الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لبنان مريض "بالاحتراق الوطني"...

المصدر: النهار - كاتيا سعد - فرنسا
هل تساءلتم يوماً ما الذي يعانيه لبنان؟
هل تساءلتم يوماً ما الذي يعانيه لبنان؟
A+ A-
هل تساءلتم يوماً ما الذي يعانيه لبنان؟ من جهةٍ يعاني بسبب فساد حكّامه، ومن جهةٍ أخرى هناك فساد شعبه. اتّحد الإثنان، حتى انهار الوطن قلباً وقالباً، وبات مريضاً نفسيّاً يحتاج إلى علاج نفسيّ، ليتأقلم مع منظومة سياسية فاشلة أوصلته الحضيض؛ وليتحمّل انتهازية مواطنين دفعته إلى الظهور بحال من الازدواجية في نمط العيش لدى أبنائه.
صحيح كما يقول البعض "بس إنتي عايشي برا، ما بتعرفي شي".. ولكن ليس صحيحاً أنني لست على دراية بشيء، فما أنا على معرفة به هو ما يدفعني إلى التشديد على "فساد الشعب"، بل ونفاقه. وأنا في الغربة، أرى الصورة بشكل مغاير، بشكل حقيقيّ. أراها بطريقة تُجبرني على أن أقول لأمي ولأبي: "ما لازم تنقّوا ع الوضع، بعدكن أحسن من غيركن.. إذا اعتزتوا شي، فينا نأمّنو..". بالتأكيد ليست الجملة الأحبّ إلى عقلي وقلبي، ولكن هذا واقع. فأنا أنظر إلى أبعد من نفسي، إلى هؤلاء الذين يناشدون يومياً من هو في الغربة من أجل دواء، لأنهم عاجزون عن تأمين ما هم بحاجة إليه في الداخل، وليس لديهم أفراد عائلة في الخارج.
ولكن – اليوم - الوطن أصبح مريضاً إلى جانب الشعب. هو مريض بالاحتراق الوطني، الشبيه بالاحتراق الوظيفيّ أو burn out، الذي يعاني منه المواطن في عمله. لقد تكدّست الضغوط على لبنان من سوء إدارة أهل السياسة، ومن إهمال الشعب، وبالتحديد الفئة التي ما تزال تصفق لهذا الزعيم أو ذاك، وتؤمن بأن لبنان "سيعود"، على يد هذا الحاكم أو ذاك النائب.
لمجرّد أن نكون نحن كمغتربين سترة نجاة للبنان، وخوذة ليحمي اسمه من "القذائف" الوظيفية والكلامية التي تنهار على كيانه، إذاً هو مريض نفسيّاً أكثر من الدمار الذي تفشّى في كلّ إداراته، بفضل حكّامه.
لمجرّد أن العديد من اللبنانيين يأبون أن يتنازلوا عن mode de vie، من: سهرات، سيّارات، مدبّرات منزل، حفلات أعياد ميلاد، صيحات أعراس، وغيرها من المناسبات.. إذاً فلبنان يعاني نفسياً من عجرفة أبنائه، الذين يستمدّون قوتهم من الكماليّات.
اليوم - مع الأسف يتعادل الحكّام مع بعض أفراد المجتمع في إهلاك الوطن. اليوم - مع الأسف - بعض التجّار وأصحاب المصارف والصيادلة و..و..و.. هم إنسان برتبة "بورصة". يتحكّمون بمصير شعب "ضعيف" مستعدّ لأن يخضع لقانون الفرد، من أجل أن يحصل فقط على ما يريده. مثال على ذلك: قد يقرّر صاحب "الموتور" أن تكون تكلفة الاشتراك 400.000 ليرة، بشرط ألا تكون التعرفة "الرسمية"، ولكن هو "حرّ"؛ وإلا "إنتي حرّة يا مدام / يا أستاذ، ما تشتركوا عندي!".
أتأسّف على شعب سمح بنفسه أن تنتقل عدوى السياسي، إلى شخصه، وأن يُصاب بالعُقم الوطني، ذاك الذي يمنعه من أن يتمتّع بحسّ الوطنية؛ وبذلك يساهم في إذلال الوطن، وبشعور شريحة من اللبنانيين بالخجل، لمجرّد أننا أصبحنا "مهزلة" على خريطة العالم، ومجرّد "مساكين" في نظر الخارج.
ما أجمل لو لم تأتِ "شهرة" لبنان على هذا النحو!
بصراحة، بات كلّ العالم يعرف أن ثمة بلداً اسمه "لبنان". ولكن هل تعلمون أن كلمة "حرام اللي عم يصير.."، ونظرة الشفقة، لا نُحسَد عليها؟
أمّا إلى ذاك المواطن الذي يحسدنا على كوننا في الخارج، فتعلّم قليلاً أن تتقشّف، واستنر قليلاً من نمط حياتنا في الخارج، فلربّما حينها تعرف أننا كي نعيش، نتمسّك بالأساس لا بالكماليّات.
هل ما يزال اللبناني الذي يتمتّع بحكمة وذكاء، يصدّق أن الإصلاحات آتية؟
وإن نهضنا، فهل سيكون ذلك على أيامنا؟
علينا بتصديق ذلك لأن العدالة الإلهية موجودة، لترأف أولاً بلبنان، وثانياً بفئات مجتمعه المظلومة...
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم