السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

لقمان "الحكيم" سليم.... العصي على الموت

لقمان سليم.
لقمان سليم.
A+ A-
مكرم رباح
 
إلى صديقي سعيد الجن

"أكتب لك بدموعي لإعلامك عن اغتيال صديقنا ورفيقنا المناضل لقمان محسن سليم الذي تمت تصفيته بسلاح الغدر وهو في طريق عودته من الجنوب بعد سهرة سمر وخمر طويلة.... البقاء لك والرحمة لحبيبنا لقمان".

"سعيد الجن" هو الشخصية الوهمية التي خلقها صديقي ورفيقي المناضل لقمان عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليتكلم عبره ويهزأ من مواقف الحياة اليومية والمآسي السياسية التي نعيشها في لبنان والمنطقة.

مَن لا يعرف لقمان محسن سليم لا يعرف ما هو معنى الشجاعة، ومَن لم يقرأ رسالة بريدية له مكتوبة باللغة العربية الفصحى مع التحريك والبلاغة المميزة لا يعرف ماهية العقل المتنور والنقدي والصوت الذي لا يهاب ولا يخاف الجدل والمطالبة ببلد يليق بنا وبكل الشعب اللبناني، بلد خالٍ من سلاح الغدر وسلاح الفساد.

اغتيال لقمان هو رسالة واضحة موجهة إلى كل الشعب اللبناني مفادها أن جبنه وصمته عن قول الحق والوقوف إلى جانب لقمان هو السبب الأساسي وراء تدمير مدينة بيروت في انفجار المرفأ في الرابع من آب (أغسطس) المنصرم. ومن سخرية القدر ربما أن يُقتل لقمان في ذكرى مرور ستة أشهر على تدمير بيروت من قبل الأمونيوم غير الصالح لجهادهم الزراعي.

قد تكون الرصاصات التي استقرت برأس صديقي في منطقة النبطية بداية لحملة القتل والتخوين لأمثال لقمان من الشجعان الرافضين للتشبيح المعنوي ولعملية اقتلاع شيعة لبنان من بيئتهم العربية وتغيير وجه لبنان ليصبح بؤرة ظلامية تشبه قلوبهم السوداء المتعطشة لإراقة الدماء.

لقمان سليم، الناشر والمثقف والناشط والمُعلق والإعلامي وصديقي بالدرجة الأولى، تشرفت بمرافقته في ساحات النضال على مرّ العقدين المنصرمين وتعلمت منه عدم تحييد البوصلة عن الهدف الحقيقي وعدم قبول أنصاف الحلول ولو أتت حديّة الموقف على حساب خوف الناس وعزلهم لنا.

صديقي لقمان الحكيم والشجاع والفصيح والساخر من الموت، لقمان الذي يحتسي الويسكي ويطلب النيكوتين ويسامر ويسهر حتى طلوع الفجر هو صورة المثقف اللبناني والعربي. صوته وابتسامته لن نستبدلهما بصورة جثته الهامدة ورصاصات غدرهم.

سأشتاق لك ولعقلك وصداقتك وللسهرات في منزلكما أنت والعزيزة مونيكا، وإلى مخططاتنا ومشاريعنا لحفظ الذاكرة والأرشيف من أجل إعادة تشكيل ذاكرة وطنية جامعة تؤسس لبلد يليق بك وبعقلك المتنور وشجاعتك المتناهية. أكتب مقالي هذا وأنا أتألم لأنني لن أسمع هذه المرة صوتك الهادئ بعد قراءتك له وإبداء إعجابك ونصائحك كما جرت العادة.

ورغم الحزن والدموع، لا استطيع إلّا أن أبتسم وأنا أتخيل لقمان وهو يواجه ملائكة الموت منكر ونكير وهما يحاولان اختبار عمق إيمانه، بل وأتأمل حنكته وعقله المتوقد اللذين يستطيعان إقناعهما ربما بإعادته إلينا سالماً لنستمر معاً بمعركة تحرير لبنان من المهرطقين.

إلى صديقي ورفيق السلاح لقمان.... أرقد بسلام.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم