أيّ نظام عالمي جديد؟ هل فرضية انهيار الغرب ممكنة؟ هل الشرق واحد أم متعدد؟ (2)

المحامي كارول سابا"هزيمة الغرب"، عنوان صَادِم لكِتاب هَامّ صدَر حديثا في باريس يُحدِث ضَجّة كبيرة في بداية هذه السنة في الأوساط الفكريَّة والإعلامِيَّة الفرنسيَّة. أهمية الكتاب الصادر عن دار نشر غاليمار الفرنسية، انه من أعمال المفكر السياسي الفرنسي المعروف، عمانوئيل تود، المؤرخ والباحث السياسي، استاذ الديموغرافيا والعلوم الاجتماعية السياسية، الذي تنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتي عام 1976 في كتابه "السقوط النهائي". طبعاً اختيار العنوان الصادم لا يهدف فقط الى الإثارة وترويج التسويق لبيع الكتاب، بل يُشير الى مضمون ناريّ ونقدي وتفصيلي للمُعضلة التي يجري تداولها منذ مدة طويلة حول فرضية انهيار الغرب، ويَترَدّد صداها كثيراً هذه الأيام في أروقة ندوات الغرب الفكرية وفي مقابلات وكتابات سياسييها وباحثيها، ليس كَتَمَنٍّ، بل كَواقِعة مستندة الى عوامل ديموغرافية انكفائية، مالية واقتصادية وصناعية، مجتمعية وقِيَمِيَّة، نفسية وروحية الخ. محورية كتاب تود انه من خلال مُقاربته لعناصر تراجع الغرب وبالأخص أميركا، على ضوء حرب أوكرانيا، يَخرج كلياً من النمطية الفكرية الأحادية للنخب الغربية التي قاربت موضوع الحرب في أوكرانيا وأبعادها وتداعياتها من خلال منطق شيطنة روسيا من دون ايّ مقاربة نقدية لمسؤوليات دول معسكر الغرب نفسها وتناقضاتها ومصالحها الآنية التي بدأت تظهر ملامحها السلبية في إخفاقات الدعم المتكررة لأوكرانيا. أمام الثبات الروسي في أرض المعركة، الكلّ اليوم في أوروبا متخوف وقلق من |مكانية الانتصار الروسي المرتقب في أوكرانيا، خصوصا في حال وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية من...