الأحد - 12 أيار 2024

إعلان

البابا فرنسيس يزور مرسيليا الفرنسيّة الجمعة... مدينة لها دلالات تشكّلت بموجات الهجرة

المصدر: أ ف ب
صورة ارشيفية- منظر عام لمدينة مرسيليا جنوب فرنسا (29 ايلول 2018، أ ف ب).
صورة ارشيفية- منظر عام لمدينة مرسيليا جنوب فرنسا (29 ايلول 2018، أ ف ب).
A+ A-
مرسيليا التي يزورها البابا فرنسيس، الجمعة، هي أحد الموانئ الرئيسية على المتوسط وتشكلت منذ تأسيسها من خلال موجات الهجرة المتتالية وتتعايش فيها جماعات وأديان، وهما موضوعان يشكلان ركيزة هذه الزيارة.

وقال رئيس الكنيسة الكاثوليكية مرات عدة "سأزور مرسيليا، وليس فرنسا"، موضحا  أن "المشكلة التي تشغلني هي مشكلة البحر المتوسط".

وفي المقام الأول مصير المهاجرين حيث كانت أول رحلة بابوية له الى جزيرة لامبيدوسا الايطالية التي يصلها آلاف المهاجرين منذ سنوات والتي تشهد حاليا تدفقا جديدا.

يندد البابا بانتظام ب"اللامبالاة" في مواجهة غرق السفن المأسوي الذي خلف أكثر من 28 ألف مفقود في المتوسط منذ 2014 بحسب منظمة الهجرة الدولية.

ويقول تييري فابر مؤسس "لقاءات ابن رشد" التي تجمع منذ 30 عاما في مرسيليا مثقفين وفنانين "للتفكير في المتوسط من الضفتين"، إن "المبدأ المؤسس لهذه المدينة هو خليط بين ناس أتوا من أماكن أخرى وأناس من هنا".

ويذكر بأصل المدينة بحسب الأساطير وهو الزواج بين البحار اليوناني بروتيس الذي وصل قبل 2600 سنة من فوتشا (في تركيا اليوم) وغيبتيس ابنة زعيم قبيلة محلية. وأضاف "حين ننظر على المدى البعيد، نرى ان هذه القصة صامدة وتتحول، لكنها صامدة".

- مدينة مقياس للهزات -
وتأثر تاريخ المدينة بالتجارة خصوصا التجارة الاستعمارية التي جعلتها منطقة غنية، ولكن أيضا بالحروب والفقر والكوارث. قال فابر "في كل مرة تحصل فيها هزة كبيرة تاريخية، هناك هزات ارتدادية في مرسيليا، هي مدينة مقياس للهزات".

حل فيها اليونانيون والإيطاليون والأرمن واليهود من أوروبا الوسطى أو شمال أفريقيا، ورعايا من المغرب العربي وجزر القمر وفي الآونة الأخيرة من أوكرانيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء الناجين من عمليات العبور الخطرة في المتوسط.

يقول فرنسوا توما رئيس جمعية "اس او اس ميديترانيه" ومقرها في مرسيليا والتي تستأجر السفينة اوشن فايكينغ التي تقوم باغاثة المهاجرين في البحر لا سيما قبالة سواحل ليبيا، إن البابا فرنسيس "هو من الأشخاص القلائل الذين لديهم كلمة لها وقعها... لا يتوقف عن التنديد بهذه المأساة" في المتوسط الذي أصبح "مقبرة وبالتذكير بأن هذا الأمر يجب أن يتوقف".

لكن في مرسيليا كما في أي مكان آخر، تواجد المهاجرين يؤدي إلى صدامات حتى لو "انه منذ العصور الوسطى هناك تواجد أجنبي كبير، من تجار لكن أيضا سكان أكثر تواضعا قاموا بتعزيز الاقتصاد وتوسيع المدينة" كما يقول ستيفان مورلان المحاضر في التاريخ المعاصر بجامعة إيكس مرسيليا.

ويذكر الباحث الذي شارك في إعداد "أطلس الهجرات في البحر المتوسط" بان "هذا التنوع تم النظر اليه أيضا كتهديد". هكذا شهدت المدينة اندلاع أعمال عنف معادية للأجانب، ضد الإيطاليين عام 1881 على سبيل المثال. بدون ان يؤدي ذلك الى وقف وصول الوافدين لأنه "عشية الحرب العالمية الأولى، كان خمس سكان مرسيليا من الإيطاليين".

استهدفت أحداث عنف أخرى مواطنين من دول المغرب العربي العام 1973. ويقول تييري فابر "بعد الاستقلال، رفضت مرسيليا بشدة تعددية سكانها".

- "مدينة إنسانية"-
لكن رغم ذلك تبقى مرسيليا "مدينة إنسانية طيبة يتعايش فيها الناس" على ما تؤكد بلاندين شيليني-بون استاذة التاريخ المعاصر في جامعة أيكس مرسيليا والمتخصصة في شؤون الدين.

وتضيف "لكن هل يفضي ذلك إلى ترحيب وتسامح ديني" أو إلى "تواجد جماعات مختلفة لا تتخالط؟".

وتحظى المدينة التي تضم  بعضا من أكبر الجاليات اليهودية والمسلمة في فرنسا، بهيئة منذ 1990 تجمع ممثلين عن الديانات الرئيسية الى جانب رئيس البلدية سميت "مرسيليا الرجاء" لتشجيع الحوار ونزع فتيل التوترات المحتملة.

وتؤكد شيليني-بون أن مرسيليا ثاني مدن البلاد، تعاني أيضا من "الكثير من المشاكل والتمييز".

وتضم المدينة أحياء بين الأفقر في أوروبا وغالبا ما يسكنها افراد من أصول اجنبية وقد طالتها للمرة الأولى هذا الصيف اعمال العنف الحضرية التي هزت فرنسا.

يقول ستيفان مورلان إن مرسيليا معروفة بقيم "الانفتاح والاختلاط" لكنها تحظى أيضا "بسمعة سيئة" في ما يتعلق بالعنف.

من جهته، ييقول تييري فابر إن على مرسيليا "أن تكون همزة وصل، هذه هي ماهية مرسيليا".

ويؤكد جان مارك أفلين رئيس أساقفة مرسيليا "كل الناس يعلمون أنه في مسألة الهوية هناك دائما الآخر. يأتون من أماكن أخرى لكن حين يصلون، يحبون هذه المدينة وبسرعة كبيرة يصبحون أبناء مرسيليا، ويفتخرون بهذا الانتماء ولا يهم اذا لم تكن لديهم إقامة قانونية فهم سيحصلون عليها لاحقا. لديهم هوية، وهذا أمر مهم".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم