الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لا إعمار لمرفأ بيروت قبل تحديد دوره وموقعه في الجغرافيا-السياسية المستقبلية؟

المصدر: النهار
فرح نصور
مخلفات انفجار مرفأ بيروت (من الأرشيف)
مخلفات انفجار مرفأ بيروت (من الأرشيف)
A+ A-
بدأت تتقدّم عروض لإعادة إعمار مرفأ بيروت، منها محلية ومنها خارجية، آخرها عرض ألماني وآخر محلي من المهندس شربل أبو جوده، الذي أطلقه مؤخراً في الإعلام لـ"إعادة مرفأ بيروت أجمل ممّا كان وأهم مرفأ في الشرق الأوسط". ومع مأزق الحكومة الراهن، من الصعب التزام أي عرض من هذه العروض خصوصاً الخارجية. من أين الانطلاق في إعادة الإعمار؟ وإلى أي مدى يمكن أن نستفيد من هذه العروض في ظل الجمود الحكومي؟
 
يقول المهندس شربل أبو جوده في حديث لـ"النهار"، إنّه بعد انسحاب شركات هندسة دولية عدة من مشاريع لإعادة إعمار مرفأ بيروت، تطوّع باستكمال التصميم التوجيهي الإنقاذي لإعادة إعمار المرفأ.
 
ويقوم التصميم بشكل أساسي على إضافة مرفأ سياحي على مرفأ بيروت وتوسيع المرفأ الحالي لتنشيط الاقتصاد من المصادر الأخرى.
 
من ناحية السياحة، عمد أبو جوده في مخططه إلى إزاحة السنسول الحالي 500 متر إلى عرض البحر ليتمكّن من استقبال 4 سفن سياحية عملاقة، تستوعب كلّ منها على حوالي 5000 سائح، ما يسمح بإعادة السياحة من المشاة إلى وسط بيروت وكل لبنان.
واستخدم الحوض الأول لتبلغ مساحته 250000 متر مربع كي يستقبل السياح وخدمةً السفن، والانطلاق والتوجّه من وإلى بيروت. ويكون قد أضاف خدمة سياحية للمرفأ لم تكن موجودة في السابق، تحرّك الاقتصاد عبر السياحة التي تُعتبر مصدراً أساسياً للاقتصاد. 
 
أمّا لناحية النشاطات الاقتصادية الأخرى، تعمد دراسة أبو جودة الى تكبير مساحة الحاويات إلى 1300000 متر مربع، وتوسيع الأرصفة وزيادة امتدادها، بالإضافة إلى زيادة عدد الرافعات لتصبح 39 رافعة.
 
وأضاف أبو جودة في مخططه أمراً أساسياً يضاعف العمل في المرفأ 12 مرة، وهو ربط المرفأ بخطوط سككٍ حديد للشحن البري متوجهةً نحو قناطر زبيدة عند مدخل النفق، وصولاً إلى شتورا كمرحلة أولية على أمل الوصول في المستقبل إلى العراق والسعودية.  وكذلك، إنشاء مركز متطوّر لصيادي الأسماك ليتحوّل الصيد إلى صيد منتِج عبر البواخر وليس الفلوكة، ما سيزيد كمية الأسماك في السوق، وبالتالي انخفاض أسعارها إلى أدنى مستوى. بالإضافة إلى إنشاء إهراءات القمح.
 
ويتصوّر المهندس إنشاء مستودعات وحوض تحت المباني تسمح بإدخال السّفن المتوسطة الحجم والغواصات الصغيرة لترسو تحت المبنى في المستقبل.
 
وفي الخطة أيضاً، إنشاء ثكنة عسكرية ومرفأ خاص للجيش يتّسع لـ400 عنصر، "يليق بالجيش ويكرّم الجنود الأبطال". وبتصورّه، يجب على المرفأ بشكله الذي رسمه أن يعمل 24 ساعة يومياً، على عكس ما هو عليه اليوم.
 
أمّا لناحية الكلفة الإجمالية المبدئية للتنفيذ، فتبلغ 5 مليارات و500 مليون دولار أميركي، وتشمل هذه المبالغ سكة الحديد والنفق. وبحسب أبو جوده، لتمويل المشروع، على لبنان أن يستعيد ثقة المجتمع الدولي والاغتراب اللبناني، فهما أبرز مصادر التمويل. 
 
ويدعو إلى إنشاء شركة مساهِمة لبنانية من المقيمين والمغتربين اللبنانيين، ليقوم هذا المشروع بسواعد وأموال اللبنانيين، وليس الشركات الأجنبية التي ستستفيد من أموال هذا المشروع، وبذلك، تنحصر كلفة المشروع والمشاريع داخل لبنان من دون اللجوء إلى الاستدانة والقروض من الخارج، وتوضع أسهم الشركة للتداول في بورصة بيروت للتمويل. وسيعمد التنفيذ على الاستفادة من الفريق الهندسي والتقني من الجيش، لأنّه الركيزة الوحيدة التي تتمتّع بالمصداقية والأمانة والشفافية. وسيستغرق تنفيذ هذا المشروع حوالي 5 إلى 6 أعوام من العمل المتواصل، إن لم يواجه أي عرقلة.
 
لكن مع بدء تقديم العروض لإعادة إعمار مرفأ بيروت، سواء من جهات داخلية كأبو جودة، أم خارجية كشركة موانئ مدينة هامبورغ الألمانية، من أين الانطلاق؟ 
 
يفيد نقيب المهندسين، المهندس جاد تابت، في حديث لـ "النهار"، أنّ "هناك عدداً كبيراً من المشاريع والمخططات التي تستهدف إعادة إعمار مرفأ بيروت، قيد التحضير، من قِبل شركات محلية وخارجية، وهي أفكار جيدة وقابلة للدراسة، لكن اليوم، مهما قمنا بمخططات، هناك موضوعان أساسيان قبل الحديث عن تنفيذ أي منها".
 
 الموضوع الأول هو "تحديد دور وموقع مرفأ بيروت المستقبلي في إطار الجغرافيا-السياسية للساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط"، والاجابة عن أسئلة: ما مستقبل المرفأ؟ كيف سيتطوّر؟ ما هي الخيارات الأساسية التي ستحدث؟ إذ لا يمكن تنفيذ أو اعتماد مخطط ما قبل وضع هذه الخيارات الجيو- سياسية والاقتصادية".
 
ويرتبط الموضوع الأوّل بنظر تابت بالوضع السياسي الداخلي في لبنان بالدرجة الأولى، إذ "يجب علينا "أن نكنّس أمام منزلنا" أولاً لنتمكن من البحث في التكيّف مع الظروف في المنطقة، وطالما نحن في الوضع السياسي والاقتصادي الراهن، لن يُنفّذ أي مخطط لإعادة الإعمار، وهذا ما تقوله أيضاً جميع الجهات الأجنبية". 
 
أمّا الموضوع الثاني، فهو ذو أهمية كبيرة أيضاً، إذ "لا يمكن تنفيذ مخطط ما بغياب حكم موحّد للمرفأ، على عكس ما هو حال مرفأ بيروت اليوم الذي ترتبط به 7 وزارات، إذ يجب أن يكون له نظام إدارة موحَّد ذو مبادئ وشفافية، وعند تطبيق هذه الأمور، يمكن الحديث عن تنفيذ مخطط. لذلك، وقبل حلّ هذين الموضوعين، تبقى جميع المخططات أفكاراً جميلة تعطي آفاقاً مستقبلية فقط"، وفق تابت. 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم