الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

سنة بعد ٤ آب: الأهالي والانتفاضة من الصدمة إلى الاصطدام مع السلطة؟

المصدر: "النهار"
مرفأ بيروت.
مرفأ بيروت.
A+ A-
كتب غسان صليبي:  
 
استغربنا بعد انفجار المرفأ وما نجم عنه من قتلى وجرحى وتدمير ونزوح، كيف أن الانتفاضة استكانت بدل أن تتوسع وتأخذ طابعا أكثر صداميةً. لم ننتبه أننا كنا في مرحلة ما يسمّى باضطراب ما بعد الصدمة.
 
"يسبق اضطراب ما بعد الصدمة استنادا إلى تعريف الاضطراب، حادث واحد أو عدة حوادث كارثية أو تهديدات استثنائية. ليس من الضروري أن يكون التهديد هذا موجها إلى الشخص ذاته، بل يمكن أن يكون موجها إلى أشخاص آخرين (مثلا إذا كان الشخص شاهدا لحادث خطير أو عمل من أعمال العنف). تظهر الأعراض النفسية والجسدية لاضطراب ما بعد الصدمة عادة في غضون نصف عام بعد الحدث الصادم. يؤدي الحادث الصادم إلى اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وإلى تشكل أحاسيس العجز لديه". 
 
بعد مرور سنة على الانفجار يمكننا معاينة أعراض نفسية وجسدية واهتزاز اكيد لفهمنا لذواتنا وللعالم من حولنا، وأكثر من كل ذلك، يمكننا بسهولة تلمس إحساس متصاعد بالعجز.
 
ترافقت الصدمة مع اكتشافنا أن الخصم الذي كنا نواجهه إبان الانتفاضة ليس سارقا وفاسدا فحسب، بل هو قاتل أيضا، للناس وللعاصمة وللوطن. تَحوُّل الخصم بين ليلة وضحاها إلى قاتل، لا بد أن يغيّر مسار المواجهة أو يلجمه دون الإعلان عن أسباب ذلك.
 
تصاعد المواجهة اليوم بين أهالي ضحايا المرفأ وأركان السلطة، بعد صدور استدعاءات القاضي البيطار لبعض المسؤولين السياسيين والامنيين، وممانعة المجلس النيابي ووزير الداخلية عملية استجوابهم، يطرح تساؤلات حول حجم اصطدام الأهالي بالسلطة، وموقف مجموعات الانتفاضة من هذا الاصطدام المحتمل.
في اعتقادي أن تقاطع قضية أهالي الضحايا مع قضية الانتفاضة بشكل عام، كفيل بمد الحراك ككل بمصادر قوة، اريد في هذا النص أن ألفت الانتباه إليها. 
اولا: المعاناة الكبرى واللغة الاوضح والاندفاعة الاقوى لأهالي الضحايا، كفيلة بإعطاء بعض الزخم والرؤية للانتفاضة.
 
ثانيا: انفجار المرفأ جمع عمليا بين الهم الوجودي والمعيشي والاقتصادي والوطني (تدمير العاصمة)، وهذا ما حاولت الانتفاضة فعله نظرياً.
 
ثالثا: "كلن يعني كلن"، ضُبطوا بالجرم المشهود، بعدما وجد الشعار تجسيده في تواطؤ المنظومة كلها تقريبا، ومسؤوليتها في تفجير المرفأ. من ادخل النيترات ومن استخدمه، ومن سكت عنه خوفا أو طمعا بتبادل الخدمات التي يوفرها المرفأ.
 
رابعا: الانقسام داخل الانتفاضة حول مسؤولية سلاح "حزب الله" عن الأزمة العامة في البلاد، لا يجد له مبررا في قضية انفجار المرفأ حيث التعاون واضح بين أصحاب السلاح وأصحاب المواقع الدستورية، السياسية والأمنية والإدارية.
 
خامسا: تقاطع الأمني والسياسي والاداري في انفجار المرفأ، يشير إلى وجود "نظام" متماسك، ليس بالضرورة هذا "النظام" النظري الذي تتكلم عنه الانتتفاضة، بل هذا "النظام" المتحقق على أرض الواقع بفعل الممارسة، والذي يشكل السلاح جزءا منه.
 
سادسا: جرى الخلط في مجموعات الانتفاضة بين مسببات الأزمة (النظام السياسي، النظام الاقتصادي، مصرف لبنان، المصارف) والمسؤولين بحسب الدستور عن إيجاد حلول لها، فكان الضغط في جميع الاتجاهات، مما شتت الانتفاضة وأضعف قدرة الضغط على الذين بيدهم اتخاذ القرارات بحسب الدستور. انفجار المرفأ، بسلوكه طريق القضاء، وبإشارته الواضحة إلى مسؤولية أصحاب القرار، كفيل بتصحيح مسار الانتفاضة وجعلها توحد الجهود وتركز أكثر على تحقيق مطالبها.
سابعا: معركة رفع الحصانة عن أعضاء المجلس النيابي استجابة لطلب أهالي الضحايا، تأتي في مرحلة إعداد الانتفاضة للانتخابات النيابية، وتوفر بالتالي فرصة نادرة للضغط على النواب الحرصاء على مواقعهم.
 
ثامنا: بعد اعتذار الحريري عن عدم تأليف الحكومة، وبعدما دلت الممارسة إلى تعذر فرض حكومة مستقلة من قبل الانتفاضة، يصبح توحيد الأهداف بين الانتفاضة وأهالي الضحايا مسؤولية انسانية ووطنية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم