الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تكامل أم مساواة؟! العلاقة بين المرأة والرجل في الإسلام

المصدر: النهار - سوسن الشريف – مصر
سأل أحد المذيعين ضيوفه سؤالًا مباشرًا: "هل ترى أن الإسلام يؤيد المساواة بين الرجل والمرأة، أم يرسخ فكرة التكامل بينهما؟"
سأل أحد المذيعين ضيوفه سؤالًا مباشرًا: "هل ترى أن الإسلام يؤيد المساواة بين الرجل والمرأة، أم يرسخ فكرة التكامل بينهما؟"
A+ A-
سأل أحد المذيعين ضيوفه سؤالًا مباشرًا:
"هل ترى أن الإسلام يؤيد المساواة بين الرجل والمرأة، أم يرسخ لفكرة التكامل بينهما؟"
شكل الضيوف فريقين، أحدهما ينتمي إلى التيار العلماني المتحرر، والأخر إلى الإسلام الوسطي دون تشدد أو تفريط، ولا ينتمون لأي تيار أو فصيل سياسي. طريقة إلقاء السؤال المفاجأة والسريعة، وطلب المذيع الإجابة في كلمة واحدة أصابت الفريق الثاني بالارتباك، أمام رغبتهم في إظهار الإسلام بشكل إيجابي وعادل، عكس ما يثار عنه، بالإضافة إلى ذلك الأداء الذي صار عادة لدى المسلمين حيث الوقوف موقف الدفاع، ورد الشبهات بشكل دائم مما يعيقهم عن التفكير.
وأمام إصرار المذيع على الاختيار بين كلمتي "مساواة أم تكامل"، تقهقرت الأصوات وارتجفت وهي تقول "مساواة"...
ولم تكن هذه الإجابة الصحيحة بل هي ما أجبرهم عليه حضرة المذيع، كي لا يسيئوا إلى الإسلام، وقد أصر طوال الحلقة على توجيه الاتهامات وترسيخ صورة سلبية حول أن السعي نحو "التكامل" بين الرجل والمرأة، ينتقص من معنى وأهمية "المساواة" بينهما.
ولأن السؤال في أصله خطأ، تبعته إجابات خاطئة ...
فلا مجال للمقارنة بين مفهومي "المساواة"، و"التكامل" فيما يخص الرجل والمرأة في الإسلام، فالمرأة والرجل متساويان في الحقوق والواجبات، ومتكاملان في الأدوار، وتدل كثير من آيات القرآن الكريم على هذه المساواة في الثواب والعقاب على الأفعال.
والمميزات التي نرى أن الله خص بها الرجال، مثل القوامة، في أصلها حقوق مكتسبة تتطلب القيام بمسؤوليات وواجبات محددة، لو لم يقم بها لا يستحقها، فليس كل مولود "ذكر"، يستحق لقب "رجل" بما له من حقوق ومميزات. وعن الآية الكريمة ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾ (البقرة: 228)، من خلال تتبع أراء المفسرين توصلت الدكتورة أميمة أبو بكر إلى أن هذه الدرجة مرتبطة بالطلاق، وليست مرتبطة بالقوامة كما هو شائع، بل ويسبقها التقرير الإلهي بالمساواة في الحقوق والواجبات في قوله تعالى ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة: 228).
وبعض المميزات ابتلاء، مثل "تعدد الزوجات"، فلو لم يحقق الرجل العدل بين زوجاته، وظلم أيًا منهن، وظلم أبناءه، فقد تعددت الأحاديث والآيات التي تنذره بعقاب أليم، فيقول الله تعالى ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (النساء: 129)، أي أن هذه الرخصة يجب استخدامها بحرص شديد، وليس بذلك الاستسهال المنتشر حاليًا.
وعن أن أصل الطلاق بيد الرجل، فقد منح الله المرأة حق تطليق نفسها، إما بجعل "العصمة" في يدها، وبذلك يتم الطلاق وتحتفظ بكل حقوقها، أو بـ"الخلع"، وفيه تتنازل عن كل حقوقها ما عدا المهر ترده له، وهذا لا يتضمن تنازلها عن حقوق أبنائها من نفقات ومسكن وتعليم. وهذه من صور المساواة بينهما في الإسلام، وربما من حوّلها إلى ظلم وإجحاف للمرأة هي القوانين المستوردة من القانون الفرنسي، فجعل المرأة عند طلب الطلاق تلجأ إلى المحكمة، وترفع قضية "طلاق للضرر"، وتأخذ أعوامًا وأعوامًا لتحصل على ما أحله لها الله. لتظل حياتها طوال هذه الفترة مُعلقة، لا هي متزوجة ولا مطلقة، وتُستنزف أموالها وجهدها وعمرها، بينما يمكن للرجل الزواج والإنجاب وتأسيس حياة جديدة، وهو ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه بشدة في الآية الكريمة ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء: 19).
وهذا من الأسباب الأساسية لكثرة اللجوء إلى الخلع، ورغم وجود له سند في القرآن الكريم في الآية ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (البقرة: 229). ودليل من الأحاديث الشريفة، فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس "أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة." (البخاري: 5273)
إلّا أن البعض ما زال يشكك في مشروعية وشرعية الخلع، فقط لاستنكار أن تكون للمرأة حقوق مساوية في الطلاق، ورغم المفترض الفصل فيه بسرعة، إلا أنه صار يمتد لأكثر من عامين لتحصل المرأة على الطلاق، رغم أن أنهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأمر بحسم ودون مماطلة، كما يحدث الآن.
هذه نماذج قليلة لعلنا نعرف من السبب في عدم تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم