الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"إذا خليت خربت"... مبادرات شبابية وشعبية دعماً للمتعفّفين خلال رمضان

المصدر: النهار
فرح نصور
 كلفة الفتوش خلال شهر واحد هي 500 ألف ليرة (تعبيرية).
كلفة الفتوش خلال شهر واحد هي 500 ألف ليرة (تعبيرية).
A+ A-
يحلّ شهر رمضان هذا العام في ظل انهيارٍ شبه تام لليرة، في وقتٍ يرزح أكثر من نصف سكان لبنان تحت خط الفقر. وفيما تحلّق أسعار المواد الغذائية من لحوم ودجاج وخضر ومأكولات أخرى، خلُصت دراسة لمرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أنّ كلفة وجبات الإفطار في الشهر تبلغ ضعف الحد الأدنى للأجور في لبنان، أي 1800000 ليرة. إزاء هذا الواقع، انطلقت مبادرات وحملات شبابية وشعبية متنوَّعة، دعماً للأسر الأكثر فقراً خلال شهر الصوم، نعرض بعضاً منها.  

"فتوش رمضان" هي مبادرة جديدة في إطار مساعدات شهر الصوم، أطلقتها نادين بريطع قبيل شهر رمضان، لتأمين خضر الفتوش أسبوعياً للعائلات المحتاجة. وتروي نادين أنّ المبادرة جاءت بشكل عفوي ومن وجع الناس وصرختهم، خصوصاً بعد التقرير الشهير الذي جاء فيه أنّ كلفة الفتوش خلال شهر واحد هي 500 ألف ليرة، مع تحليق أسعار الخضر الراهن، في وقتٍ أنّ هناك عدداً كبيراً من الأفراد يتقاضون 600 أو 700 ألف ليرة، ومنهم أصبحوا عاطلين عن العمل من جراء هذه الأزمة.
 
وتضيف نادين أنّ الخضراوات هي من أكثر المواد الغذائية التي يحتاجها الصائم ليقوى على فريضة الصوم، ويُعتبر صحن الفتوش أساسياً ويومياً في الشهر. ومع ضيق الأحوال، فكّر كثيرون بالاستغناء عنه أو الاكتفاء فيه والاستغناء عن أصناف أخرى، لكن "لعلّ وعسى من خلال مبادرتنا، أن نخفّف 1% من أعباء شراء المواد الغذائية خلال الشهر على العائلات المحتاجة في ظلّ هذه الظروف الصعبة". 
 
 
وشكّلت هذه المبادرة تغييراً على مائدة عائلات الفقراء، بحسب نادين، إذ تسعى أيضاً إلى تأمين شوال من البطاطا والزيت والدجاج النيء مرتين خلال رمضان. وبدأت بمساعدة 20 عائلة، لكن سرعان ما لاقت رواجاً كبيراً وبادر الخيّرون وأصحاب الأيادي البيضاء لتمويلها. وناشدت نادين بشكل خاص المغتربين، والذين يتقاضون رواتبهم بالدولار أن يساهموا في دعم هذه المبادرة للتمكّن من توسيع ميزانية المساعدة.
 
ووصلت المساعدات العينية إلى نحو 150 عائلة، إلى جانب توزيع قسائم شرائية بقيمة 150 ألف ليرة لكلّ منها، لشراء المواد الغذائية الأخرى. وتذهب المساعدات إلى أشخاص هم تحت خط الفقر، والذين تغيب عنهم أي مساعدات، وهم العائلات نفسها خلال شهر رمضان لتكون المساعدة متواصلة. 
 

وبينما كثير من المبادرات تقدّم حصصاً تموينية خلال شهر رمضان، ورغم أنّ الحصة التموينية أساس الإفطار، إلّا أنّ المأكولات الجانبية من حلوى وفاكهة وعصير، هي أيضاً مهمة في شهر الصوم، لكنّ شراءها صار من المستحيلات بالنسبة إلى كثيرين. 
 
"علبة حب"، هي مبادرة شبابية قامت بها مجموعة من الشبان والشابات، تقدّم كل يوم بسمة وحب، وتدعم في الوقت نفسه مشاريع عمل شبابية إنتاجية صغيرة ولدت من جراء الأزمة الراهنة. وتقوم المبادرة بشكل أساسي على توزيع حلوى رمضان والعصائر والفاكهة. 
 
 
وتقول هبة حبيب، إحدى القيّمين على المبادرة، أنّ "علبة حب" تدعم في الوقت نفسه المشاريع الإنتاجية الصغيرة التي تحوّل إليها الشباب بحثاً للاستمرار في الحياة ومواجهة الواقع المرير. وتؤمّن المبادرة هذه المأكولات من إنتاج هذه المشاريع الصغيرة، فأصحابها منهم يعملون في محلات صغيرة، ومنهم في منازلهم. 
 
ويتواصل أفراد كثيرون مع القيّمين على هذه المبادرة للحصول على هذه المأكولات لعدم قدرتهم على شرائها، ويتم التحقّق من وضعهم قبل توزيع العلب، لضمان ذهابها إلى الأشخاص المستحقّين. وفيما لاقت المبادرة أصداء كبيرة جداً، رغب كثيرون بالتبرّع لتمويلها، فهي تطال مختلف المناطق في لبنان من بيروت، الضاحية، صيدا، وطرابلس.
 
 
مبادرة شبابية من نوعٍ آخر، تنشط خلال شهر الصوم "لتأمين الإفطارات اليومية من طعامكم للعائلات المتعفّفة في شهر رمضان". بدأت مبادرة "نهج علي" منذ 3 سنوات بتضافر جهود نحو 60 شاب وشابة، وبتمويل ذاتي لتوزيع وجبات الإفطار. لكن فكرة هذه المبادرة تكمن في أن يقوم متطوّعو المبادرة بتزويد المتبرّعين بعلب طعامٍ فارغة، ويقوم هؤلاء بملئها بطعام الإفطار الذي أعدّوه، ومن ثم يوزّع المتطوّعون هذه الوجبات إلى منازل الأشخاص المتعففين. 
 
ويفيد أحد مطلقي هذه المبادرة، علي رضا طبيخ، أنّ المتطوّعين سيتمكّنون من توزيع نحو 1200 وجبة إفطار يومياً. ولاقت هذه المبادرة رواجاً هائلاً وبدأت تستقبل تمويلاً كبيراً، رغم أنّه من جراء الأزمة الحالية، لا شك في أنّ التحديات كبيرة هذا العام، سواء لناحية المتبرِّع أم المتعفِّف. 
 
كما يقوم متطوّعون في "نهج علي" بإعداد وجبات الإفطار، سواء في منازلهم أم في مطابخ في مناطق عدة أُعدَّت لهذه الغاية. وتم التحضير للشهر الفضيل قبل نحو شهر ونصف شهر، من علب الطعام والمواد الأولية، مع تكبير فرق العمل في كل منطقة لتوسيع فرز الوجبات الذي يحصل بعد التأكّد من وضع العائلات وأحقّيّتها في الحصول على هذه المساعدات.
 
 
"رام اللطيف"، هي حملة خيرية انطلقت أخيراً، بعد وفاة الشاب رام قلوط في حادثٍ مؤلم. رغب أقرباؤه وأصحابه في الاستمرار بالعمل التطوّعي الخيري كما كان يحب رام، عسى أن تكون هذه المساعدات رحمةً له. ويقول محمد قلوط، أحد القيّمين على هذه الحملة، أنّهم بدأوا بجمع التبرعات قبل رمضان، ووصلت إلى مبلغ 30 مليون ليرة، إلى جانب المساعدات العينية التي تبرّع بها الناس، سواء مونة أم ملابس أم ألعاب.
 
 
وبينما وصل دعم الحملة حالياً إلى نحو 50 مليون ليرة، يتم توزيع قسائم شرائية بقيمة 150 ألف ليرة لكل عائلة لشراء حاجات رمضان. وفي المرحلة الأولى من التنفيذ، تعاونت الحملة مع عدد من الجمعيات الخيرية لتوزيع قسائم شرائية إلى مَن هم أكثر حاجة للتموين قبيل رمضان. أمّا في المرحلة الثانية فستكون الإفطارات في 3 دور أيتام، فضلاً عن توزيع الدجاج والخضر إلى المحتاجين، على سبيل المثال عمال النظافة في البلديات والفئات المستضعَفة التي تتقاضى الحد الأدنى للأجور. وتتعلّق المرحلة الرابعة بكسوة العيد لـ 40 ولداً.
 
وبدأت التبرّعات تصل من مختلف المناطق، وأصبحت الحملة تنتشر على صعيد كل لبنان. وقام التمويل على أفراد وأصدقاء بشكلٍ أولي، إلّا أّن الحملة بدأت تستقطب أشخاصاً حتى من خارج لبنان. وهناك مَن يتبرع بحصصٍ غذائية لتوزيعها. وحتى الآن، استفادت نحو 200 عائلة من هذه المساعدات.
 



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم