السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

انفجار العلاقات الديبلوماسية اللبنانية - الخليجية ضربة اقتصادية في الصميم... ماذا عن المنتشرين والقطاعات الإنتاجية؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
شكّل قرار المملكة العربية السعودية والمتمثل بطرد السفير اللبناني لديها ومنع الواردات اللبنانية إليها، صاعقة بالنسبة للبنانيين. فللمرة الأولى تصل العلاقات اللبنانية السعودية إلى هذا الحدّ من التوتر، بعد أن امتازت على مدى سنوات بقوتها وصلابتها.
تلت المملكة العربية السعودية في هذا القرار البحرين والكويت. ليكون لبنان بذلك أمام أزمة ديبلوماسبية في وقت كان ينتظر أبناؤه من هذه الحكومة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإعادة علاقات الأخوة مع العرب.

ومن السعودية، أوضح سفير لبنان في المملكة فوزي كبارة لـ"النهار" أنّه "سيغادرها غداً، فالعلاقات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية قطعت بشكل كامل مع لبنان، ودول عربية عدّة تتبع السعودية في قرارها"، معتبراً أنّه "يمكن إعادة المياه إلى مجاريها في حال نفذّ لبنان المطالب التي أُعلن عنها".

وتابع كبارة إنّ "المملكة العربية السعودية قالت إنّها لن تمسّ بالجالية اللبنانية لديها، وهذه ضمانة بحدّ ذاتها، ونتمنى أن يتمّ ذلك لأنّ الجالية كبيرة هنا".

أمام هذا الواقع، أشار رئيس مجلس الأعمال اللبناني في الكويت علي الخليل لـ"النهار" الى "عدم القدرة على التقدير بعد حجم الأضرار التي ستنتج عن قرار المملكة العربية السعودية، إلّا أنّ الوضع سيكون كارثياً في حال اتخذت الدول الخليجية الأخرى قرار المملكة العربية السعودية عينه، فالخسائر ستقارب المليار دولار أميركي".

بالنسبة للخليل "الأضرار المباشرة واضحة، أمّا تلك غير المباشرة والمتعلقة بالسياحة والتبادل الثقافي فخسائرها ستكون الضعفين".

ولحلّ الأزمة الديبلوماسية التي أوقع لبنان نفسه فيها شدّد الخليل على أنّه "يترتب على الحكومة أن تحدد بشكل رسمي مكانة البلد من المنظومة العربية، لأنّها إذا اختارت الانفصال فعليها تحمّل كافة أنواع الخسائر من الضربة التي تتلفاها العمالة اللبنانية وفقدان السوق العربية والتعاون المشترك".

وأضاف أنّه "في حال قرر البقاء ضمن المنظومة، فذلك سيكون من خلال حكومة تجسّد هذا الخيار قالباً ومضموناً، وينبغي أمام ذلك أن يستقيل أو يقال وزير الإعلام جورج قرداحي الذي بكلامه يمثل الحكومة".
 
من جهته، قال رئيس مجلس التنفيذين اللبنانيين ربيع الأمين أنّه "منذ العام 2015 بدأ العمل الممنهج لعزلة لبنان، فإنّ طرد السفراء اللبنانيين من السعودية والكويت والبحرين يضعنا اليوم في عزلة تامة عن محيطنا الطبيعي وهو العالم العربي"، مشدداً على أنّ "الأضرار لا تعدّ ولا تحصى، لأنّ النتيجة هي عدم إمكان التصدير أو العمل مع محيطنا الطبيعي وبيئتنا الطبيعية التي نتعاطى معها، فوصلنا إلى حدّ الاختناق، وكل ذلك بسبب سياسات خاطئة، وأنّ فريقاً سياسياً لبنانياً أخذ البلد رهينة طرف إقليمي آخر".

وأسف الأمين في حديثه لـ"النهار" أنّ الأزمة الحالية مرتبطة بتصريح لوزير الإعلام ومتعلقة بموقف السعودية من هذا التصريح، لكن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، لأنّ لبنان كدولة لم يتمكن من إيجاد خطاب موحدّ يتكلّم به مع كل العالم، لأنّه لدينا مشاكل مع العالم الغربي والشرقي، فجميع الأطراف تتصرف من دون مقاربة وطنية موحدة سقفها الحكومة اللبنانية والنظام الرسمي"، شارحاً أنّ الحلّ "هو باستقالة قرداحي لتنفيس الاحتقان القائم، لكن الأهم من ذلك أنّه في حال كان هناك حكومة في لبنان، فعليها القيام بمقاربة سياسية تمكنها من التفاهم على التحديات التي تطالب بها الدول العربية، ومنها أن تمسك الحكومة اللبنانية بزمام الأمور في البلد".

واعتبر أنّ المُشرق في الموضوع أنّ الحكومة السعودية في بيانها أمس، وفي الوقت التي عبّرت فيه عن أقصى درجات المرارة من الواقع اللبناني وتأخذ إجراءات رسمية بسحب السفراء، وضعت في بيانها حرصها على الجالية اللبنانية الموجودة والتي هي جزء من النسيج العربي المقيم في المملكة العربية السعودية، وأنّ المملكة تعلم أنّ آراء الجالية لا تتوافق مع المسؤولين السياسيين في لبنان".

من جهته، دان مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي، بـ"أقسى عبارات الاستهجان والشجب، ما جاء على لسان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، مؤكدين انّه لم يعد هذا التمادي في الإساءات لدول الخليج العربي، كما والتغاضي عنه، مقبولاً بأي شكل من الأشكال".

وشدّد المجلس على أنّه "يجب أن يفهم الجميع في لبنان، أنّ الشعب اللبناني الذي يتمسّك بالتضامن والوفاء والعلاقات التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا يمكن أن يقبل بأن يتحوّل لبنان منبراً للتهجّم أو الإساءة لهذه الدول أو التدخل بأيّ طريقة ما في سياساتها الخارجية، كما أنّه لا يرضى أبداً بأيّ سياسة أو خيار أو محور يُخرج لبنان من بيئته العربية التي يتفاعل معها، ويحيا فيها منذ عشرات السنين".

وأكّد "رفضه القاطع لاستمرار هذا النهج المدمر والمسيء"، مطالباً "جميع المسؤولين في لبنان بالقيام بكلّ ما يلزم لإعادة لبنان إلى موقعه العربي الطبيعي. كما وأخذ القرارات الحازمة والاجراءات اللازمة لإصلاح العلاقات اللبنانية-الخليجية وإعادتها إلى سابق عهدها المزدهر".

وختم "إننا كجالية لبنانية في الإمارات نعتبر أنفسنا نسيجاً من هذا المجتمع ونعيش بين أهلنا وإخواننا في وئام ووفاق، شركاء متضامنين في السرّاء والضرّاء، ولن نسمح لقلة طارئة بأن تعكّر علاقاتنا بإخواننا، وتسيء إليهم، فيما نحن وسائر اللبنانيين لم نرَ منهم إلّا كل الخير والتضامن".
 
ودان رؤساء مجالس الأعمال والمدراء التنفيذيون اللبنانيون في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشدّة التصريحات التي أدلى بها قرداحي، وشدّد رؤساء المجالس في بيان على رفضهم "أن يتحول لبنان إلى منبر للتهجم أو الإساءة للدول الشقيقة أو أن يكون مصدراً لتهريب ممنوعات إليها أو تهديد أمنها واختراق سيادتها".

وجدّد الرؤساء مجالس "رفضهم القاطع لاستمرار هذا النهج"، مطالبين القيادة اللبنانية بـ"اتخاذ كلّ ما يلزم من إجراءات لإعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي وحاضنته العربية وإعادة العلاقات اللبنانية- الخليجية إلى سابق عهدها".

وأضافوا: "إننا كجاليات لبنانية في هذه الدول لم نر من تلك الدول الشقيقة إلّا الخير والتضامن مع بلادنا"، منوهّين بـ"حكمة دول الخليج العربية وشعوبها التي تميّز بين الشعب اللبناني الذي يكن كل المودة لهذه الدول وقياداتها وشعوبها وبين من يحاول التطاول والإساءة".

وأكّد رؤساء مجالس الأعمال لدول الخليج العربية أنّ "الوافدين اللبنانيين في دول الخليج لن يقبلوا بعد اليوم التلاعب بمستقبل أعمالهم وعائلاتهم جرّاء تصريحات ومواقف مسيئة غير مقبولة لأهلنا في الخليج من أية جهة كانت".

أمّا على صعيد تأثير القرار السعودي على القطاع الزراعي، قال وزير الزراعة عباس الحاج حسن لـ"النهار" أنّه "ليس بوسعنا سوى أن نتلقى قرار المملكة العربية السعودية السيادي، لكننا نتطلع إلى إعادة التفاوض مع الأخوة السعوديين بالنسبة للمنتجات الزراعية عبر اللجنة التي شكلناها معهم بعد لقاءات منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول"، مشيراً إلى أنّه "نتطلع لأن يكون التعاطي مع المملكة العربية السعودية وسوريا بأفضل حالاته في سبيل نجاح التصدير البرّي للمنتجات الزراعية.

كما أكّد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك لـ"النهار" أنّ "القطاع الزراعي يتخوّف من أن تأخذ دول عربية أخرى قرار مماثل للمملكة العربية السعودية، فإذا انضمت مصر والأردن والدول الخليجية الأخرى إلى الموقف السعودي من الواردات اللبنانية، فإنّ تصدير المنتجات الزراعية من لبنان يكون قد انتهى".

وشرح الحويك لـ"النهار" أنّ "الخضر والفواكه التي تصدّر من لبنان معروفة وهي التفاح والبطاطا والعنب، ويأتي بعدها وفقاً لحجم التصدير، الحشائش والحمضيات والفواكه"، موضحاً أنّ "قرار وقف الواردات اللبنانية يؤدي إلى انهيار الأسعار محلياً".

وتابع الحويك أنّ "المزارع اللبناني ليس هو من يصدّر إنما التجار، لكن القطاع سيتأثر من انخفاض الأسعار بعد ارتفاع العرض في السوق المحلية".
 

بالأرقام- تفاصيل التعاون الاقتصادي اللبناني السعودي
600 مليون دولار هو حجم التبادل التجاري السنوي بين لبنان والسعودية.

22 اتفاقية كان لبنان على وشك توقيعها مع السعودية قبل استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2019.

350 ألف لبناني يعيشون في السعودية.

أكثر من 600 مؤسسة لبنانية في السعودية.

تتجاوز قيمة المؤسسات التي يملكها اللبنانيون في السعودية نحو 125 مليار دولار.

4,5 مليارات دولار هي نسبة التحويلات من الخليج إلى لبنان، نصفها تقريباً يأتي من الجالية اللبنانية في السعودية.

[email protected]
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم