السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

خط غاز من روسيا إلى الصين عبر منغوليا ونظام "CIPS"... هل تستغني موسكو عن الغرب؟

المصدر: "النهار"
كميل بو روفايل
كميل بو روفايل
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ.
A+ A-

قبل ساعات من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن العملية العسكرية في شرق أوكرانيا، اتهمت الولايات المتحدة كلاً من موسكو وبيجينغ بالاتحاد لإنشاء نظام عالمي "غير ليبرالي للغاية". وبعد العقوبات التي فرضتها دول أوروبية عدّة والولايات المتحدة الأميركية على روسيا إثر غزوها أوكرانيا، نرى أنّ أُفق النظام الذي تحدّثت عنه واشنطن يظهر بمعالم أوضح. فقد خسرت روسيا قوّتها في التوازن بين أميركا والصين، وأرادت أن تصبح أسيرة الأخيرة.

 

الموضوع أنّ شركة "سويوز فوستوك" لأنابيب الغاز الخاصّة وشركة "غازبروم"، وقعتا اتفاقية لتنفيذ أعمال التصميم والمسح كجزء من بناء خط أنابيب الغاز الذي سيمتدّ من روسيا إلى الصين عبر منغوليا. والكمّية تعادل حجم الغاز الطبيعي الذي تضخه روسيا إلى ألمانيا، أي نحو 50 مليار متر مكعّب من الغاز سنوياً. سيسمح هذا المشروع بإمداد ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً إلى الصين، حيث ستكون شركة "سويوز فوستوك" في منغوليا استمراراً لخط أنابيب الغاز الروسي "باور أوف سيبيريا 2". هذا على صعيد الغاز، أمّا بالنسبة إلى الموضوع المالي والمصرفي، فقد طُردت البنوك الروسية الكبرى من نظام "سويفت" (SWIFT) للمراسلات المالية العالمية بين البنوك، واستُهدف بنكها المركزي. وكانت روسيا قد أنشأت نظاماً للمبادلات المصرفية خاصّاً بها، تعتمد فيه على 20 في المئة من تحويلاتها المحلية.

 

عزل المجتمع الدولي روسيا، وصرّح الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بأنّه خلال ولايته لم تقم روسيا بأي عملية عسكرية ضدّ أيّ دولة. بالفعل أحسن ترامب التعاطي مع موسكو، التي بقيت خلال ولايته على علاقات تجارية واقتصادية مع أوروبا وأميركا، ولم تنحَز إلى الصين انحيازاً كاملاً.

رغم أنّ موسكو فقدت توازنها بعد العقوبات، وبدأت تخطّط للاستغناء التدريجي عن السوق الأوروبية، فهي تمدّها بـ60 في المئة من صادراتها للغاز، تُطرح أسئلة عديدة حول مدى جدّية طرح أن تستغني روسيا عن أوروبا وأميركا كشركاء اقتصاديين، وترمي بنفسها كليّاً في الحضن الصيني.

 

وضمن هذا الإطار، شرح أستاذ العلاقات الدولية الدكتور سامي نادر لـ"النهار" أنّ "من الممكن أن تحلّ الصين مكان أوروبا وأميركا بالنسبة إلى روسيا في ما يتعلق بسوق الغاز ونظام سويفت، فهذا خيار واحد لأنّه الوحيد المتاح والباقي أمام الروس"، موضحاً أنّ "الذهاب شرقاً هو خيار موسكو الآن، أكان في مسألة إيجاد أسواق بديلة للغاز، أو في مسألة استخدام النظام المصرفي "SPFS" بديل من سويفت"، لكنه سأل: "هل سيكون ذلك لمصلحة روسيا؟".

وأوضح نادر أنّه "في عامي 2014 و2015 مدّت روسيا خطّي أنابيب تصل آباراً في سيبيريا بالسوق الصينية. ولكن هل من مصلحة روسيا أن تصبح أسيرة العملاق الصيني؟".

 
وفق نادر، "كانت قيمة روسيا وقوتها أنّها توازن في علاقاتها بين الصين وأميركا، لكنها إذا أرادت أن تصبح أسيرة الصين في موضوع تسييل فائضها من الغاز والنفط، ولكن بعد خسارتها السوق الأوروبية، فلن تستفيد إطلاقاً". ولفت نادر إلى أنّ "الصين تتمدّد ديموغرافياً في الفضاء الروسي. وكلّ المناطق المجاورة مثل قرغيزستان، تشهد تحوّلاً ديموغرافياً لمصلحة الشعوب الصينية، وهذا تحدّ كبير بالنسبة إلى بلد يشهد تدنّياً في ديموغرافيته".

وفي وقت سابق، اعتبر المدوّن الصيني كارل زا لـ"النهار العربي" أنّ "السلع التي كانت ستصبّ في الدول الغربية التي فرضت عقوبات على موسكو، ستتحول إلى السوق الصينية". ومع ذلك أقرّ بأنّ ثمّة مجالات لا يمكن للصين أن تشكّل فيها إنقاذاً لموسكو، مشيراً إلى الغاز مثلاً، وخصوصاً أن لا خط أنابيب يربط البلدين، فرغم توقيع الاتفاق بين غازبروم والصين عبر منغوليا، سيستغرق إنجازه وقتاً، ولذا لن تكون الصين قادرة على استيعاب الغاز الروسي قبل أربع سنوات إلى خمس.

اليوم، تحاول الصين إتاحة نظام الدفع الدولي الصيني العابر للحدود "CIPS" لروسيا، الأمر الذي قد يؤدّي إلى زيادة حجم التجارة بين الجانبين. فالبضائع التي لن تنجح في الوصول إلى الأسواق الغربية ستنتهي على الأرجح في الصين، وفق زا.

وعن الجهة التي ستتضرّر، اعتقد زا أنّ "الصناعات الروسية لن تتأثر، والأكثر تأثراً سيكونون العمّال الروس. ومع ذلك لن تتمكن كلّ السلع من بلوغ الأسواق الصينية".

 

يأتي عقد تصميم خط الأنابيب بين "سويوز فوستوك" و"غازبروم"، في وقت فرض فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مع دول مثل المملكة المتحدة وكندا واليابان، ضغوطاً غير مسبوقة على روسيا.

 

تحدّ العقوبات الشاملة من قدرة روسيا على استيراد التكنولوجيا الرئيسية، والاستفادة من أسواق الديون الخارجية، وحتى الوصول إلى جزء كبير من 640 مليار دولار أنشأتها البلاد كمصدّ لحماية الاقتصاد. ولا تزال صادرات الطاقة الروسية غير متأثرة في هذه المرحلة من الحرب، فيما كانت أوروبا تستكشف خيارات لتستغني عن شحنات "غازبروم".

وكانت "غازبروم" تجري محادثات لنقل الغاز إلى الصين عبر منغوليا منذ سنوات عدّة، وفق تقرير "بلومبرغ".

 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "غازبروم" أليكسي ميلر عن خط "سويوز فوستوك": "وقعنا عقد التصميم، وهذا يعني أنّ المشروع قد انتقل إلى مرحلة التنفيذ العملي". ولم يذكر البيان أيّ تفاصيل بشأن التقدّم في محادثات التوريد مع الصين.

في عام 2014، وقّعت شركة "غازبروم" صفقة مدّتها 30 عاماً بقيمة 400 مليار دولار لتزويد الصين مباشرة بما يصل إلى 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً عبر وصلة الغاز "Power of Siberia"، حيث بدأت عمليات التسليم في أواخر عام 2019. وفي الأشهر الأخيرة، عندما كانت تدفقات "غازبروم" إلى أوروبا محدودة، كانت الشحنات إلى الصين تزيد بانتظام عن أحجام العقود اليومية.

وفي بداية شباط، توصّلت روسيا إلى اتفاق غاز أصغر مع الصين للحصول على إمدادات مباشرة لمدة 25 عاماً تصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً من حقول في الشرق الأقصى.


[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم