الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أطفال في لبنان من دون حقوق ولا رفاه... أرقام صادمة ووجبات تقتصر على العدس وتسرّب مدرسي!

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
ملصق تعبيري.
ملصق تعبيري.
A+ A-

في اليوم العالمي للطفل، يحيي العالم هذه المناسبة منذ العام 1945 لتكثيف الوعي حول الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة، وتحسين رفاه الأطفال. وفي لبنان، يعدّ الأطفال الحلقة الأضعف التي تتحمّل تداعيات الانهيار المالي الهائل وانعدام الاستقرار والشعور بالأمان.

 

قبل عرض المعطيات المقلقة المتوفرة لنا، نعرّفكم إلى فاديا، هي أمّ لثلاثة أولاد، ذكرت في شهادة لجمعية "إنقاذ الطفل" أنها تمضي "أيّاماً عدّة دون تناول العائلة أيّ فتات خبز، والسبب يعود الى أنه غالي الثمن أو غير متوفر. الفاكهة والخضار نادرة في منزلنا، مع العلم بأن فرصة تناول اللحم أو الدجاج تقلّصت"، مشيرة الى أن "منتجات الألبان والأجبان باهظة الثمن، ما جعل الحليب والجبنة خارج قائمة مشترياتنا. الزعتر هو الوجبة الرئيسية للفطور دورياً".

أكملت وصفها لحال عائلتها المقلقة جداً، "نفتقر الى الكهرباء، ما جعلنا لا نعوّل البتة على استخدام الثلاجة"، مشيرة الى "أنني أخشى فعلياً على أولادي من سوء التغذية وغياب التغذية السليمة لهم، ما قد ينعكس سلباً على نموّهم العقلي والجسدي...".

ما هو واقع حال الطفل في لبنان؟ حاولنا عرض واقع الطفل في لبنان والمعلمين والأهل وواقع عمالة الأطفال وافتقارهم الى المواد المغذية لنموّهم العقلي والنفسي السليم.

 

4 أضعاف
في لغة إحصائية، أفاد رئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء جورج نهرا أن الدائرة الإحصائية في مكتب البحوث التربوية في المركز رصدت "تراجعاً في تسجيل الأطفال في المدارس الخاصة من 564 ألف تلميذ في عام 2018-2019 الى 558 ألفاً في عام 2019-2020 ليصل العدد الى 514 ألفاً في عام 2021"، مشيراً الى أن "الإقبال على المدارس الرسمية بين عامي 2018-2019، و2020-2021 ارتفع 4 أضعاف، أي من 332162 في عام 2018-2019 الى 384 ألفاً في عام 2019-2020، فيما تراجع الى ما دون 9 في المئة في الخاص والى ما دون 17 في المئة في المدارس شبه المجانية".

لنبدأ بالتحصيل التربوي. إن توفر التعليم لنصف مليون طفل أو أكثر في مدارس خاصّة وفقاً لما جاء في حديث نهرا، نقلاً عن إحصاءات المركز التربوي، فإن التقرير الصادر في تشرين الأول الفائت عن اليونيسكو، أشار الى أن الوصول إلى التعليم الرسمي في لبنان يفرض تكبّد تكاليف للنقل والقرطاسية والملابس والتكاليف غير المباشرة الأخرى.

 

73 في المئة
وأشار التقرير نفسه إلى أن "التقويم الحديث الذي أجرته منظمة "
AVSI" الإيطالية المنشأ ولها امتداد دولي في التنمية والتعليم، هو أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية تمثل 55% من العوامل التي أدّت إلى التسرّب من المدرسة". وذكر التقرير عن جمعية "الرؤية العالمية" في دراسة منفصلة أجرتها، أن 75% من الأسر اضطرّت الى توقيف أطفالها عن الدراسة في المدرسة الرسمية بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم المدرسية".

المختصّة بالتعليم من جمعية "إنقاذ الطفل" آلاء حميد عبّرت لــ"النهار" عن خشيتها من جيل تحت خطر التسرب في ظل هذه الأزمات الخانقة، ولا سيما في نتائج أشارت الى أن جيلاً بأكمله انقطع عن الدراسة لأن عدداً كبيراً لم يتمكن من متابعة التعليم عن بعد خلال العامين المنصرمين"، مشيرة الى أن "دراسة أجرتها الجمعية بالتعاون مع المجلس النروجي للاجئين أشارت الى أن 73 في المئة من الأطفال عجزوا عن الحصول على خدمة الإنترنت، إضافة الى أن 63 في المئة تشاركوا وسيلة واحدة للتعلم عن بعد، فيما 50 في المئة من الأهل ومقدّمي المعرفة لم يشعروا بأنهم أهل لمتابعة تحصيل علم أولادهم لأنهم في العمل مثلاً...".

وقالت: "من مخاطر تأثير كوفيد-19 والأزمات المتراكمة في لبنان أن 41 في المئة يواجهون خطر العنف المنزلي، فيما 16 في المئة معرّضون للزواج المبكر و2 في المئة للتحرّش الجنسي...".

وشدّدت على أن "لوحة البيانات التفاعلية لحظت أن عدد التلامذة في سن الدراسة هم 2018927 منهم 1248167 طفلاً لبنانياً، مع ملاحظة أن 33915 طفلاً لم يتسجلوا هذه السنة الدراسية، فيما انتقل نحو 54 ألف طفل لبناني من الخاص الى الرسمي هذه السنة، ولا سيما في مناطق بعبدا، عكار وبعلبك".

 
اليونيسف
 

أما ممثلة اليونيسف في لبنان يوكي موكو فقد رأت في اتصال مع "النهار" أنه "بعد المسح الذي أجرته المنظمة في نيسان الماضي على عدد من العائلات، ظهر أن 9% من هذه العائلات أرسلت أطفالها الى العمل و15% منها علّقت تعليمهم"، مشيرة الى أن "الوضع قد ساء على نحو مثير للقلق خلال الأشهر الستة الماضية من تاريخ ذاك المسح، ولم تعد الأسر قادرة على تحمّل النفقات الأساسية، مثل كلفة النقل إلى المدرسة، ولم يعد أمام العديد من الأطفال خيار آخر سوى التوجّه الى العمل أو التسوّل في الشارع، وأصبحوا في مواجهة مخاطر جسيمة أخرى، بما في ذلك زواج الأطفال والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي...".

 

ترشيد الطعام

 

ماذا عن التغذية؟ ذكرت حميد وفقاً لدراسة ميدانية لجمعية "إنقاذ الطفل" أن "عائلة لبنانية تضم 6 أولاد بين 12 و16 عاماً أفادت الباحثين في الدراسة أنهم تناولوا 11 وجبة على مدار هذا الأسبوع، أي بمعدل وجبتين فقط كل يومين، مسجلين بذلك تراجعاً بنسبة نصف عدد الوجبات، أي معدل 3 وجبات، التي كانت متوفرة في العام الماضي".

اللافت أيضاً أن حميد أفادتنا أنه "وفقاً للدراسة نفسها تراجعت الوجبات الغذائية عند الأطفال في لبنان الى 11 وجبة في الأسبوع، وترتكز على البطاطا، الأرزّ والعدس...".

في شهادة لسلمى (16 عاماً) وثّقتها "جمعية إنقاذ الطفل"، فإن "الطعام الذي نأكله الآن يختلف اختلافاً كبيراً عمّا اعتدنا أن نأكله قبل عام". وأضافت: "كنّا نتناول ثلاث وجبات في اليوم، وهي الفطور والغداء والعشاء، وأصبح يقتصر اليوم على فطور متأخر وعشاء مبكر".

وذكرت أنه "كان يتوفر في السابق بطريقة دورية البيض والحليب والجبن واللبنة في وجبة الإفطار، رغم أنه لم تكن تتوفر اللحوم والدجاج يومياً، بل كنا نتناولها كل أسبوع فيما كانت الفواكه والخضروات متوفرة لنا وبشكل ثابت فيما نكاد لا نمتلك الآن أي شيء".

في موازاة ذلك، لا تقف مؤسسات المجتمع المدني المحلي مكتوفة الأيدي بل تبادر في المساعدة رغم صعوبة توفير دعم مالي يلبّي الحاجات المطلوبة. فقد أكدت المسؤولة عن الشؤون التربوية في جمعية "Teach a child" كريستين سلامة لـ"النهار" أن "الجمعية وفرت تغطية النفقات الرسوم والأقساط هذه السنة لتلامذة في القطاع الرسمي، وتوزعت بين 178 في التعليم الجامعي، 119 في المهني، 168 في الثانوي و364 في الابتدائي، فيما خصّصنا دعماً في القطاع الخاص لـ9 جامعيين، 24 مهنياً، 10 في الثانوي و183 للابتدائي،" مشيرة الى أننا "تمكنّا من دعم 1204 تلامذ العام الماضي بالإجمال فيما اقتصرت المساعدة على 1055 تلميذاً وطالباً بسبب صعوبة توفير الدعم وتراجعه رغم أن الحاجة كبيرة...".

رغم هذه المساعدات، تبقى الحاجة هائلة والفجوات الاجتماعية تزداد يوماً بعد يوم، وتنعكس على حقوق الطفل البديهية المتعلقة بالطبابة والتعليم والأمان، وغيرها.
 

[email protected]

Twitter:@rosettefadel







 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم