17-01-2022 | 15:06

رسائل شفهية إلى مَن لا يهمّه الأمر

مصطفى علوش / كاتب سوري

تصريح لله يا محسنين

اكتشفنا وسوف نكتشف قريباً، نحن السوريين، أن وضعنا السياسي عموماً يصلح ليكون مادة تشريح في كليات العلوم السياسية في العالم الغربي، بعد استعصاء المأساة السورية، واستمرارها، وتعفّنها إلى درجة أن اليأس من إمكان التغيير السياسي لم يعد يستدعي حتى تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة. لسوء حظنا سياسياً أن جوارنا يكاد يكون مثلنا منكوباً إلا قليلاً، وخصوصا لبنان!

إدمان اليوتيوب

منذ حين، أدرك عدد من السياسيين السوريين المعارضين أهمية اليوتيوب كمنصّة إعلاميّة، وبدأ أحد هؤلاء بنشر أفكاره وتحليلاته واستراتيجياته على منصّته تلك؛ ولو صدقت تنبوءاته التي حكاها لنا منذ عام عن انتهاء عهد بشار الأسد لكنّا الآن في وضع سياسي آخر في سوريا، خصوصاً أنّه ادّعى أن لديه معلومات، في تسجيل سابق. ومن آخر إبداعات هذا السياسي أنه ذهب طوعاً إلى محكمة كوبلنز في ألمانيا، حيث تجري محاكمة أحد ضباط الأسد (أنور. ر)، وصرّح لهيئة المحكمة بأنّ محاكمة هذا الضابط تَحْدُث فقط لأنّه شخص ينتمي إلى الطائفة السنيّة في سوريا، في محاولة فاشلة سلفاً وبائسة للدفاع عن المتّهم. إنّها العصفورية السياسية السورية من دون منازع!

خطابات "العهد القوي"

أتابع عن سابق قصد وتصميم خطابات "العهد القوي" في لبنان، والسبب ليس فقط، وحسب التربية البعثية أننا "سوا ربينا"، إنّما لأني أختبر قوّة صبري، ومدى إمكان التحمّل لديّ، كلّما أطلّ الجنرال في خطاب جديد، ومحتواه الكلي النهائيّ أنهم ما خلّونا نعمل إصلاح. هذه الـ"ما خلّونا" تعود صيغتها إلى المبنيّ للمجهول، ليتمّ فهمها على أن هناك أشباحاً قادمة من كوكب الزهرة تمنع الجنرال من البدء بالإصلاح!

الإصبع المرفوعة والصواريخ

أعتقد أن نبرة الأمين العام لـ"حزب الله" المترافقة دائماً مع إصبع مرفوعة، وصوت صراخيّ يصلح كأسلوب لتعميم الاكتئاب الكامل، توحي باقتراب يوم القيامة أو بداية حرب أهليّة على أقلّ تقدير، يُمكن وصفها بالصاروخيّة. وفي حال سمحنا لأنفسنا بأن نحاول تحليل الخطاب سياسيّاً مع رسائله ستكون النتيجة كما أعلن حضرته قبل وقت قصير أن لديه مئة ألف مقاتل وبقيّة الحكاية لا تحتاج إلى سرد. الحقيقة أن احتلالاً صريحاً بهذا الشكل، لم يعد يحتاج إلى خطابات صاروخيّة من سيادته، إنما يحتاج فقط إلى بناء سجن حقيقي، حول حدود لبنان، وإعلانه محمية كاملة لصالح الحرس الثوري الإيراني. وبعدها، يُمكن لمهرّجي السياسة اللبنانيين أن يجدوا تفسيرات نفسيّة لصهر الجنرال في خطاباته المحتميّة بإصبع الأمين العام لـ"حزب الله" وصواريخه.

حلف الممانعة والمقاومة

من أجل دعم حلف الممانعة، يجري التحضير عند نظام الأسد لتوسيع قانون الجرائم الإلكترونية، حيث يُصبح التعبير عن الهموم العامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي شبه مستحيل، لا سيما أن القانون المذكور يُمكن عبره محاكمة الناس بمفعول رجعيّ، أي سوف يُثبتون تهمة "وهن نفسيّة الأمّة" لكلّ من تسوّل له نفسه انتقاد حتى رئيس بلدية فاسد في ريف دمشق. سيكون إقرار القانون إياه من أهمّ ما وعد به بشار الأسد المُوالين له بعد انتخاباته الأخيرة.

وجوه السياسيين

لا أعرف كيف لم يخطر على رسّامي الكاريكاتور السياسيّ في العالم العربي البدء بحملة فنيّة لرسم وجوه سياسيي الممانعة والمقاومة، خاصّة نوع "العهد القوي". على أقلّ تقدير سيجدون في تلك الملامح ما يُمكن تسميته بالوقاحة التامّة، أو القباحة التامّة، أو اليأس التام. بذلك، قد يطوّر الرّسامون قدراتهم الفنيّة، ويُمكن في الوقت نفسه رفع مستوى شراء حبوب الضغط من الصيدليات، لأن رؤية تلك الوجوه تحتاج إلى حبّة تحت اللسان حتى لا تؤدّي تماماً إلى هلاك المشاهد.

اللغة العربية الحزينة مثل الشعوب

يُعجبني أولئك المهتمّون باللغة العربية، خاصة في سعيهم الدائم لفصل اللغة عن الحياة نفسها. ويُعجبني فيهم استبسالهم في الدفاع عن قواعد اللغة ومفرداتها بينما يتناسون أن أوّل من اغتصب اللغة العربية هم الحكّام العسكر الأبديون وإعلامهم؛ فالفساد عندهم من دون فاسدين، والقتل من دون قاتلين، والإجرام من دون مجرمين. لا بل أسوأ من ذلك، القاتل والمتّهم نفسه يُريد قبع القاضي والقضاء، ويُشكّل مظلّة حماية لكلّ قاتل يحتمي باسم القاتل الأكبر.

على سبيل الدعابة

لا يزال هناك في سوريا الأسد حزب يُطلق عليه حزب البعث العربي الاشتراكي. من اسمه، يُمكنك - يا عزيزي - قراءة أهدافه. ومن أهداف منظّمة الطلائع التابعة له، لا بل من أهداف الطليعيّ بعمر 11 عاماً: بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحّد والدفاع عنه. ويسألونك حتى الآن، لماذا تموت الناس من القهر في سوريا؟

نوع كبتاغون

لا نحتاج إلى كثير من الجهد لشرح مدى الارتباط بين نظام الأسد وتجارة المخدرات، فمتابعة نشرة أخبار واحدة على الإخبارية السورية مع تحليلها السياسي يجعل المشاهد يدوخ، وكأنه تناول للتوّ حبّة كبتاغون.