الخميس - 16 أيار 2024

إعلان

الفردية والجماعية في حدود التصنيف

المصدر: النهار - علي مهدي السيد
لطالما منح الدين والتديّن للشعوب العربية التفوق في النرجسية الفردية والجماعية التي تمنحهم ازدياد التفرقة والعدوانية تجاه بعضهم البعض بشكل ممنهج
لطالما منح الدين والتديّن للشعوب العربية التفوق في النرجسية الفردية والجماعية التي تمنحهم ازدياد التفرقة والعدوانية تجاه بعضهم البعض بشكل ممنهج
A+ A-
لطالما منح الدين والتديّن الشعوب العربيّة التفوّق في النرجسية الفردية والجماعية، ومنحهم التفرقة والعدوانية تجاه بعضهم بشكل ممنهج، فإننا نرى في الغالب أن تلك الجماعات المتفرقة باتت مغموسة بالدونية والتطرف. فمثلاً نرى أن شعوب البلاد الشرق أوسطية تتّسم بالغلو نحو التقديس الزائف لأنفسهم جرّاء ما يستقون من انتهاج ديني ومذهبي وعرقيّ، ولذلك ليس من الممكن بناء أيّ عقيدة مدنية لأوطانهم المتشتتة جراء ما تعانيه تلك الشعوب البائسة من تقييم لرجال الدين والدولة، فبات من المعلوم بأن الهيمنة النرجسية الجماعية نجحت بسطوتها في الاستيلاء العقلي والثقافي الممنهج ، ولذلك لا يمكن تفكيك تلك العقد المجتمعية إلا ببناء ثورات ثقافية تمنح لكل فرد حرية التفكك من الهذيان الديني الجماعي، والتوجّه نحو الاستقامة الفردية والتطلّع إلى مستقبل تتخطّى فيه تلك المجتمعات مسألة استعادة المطالبة في المساواة بين الرجل والمرأة .
يعتمد رجال الدين والسياسة على نظام التجويع العاطفي للمجتمعات الضعيفة والهشة من أجل التحكم بها عبر تلك العواطف، فمثلاً تجد المجتمع توّاقاً للأحكام الدينية على خلفية مرجعيات يلجأ من خلال رجال يهيمنون على التشريعات الدينية ليطلقوها لاحقاً على تلك المجتمعات بدافع الوصاية والتحكم، في حين أن أرضية تلك التشريعات بُنيت على أساس تخدير العقول وإلغاء دورها، فيما يستطيعون التحكم بها من كلّ جانب. ومن ناحية أخرى نرى منهجية التحكم تلك مبنية على التعاون المشترك بين رجال الدين ورجال السياسة جرّاء الاستحواذ الديني والسياسي على حدّ سواء، هذا ناهيك على إمكانية وجود رجل سياسة ودين في شخصية واحدة، فستجد الخنوع التام للمجتمع وأيضاً التقديس لها والطاعة المطلقة وانطلاء جميع أكاذيبه عليهم. لذلك فإننا لو أحكمنا القبضة على الميول العاطفية لدى المجتمع كالدين والسياسة بشكل ممنهج فإنك ستجد تفشي العدائية والهمجية في ما بينهم والتعصب في ظلّ غياب التعددية والديمقراطية، وبالتالي سنجد أوطانهم مبنية على الرجعية والغوغائية والفساد .
إنّ فكرة إلغاء العقل لا تقلّ رذيلة عن فكرة إلغاء الفطرة الإنسانية، وهذا يتبلور في السياسة الداخلية في لبنان، إذ أنّ الشعب اللبناني يتأرج بين الفكرتين من قبل سياسته العرجاء، بل ويتأرج العالم بأكمله بين الأنشطة السياسية النابعة من حبّ السيطرة والتملّك .
إنّ الشعب اللبنانيّ لا ينفكّ يعاني من التبعية السياسية والقبلية على أسس دينية بناها الديّانون السذّج، بحيث أصبح كلّ واحد منهم يتوهّم بأنّ الحقيقة تقبع بين جفنيه اللّذين يتأجج بصرهما على الزعامة والخلود، إذ أنّه يوهم العامة بأنّه يرى بعين الله التي ما فتئت تبصر على بعد أنفه جنة قد صنعها في الحياة الدنيا لنفسه وأخرى تنتظره ما بعد الموت.
إن جميع الآفات السياسية التي تحكم لبنان حري بها أن تحكم قطيعاً من الأغنام جراء فشلها في رعية قطيع من البشر، أمّا الآفات الدينية فقد تجدها على ما يمكن فهمه من خلال سلوكها العملي والواقعي بأنّها مدينة دائماً للشيطان، وقد تجدها أيضاً في كثير من الأحيان ذات طابع أخلاقي واجتماعي مزيف، ترعى من خلاله المجتمعات البسيطة كما يحلو لها من كلّ جانب، وذلك طبعاً بدافع الاستحواذ والتسلّط.






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم