الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

أسعار الجديدة "طايرة"... صيانة الملابس في المصابغ وعند الخياطين تنشط بكثرة (صور وفيديو)

المصدر: "النهار"
فرح نصور
صيانة الملابس تنشط (حسام شبارو).
صيانة الملابس تنشط (حسام شبارو).
A+ A-
بعد تحوّل اللبنانيين إلى بيع أغراضهم المستعمَلة بأنواعها كافة نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادّة التي لم ترحم أحداً، لم يعد يرمي الناس أيّاً من ملابسهم القديمة أو الاستغناء عن الممزَّق والجرْدِ منها، ونشطت حركة في المصبغات لخياطة ورتق الملابس وصبغها، بالإضافة إلى التصليحات الأخرى. وبات الناس لا يشترون الملابس لغلاء أسعارها في ظل ارتفاع الدولار، ويتّجه كثيرون منهم إلى صيانة ملابسهم في المصابغ للإطالة من عمرها قدر الإمكان. 
 
ويروي صاحب مصبغة "Le Cid" المشهورة في بيروت، أحمد سليمان، بأنّه كان يصبغ نحو 20 قطعة من الملابس في الشهر قبل هذه الأزمة، لكن مع تفاقمها أصبح يصبغ نحو 100 إلى 120 قطعة شهرياً.
 
(محل خياط، تصوير حسام شبارو). 
 
اعتاد الناس سابقاً رمي الملابس التي يجرد لونها، أو أن يتصرّفوا فيها بطرقٍ أخرى. أما الآن، فلم يعد أحد يرمي أو يستغني عن ملابسه حتى ولو جرد لونها، بل بات يرسلها إلى المصبغة لصبغها ليتمكّن من ارتدائها بدلاً من شراء ملابس جديدة باهظة الثمن، ومنهم مَن يُرسل ملابسه التي لحقتها بعض الأضرار كالمزق مثلاً، إلى المصبغة للرتق (أي تصليحها)، بحسب ما يفيد سليمان.
"أنا أتحدّث عن طبقات أشخاص ما فوق الوسط لا عن أشخاصٍ محدودي الدخل، فهؤلاء باتوا لا يرسلون شيئاً إلى المصبغة ولا يطلبون أيّ خدمة، ويفضّلون كيّ ملابسهم وتنظيفها بأنفسهم أو حتى عدم كيّها" يؤكّد صاحب المصبغة. ويلفت إلى أنّ "الأشخاص الميسورين أصبحوا يفضّلون صيانة ملابسهم في المصبغة على شراء ملابس جديدة لغلاء أسعارها، فما بالك بالأشخاص من ذوي الطبقات المتواضعة؟ فمَن كان يشتري من محالّ الملابس المتوسطة والمرموقة، بات الأمر صعباً عليه مع الأجور التي أصبحت بالليرة وغلاء الأسعار".
 
(محل خياط، تصوير حسام شبارو). 

وهناك أمر لافت برز في هذه الأزمة لدى سليمان، إذ يشير إلى كثرة الطلب على الثياب المستعمَلة (البالية)، يرسلها أشخاص كثيرون من غير الطبقة الميسورة، أي أشخاصاً من ذوي الدخل المحدود وما دون الوسط، يطلبون غسل هذه القطع وترتيبها وكيّها. ويمكن لسليمان التمييز بين هذه الثياب، والثياب المستعمَلة من شخصٍ واحدٍ، من رائحتها وشكلها.
وبدأت هذه المظاهر تبرز بشدّة منذ نحو شهرين أو ثلاثة أشهر لديه، لا منذ بداية الأزمة العام الماضي، أي مع تدهور الأوضاع أكثر فأكثر. ولم يعد أحد يرمي أيّ شيء من ملابسه، فالتصليحات في مصبغته تشمل تغيير السحابات والرتق، وتضييق القياس أو توسعته. واتجه الناس إلى الحفاظ على ما لديهم وترميمه.
 
تصوير مارك فياض، مصبغة مار ميخايل.
 
 
أمّا من ناحية عمل المصبغة في ظل هذه الأزمة، فيوضح سليمان بأنّ "ازدياد الطلب على صبغ الملابس والخدمات الأخرى، لا يغطّي أبداً فرق الخسائر الناتجة عن تغيّر سعر صرف الدولار، فلديّ مصاريف أكثر من المدخول". وكان بدل غسل وكيّ البدلات في مصبغته 10 دولارات أي 15 ألف ليرة قبل الأزمة، وأصبح الآن 18 ألف ليرة، أي زاد السعر 15%، و"رغم أنّ الزيادة كانت بسيطة، إلّا أنّ الناس يشتكون، فسعر السلع في السوق ارتفع 600% بينما نحن زدنا 15%".
وينفق كلفة كبيرة بالدولار على الموادّ التي يستخدمها، إذ كان يشتري مثلاً علاقات الثياب بـ 22$ أي 33 ألف ليرة على السعر القديم، أمّا الآن فأصبح الـ 22$ مبلغاً كبيراً، وكذلك الأمر بشأن أكياس النايلون لتغليف الثياب، التي كان يشتري الكيلو منها بدولارين ونصف دولار سابقاً، والآن أصبح على السعر الجديد. ويضيف أنّ "ثقة التجار المورّدين بأصحاب العمل اهتزّت، فحسابي الشهري مع مورّد النايلون كان، مثلاً، 10 آلاف دولار وكنت أدفع له شهرياً ألفي دولار، أمّا الآن فلا يرضى المورّد تزويدي بالبضاعة إلّا إذا سددت له ثمن آخر طلبية من النايلون وبالـ fresh money أو على سعر صرف الدولار اليومي ونقداً عند التسلّم". 
 
(الفيديوات لمارك فياض). 
 
 
 
تصوير مارك فياض، مصبغة مار ميخايل.

وكان بدل غَسل وكيّ القميص لديه 5000 ليرة، ورفعه إلى 6000 ليرة، بزيادة ألف ليرة فقط. ويشير سليمان إلى أنّ "90% من الزبائن يتفهّمون هذه الزيادة ويعدّونها محقّة وغير مرتفعة، لكن ليسوا قادرين على دفعها، فكثيرون تحوّلوا للقيام بهذه الخدمة في منازلهم لأنّ رواتبهم بالليرة، وينفقون على الأمور الأساسية جداً فقط، وكل ما يستطيع الفرد القيام به بنفسه يقوم به".
ولم تتوقّف طلبات التصليح والصيانة عند حدّ الملابس فقط، بل توسّعت لتشمل تصليح الستائر والحقائب والأحذية، لكن ليس بحجم صيانة الملابس. فهناك أناس أرسلوا له ستائر منازلهم الممزّقة، وهم أناس أثرياء جداً، وأرادوا ترتيبها وتصليحها لتجنّب شراء أخرى.
 
تصوير مارك فياض، مصبغة مار ميخايل.
 

 
  
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم