السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أدغال القبائل المعاصرة

المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
"كبر السبع وشاب، .....".
"كبر السبع وشاب، .....".
A+ A-
"كبر السبع وشاب، .....".
هرم الأسد، ملك الغاب، وتعثرت شؤون إدارة مملكته، التي غابت اللبوة أيضاً عن مراقبتها، ولم يكن له وريث ليعتلي كرسي العهد!
حصل تململ لدى حيوانات الغاب، وشاء كل فصيل الاستئثار بالحكم والولاية، فسادت الفوضى بينهم، وهددت وجودهم جميعاً.
دعاهم سبع الغاب الهرم جميعاً إلى عقد مؤتمر حوار في عرينه، ولبت جميع الحيوانات الكاسرة دعوته.
توصل المحاورون إلى توافق ضمني غير منصوص، بحيث ينتدب كل فصيل ممثلاً عنه في مجلس الأعيان، الذي تشكل من ضبع، وذئب، وثعلب، وإبن آوى، ونمر، وفيل.
مثل الضبع الحيوانات الآكلة للحوم، المنتمية لفصيلة الثدييات الكلبية المفترسة التي تعتمد في غذائها على تناول الجيف الميتة، وتتمتع بنظر حاد وسمع قوي.
ومثل الثعلب الفصيلة الكلبية التي تأكل الحيوان والطير والحشرات، وتمتاز بالمكر والحيلة والمراوغة والدهاء والاحتيال.
انتُدب الذئب عن فصيلة الحيوانات التي لا تأكل سوى اللحوم الطازجة، ويقارب تفكيرها تفكير الإنسان، وهي مضرب الشجاعة والدهاء، ونظر ثاقب، وحاسة شم في غاية القوة.
مثل إبن آوى فصيلة الحيوانات الليلية المفترسة التي لا تعوي إلا في الليل، وتتناول الحيوانات الميتة، والفواكه، وقد تأكل البشر، وتتمتع بالجري السريع.
مثل النمر فصيلة الحيوانات الإنفرادية التي تتجول منفردة في المساحات الواسعة التي تحدد نطاقها من خلال البول والبراز، لإعلام النمور الأخرى بأن هذه المنطقة محدودة!
مثل الفيل فصيلة الفيلة الأكبر حجماً، وصاحبة الجمجمة الكبيرة والقوية، والخرطوم الطويل، والأنياب العاجية الطويلة، تمتلك ذاكرة قوية، وتعتاش على الأعشاب والخضار.
جرى لقاء وحيد لمجلس الأعيان، توصل خلاله الحاضرون إلى اقتسام قطعان الغنم، ومساحات الحقول، وروافد الأنهار.
حال دون جلسة ثانية لمجلس الأعيان لاحقاً، حصول خلافات بين الفصائل، وتعديات على بعضها البعض، وانتشار الفوضى والفساد، نتج عنها جرحى وضحايا، شكلت موائد عارمة للضباع.
سطا الذئاب في وقت لاحق على زرائب قطعان الغنم والماعز، ما أدى إلى مجاعة عناصر عديدة من فصائل أخرى.
احتدمت النزاعات بين الفصائل، وساد الرعب والهلع في ما بينها، حتى ضربها "وباء أكلة اللحوم"، الذي أصاب جميع أكلة اللحوم، فنفقت جميعها، باستثناء الفيلة والماعز والغنم والدجاج، التي ارتاحت أساريرها وضمنت بقاءها وتكاثرها، وولت الفيل الأكبر عرش المملكة، التي استعادت الأمن والأمان.
ما أشبه كائنات الأدغال القديمة بكائنات الأدغال المعاصرة!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم