الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

صور من طفولتي

المصدر: النهار - فيوليت عطية
كيف تلقيت الرسالة؟
كيف تلقيت الرسالة؟
A+ A-
كيف تلقيت الرسالة؟
استفقت هذا الصباح على صوت أختي الصغرى وهي تنادي: أخي، أخي، انهض، لقد كتبت عنك أمي في "النهار" عبر صفحة الفيسبوك. "اللهم اجعله خيراً"، فقلت في نفسي وأنا في مجد غفوتي "يا له من نهار" ماذا فعلت؟ ماذا كتبت؟ إنها أمي المجنونة أنا أعرفها. ماذا اسنفاضت عني؟ ماذا وصفتني؟ ماذا نسبت إليّ؟ يا إلهي هل أشركتني بنظرية فيثاغورس في نسب البناء؟ تفعلها، أعرفها. لا بد أنني صممت أهرامات مصر وأبديت رأيي بحدائق بابل قبيل التنفيذ، وأنجزت سور الصين العظيم . هل كتبت أنني أناطح "بوش" في نظرياته؟ ماذا كتبت، يا له من حرج لي؟ وتضاربت الأفكار في رأسي، لا بل كتبت عن رسالة الماجستر وهنأتني قبل أن أنجزها أصلاً، وقبل أن أقدمها، واستبقت الأمور وتسرعت لأنها تعرف أن ابنها "ذكي"، أكيد سوف ينجح بامتياز. هكذا هنّ الأمهات يحققن أحلامهن بأولادهن ويتسرعن بإعلان النتائج . ماذا أقول "ما لي ولك يا امرأة، لم تاتِ ساعتي بعد؟" بالفعل لقد كان صبوراً ومهذباً مع أمه يسوع.
وتوالت الأفكار المقلقة والمحرجة، فتثاءبت في السرير، وبوجع وصعوبة جريح الحرب استدرت في الفراش، تناولت الخليوي عن الطاولة جنب سريري، وأنا شبه نائم نقلت أناملي على شاشة الخليوي، فوراً إلى الفيسبوك.... بدأت أقرأ. آه، يا له من شعور؟ إن أمي ليست مجنونة أمي حنونة، أمي ليست متسرّعة أمي تغنجني تعود بي لأحلى الذكريات تنعشني، تداعبني، تتغزل بضحكتي تلامس مشاعري بأرقى الكلمات المعبرة والبسيطة. أمي ما زالت تغنجني كما لو كنت طفلها الصغير المدلل.
وعادت بي الذكريات إلى أيام الطفولة. شممت رائحة الصنوبر والزعتر بجوار منزلنا الريفي. وجدت نفسي أركض مع أترابي في الحقول المجاورة نتسابق في قطف أزهار اللزاب والأقحوان، نلعب الغميضة.
وتذكرت كم كانت أخطائي مغفورة عند أهلي، نزلت ذات يوم ربيعي دافئ إلى الحديقة المنزلية أنا وأختي التي أكبرها بسنة وأربعة أشهر، وكانت المسكبة خضراء جميلة تدعونا الى اللعب والقفز فقلت : "هيا يا أختي هيا الى الغازون". وكان ما كان لعبنا وقفزنا و"تمرمغنا" بمساكب البقلة والبصل والبقدونس وهرجنا ومرجنا..... وعندما نظرت أمي من شباك المنزل لترى فرحة أولادها بالطبيعة الجميلة كانت الكارثة قد وقعت.
أما الضرب الثاني البالغ الأهمية فقد أنجزته لوحدي، وهو أنني نزلت ذلك اليوم الصيفي عند المغيب إلى الحديقة وفتحت حنفية المياه ولعبت كعادتي بالمياه وانتعشت وعدت إلى البيت دون أن أقفلها. وفي اليوم التالي "تصحّر المنزل". عرفتم ماذا؟ ولا نقطة ماء في عزّ الصيفية. إذا استرسلت في الذكريات هناك الكثير أرشفها نفحات جميلة من طفولتي ولاستغرقت أياماً وأياماً وأوراقاً ودفاتر كثيرة. ولكنني محدود بالوقت، عليّ النهوض فوراً من السرير والإسراع إلى دراستي.
شكراً أمي على هذه الرسالة الجميلة. أمي كانت صبورة ومتفهمة أن #الطفولة يجب ان تأخذ حدها.
أتوجه بالمعايدة المبكرة لكل الأمهات، إذ كل يوم في السنة يعتبر عيد الأم.
اصبروا على أولادكم. دمتم أمهات جميلات.
كل عيد وأنت أجمل ماما.
ابنك روك

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم