الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نهارٌ قاسٍ...

المصدر: النهار - محمد حسين
كان نهاراً قاسياً يحملُ أثقالاً خبَّأها على مرّ السِّنين بينَ انحناءاتِ الفصولِ الهاربةِ من شدَّةِ الوجعِ.
كان نهاراً قاسياً يحملُ أثقالاً خبَّأها على مرّ السِّنين بينَ انحناءاتِ الفصولِ الهاربةِ من شدَّةِ الوجعِ.
A+ A-
كان نهاراً قاسياً يحملُ أثقالاً خبَّأها على مرّ السِّنين بينَ انحناءاتِ الفصولِ الهاربةِ من شدَّةِ الوجعِ... الفرحِ.. ليلقيَ بها فوقَ مساماتِ ذاكَ الجسدِ النَّحيلِ المسكونِ بالوردِ...
لمْ يكنْ يعلمُ صاحبُ الجسدِ المتوهِّجِ من شدَّةِ حرارةِ الأوجاعِ أنَّ هناك َمن شكَّلَ هذا اللِّقاءِ التراجيديِّ بعنايةٍ،
بدا المكانُ يضيقُ بهِ رويداً رويداً،
شعرَ بنقصٍ في الأوكسجين، غادرَ مربَّعَ ظلِّه، شاهدَ مساحاتٍ شاسعةً من الأشواكِ ارتدَتْ وجهَ الأرضِ عجزَتْ عيناهُ عن معرفةِ آخرِها.
وقفَ يداعبُ رأسَ المكانِ، يضغطُ عليه بكلتا يديه حتى تصبَّبَ العرق من وجنتيه.
ابتعدَ عنهُ برهةً ثمَّ عاودَ الضَّغطَ بشكلٍ خفيفٍ على فكِّيه، كانَ يريدُ أنْ يُدخِلَ بعضَ الجثثِ التَّائهةِ بينَ الأشواكِ في فمِه لكنَّ شفتيه التصقَتْ مع المدى،
حاولَ مرَّةً أخرى أنْ يشقَّ المدى بصوتِه لكنْ دونَ جدوى،
بدأ العرقُ يسري من تحتِ قميصِهِ يمنحُهُ لحظاتٍ باردةٍ عندما تفتحُ الشَّمسُ جفونَها أمامَ الرِّيحِ،
خرجَ جلالٌ من فضاءاتِ المكانِ أمسكَ بيدِ ضحى شدَّها نحو ظلِّ شجرةٍ وسطَ الصَّحراءِ المتراميةِ،
جلال: أريدُ منكِ أنْ تنظري إلى هذا الدَّمارِ وتعيدي بناءَهُ من جديدٍ .
ضحى: كيف؟
جلال: تخيَّلي المشهدَ كيفَ كانَ قبلَ الدَّمار...
ضحى: أعتقدُ أنُّه كانَ يشبهُ إلى حدٍّ كبيرٍ وجهَ الدَّمارِ الحاليّ...
جلال: كيف، لقد كانَ البناءُ والمحيطُ سليماً يبدو أنَّ أشعَّةَ الشَّمسِ أخذَتْ من رأسِكِ برودتَهُ فأصبحَتْ تهذي...
ضحى: لا لم أصب بشيء؛ أنا أتحدَّثُ عن الإنسانِ الَّذي دمَّرَّ هذا المكانَ لو كانَ معافى لما دمّرَّه، كثيرٌ منَ الأشخاصِ الَّذين يدمِّرون ظلَّ اللّهِ على الأرضِ (الحبّ..الجمال..الرّحمة..الإنسان..الخ )
جلال: لماذا تحاولين الخروجَ عن الموضوعِ أيُّتها السَّاكنةُ فوقَ جرحِ البنفسجِ
ألمْ تُعجبْكِ أحمالي الّتي رافقتني عبرَ السِّنين ...
أمْ أنَّكِ لا تريدينَ مشاركتي بوضعِ المصابيحَ أمامَ أعينِ الأوراقِ السَّوداءِ الَّتي أحملُها من خزائنِ الواقعِ الشِّريرِ ..
ضحى: لا أعلمُ ماذا أقولُ لكَ ياسيِّدَ النَّهرِ الدَّافقِ نحوَ بطنِ النَّهارِ المملوءِ برائحةِ الرَّغباتِ،
جلال: لا تقولي شيئاً...
لنعدْ إلى لهفةِ العشقِ الممنوعِ الَّذي تسلَّلَ من بينَ عقاربِ السَّاعةِ عندما أوشكَ الوقتُ على النَّفاد في مسابقةِ الوقتِ الَّذي قصمَ ظهرَ الوقتِ ومضى بتلويحةٍ خائفةٍ من خلفِ ظهر ِ النَّهارِ...
يبدو أنَّ كلَّ ما خُطِّطِ لهُ في سنواتٍ قدْ غيرهُ القدرُ في لحظاتٍ عندما رَتَّبَ لكِ مشهداً مختلفاً ...
ضحى: كيف..؟
جلال: لا أعرفُ ..
ضحى: أنتَ تريدُ أن تقولَ لي أن القدر سيعيدُ بناءَ دمارِ ظلِّ اللَّهِ على الأرضِ عبرَ هندسةِ الرُّوحِ النَقيةِ....
جلال: أجل...
نحنُ في الطَّريقِ إلى تلكَ الهندسةِ الَّتي ستغرسُ بذارَها في جوفِ الأرضِ لتزهرَ ثوباً أبيض بلونِ الصَّباحِ ...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم