الملل

الروتين والملل هما الرداء الخفي الذي يلبسه أخطبوط الشر ويتسلل به إلى حجرات الذهن في لحظات خمول الفكر، ويرسم على جدار المشاعر اللوحات التي لا يتحكم بألوانها العقل ولا تقبلها المبادئ في أعماق الإنسان، ولكنه يستغل خمول الإدراك وكسل الفكر فيرسل في الجسد إشعارات من الفرح مدسوس بسم الشهوة يبقي العقل نائماً والجسد في يقظة مترنحة تجعله يسير حسب أهدافها. لذلك عندما يغلبنا الملل، يجب أن نزيل غبار الخمول لنوقظ الذهن وننهاه عن التباطؤ وفقدان طاقة الحياة، فنتذكر أهمية الوقت في حياتنا، وقيمة وجودنا في هذا العالم، وكم هي ثمينة اللحظات التي نهبها للخالق بالصدق والإيمان، بالمحبة، بالصلاة والحديث معه. كما علينا أن ندرك كيفية تعويض النقص الكبير في القراءة والثقافة، في الرياضة والفنون على أنواعها، فلا نقع فريسة الأخطاء الجسيمة، ونصبح مأسورين لمشاعر الشهوة ومدمنين للمخدرات، ويسيطر علينا اليأس حتى نفقد حب الوجود ونقرع باب الموت بمطرقة الانتحار الجسدي والنفسي.
خلق الله كل جمال وإبداع في الأرض لأجل الإنسان، وجعل في أعماقه ما هو اكثر جمالاً وحذاقة ومهارة. لذلك مهما غلبتنا المصاعب ومهما كسرتنا الأقدار وألسنة الناس المقيتين الجاهلين، علينا أن نعلم دوماً أن الله يحبنا، لذلك وجدنا في هذا العالم لنكون نوره ورسل الخير وجنوده الطيبين في مواجهة كل ما يقتل النفوس ويزرع الشر في دنيانا. ودوماً ما بعد الليل يأتي الصباح وتشرق شمس الانتصار على حنايا روحنا.