحدة أن هذه الجريمة مروعة ومأساة بحد ذاتها أياً تكن الأسباب. لذلك نحن نطالب اليوم بحماية الصيدليات وضبط الحدود ومراقبة تحركات الأجانب على الأراضي اللبنانية وحماية كل العاملين في القطاع الصحي. يدفع الصيدلي ثمناً غالياً هو الذي يسعى إلى تأمين الدواء وارشاد المريض في ظل انقطاع الأدوية، وهي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها القطاع الصيدلي في لبنان إلى اعتداءات وسرقات وحتى جريمة قتل كما جرى في العام 2000".

ما أحدثته هذه الجريمة في نفوس اللبنانيين يصعب وصفه بالكلمات، هو الخوف من الغد وغياب الأمن في مهنة تعطي الأمل والأمن للمريض. تعترف الصيدلانية الدكتورة نهاد سركيس في اتصالها مع النهار العربي أن "ما جرى فاجعة كبيرة وينذر بخطر حقيقي لاسيما أن هذه التعديات والسرقات ازدادت بشكل مطرد في الآونة الأخيرة وتدل على التفلت الأمني في البلد. يستحيل على كل زميل في الصيدلية أن لا يخاف بعد الذي حصل اليوم بغض النظر عن الدوافع، فهذه الصيدلية التي تتواجد فيها يجب أن تكون مصدر أمان لك وليس مصدر خوف، وللأسف بعد السرقات والاعتداءات والجريمة التي هزت لبنان بالأمس، بات الصيدلي يخاف على روحه وعلى عمله."

وأضافت: "الصيدلي صار إيدو ع قلبو"، هو الذي يخدم الناس ولم يقفل في وجه أحد أبوابه حتى في ظل انقطاع الأدوية لتأمين راحة المريض، يجد نفسه اليوم في دائرة الخطر لأنه غير محمي. لقد أقسمنا على خدمة الغير وحماية مجتمعنا، وعلى الجنرالات والسياسيين ضبط الأمن وأن لا يكون قسمهم منصباً على حماية طرف على طرف آخر. وكما أقسمنا على خدمة المريض على المسؤولين احترام قسمهم وحماية مواطنيهم وإلا فليستقيلوا ولا يكونوا شهود زور."
 
من جهتها، تؤكد الصيدلانية لوريت الياس الحاج لـ"النهار العربي" أن "ما "جرى صدمة كبيرة، لم نكن نتوقع حدوث هذه الجريمة الغامضة التي ما زالت ملابساتها غير واضحة حتى الساعة. لكن هذه الجريمة تثير الرعب في نفوس المواطنين وفي نفوس الصيادلة تحديداً، لذلك لن يكون أمامنا سوى اللجوء إلى الحماية الذاتية إلى حين تأمين الحماية الأمنية. وبعد أن كنا نخدم الناس في زمن كورونا من خلال النافذة، يبدو أننا سنعود إلى هذه الوسيلة إلى حين توفير الأمان".

وأشارت إلى أن "طريقة القتل مريبة، لقد بقيت المغدورة ساعتين قبل اكتشاف الجريمة، كثيرة هي الأسئلة لكن لا أحد يملك الأجوبة، في انتظار انتهاء التحقيقات. هذه الجريمة الثانية التي نشهدها في القطاع الصيدلي، أنا الذي أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 33 عاماً، لكن ما نشهده اليوم يثير الخوف والريبة، لم نعد نشعر بالأمان وعملنا يقضي خدمة الناس طيلة الوقت".

لا تبعد لوريت عن صيدلية ليلى سوى 150 متراً، وبرغم من أن دوامها يختلف عن دوامها إلا أنها صدمت عند تلقيها الخبر. وفي النهاية كما تقول لوريت: "البلد مفلس والناس الله يساعدها، ما في غير ربنا يخلصنا".

وفاة ليلى رزق هي صرخة جديدة لكل العاملين في هذا القطاع لتأمين حماية أمنية لهم في ظل التفلت الأمني والوضع الإقتصادي الرديء.
وتلبية لدعوة النقيب في الإضراب حداداً ، أضاء زملاء الصيدلانيّة المغدورة ليلى رزق شموعاً لراحة نفسها في أيّام القيامة. صلاة أمام صيدليّتها، حيث بقيت آثار دمائها شاهدة على هَول جريمة مروّعة.

اليوم صدحت أصوات الصيادلة وأصدقاء ليلى مطالبين بإنزال العقاب القاسي والسّريع بحقّ منفّذ الجريمة. كذلك طالبوا وزير الداخلية بسام مولوي بـ"إقرار خطة أمنية، لأنّ أمن المواطن أصبح في خطر، والأمن الدوائي في خطر أيضاً، وهذه الأزمة تطال المناطق المختلفة، وتحتاج إلى حلّ جذريّ".

نقلاً عن النهار العربي

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم