الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"نيويورك تايمس": آلاف المدنيين قُتلوا في ضربات لطائرات مسيرة أميركية

المصدر: "النهار"- "أ ف ب"
عناصر من مشاة البحرية الأميركية من الكتيبة الهندسية القتالية الأولى خلال عملية بحث عن مفقودين من المشاة بعد انفجار عبوة ناسفة بدائية في منطقة جارمسير بإقليم هلمند الأفغاني (13 تموز 2009- أ ف ب).
عناصر من مشاة البحرية الأميركية من الكتيبة الهندسية القتالية الأولى خلال عملية بحث عن مفقودين من المشاة بعد انفجار عبوة ناسفة بدائية في منطقة جارمسير بإقليم هلمند الأفغاني (13 تموز 2009- أ ف ب).
A+ A-
من المعلومات الاستخبارية الخاطئة إلى الأضرار الجانبية الحتمية ومقتل آلاف المدنيين، نشرت صحيفة "نيويورك تايمس" أمس تحقيقاً قاسياً حول ضربات الطائرات المسيّرة، الوسيلة المفضلة للجيش الأميركي منذ 2014 في حربه ضدّ الجماعات الجهادية في أفغانستان والعراق وسوريا.

استناداً إلى ألف و130 تقريراً لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول حوادث أدّت إلى سقوط ضحايا مدنيين، حصلت عليها الصحيفة الأميركية اليومية بموجب قانون الشفافية في الإدارات، يشكّل هذا التحقيق ضربة لصورة "الحرب النظيفة" التي تجري بـ"ضربات دقيقة"، كما يؤكد الجيش الأميركي باستمرار.

وقالت "نيويورك تايمس" إنّ "الحرب الجوية الأميركية شابتها معلومات استخباراتية فاشلة وعمليات متسرّعة وغير دقيقة لإطلاق صواريخ ومقتل آلاف المدنيين بما في ذلك عدد كبير من الأطفال". وأضافت أن "أيّ تقرير لم يُشِر إلى خطأ أو عقوبة تأديبية".
 
وبدلاً من الوعود بالشفافية في عهد باراك أوباما الذي كان أول رئيس أميركي يرجّح اللجوء إلى ضربات الطائرات المسيرة لتجنب مقتل جنود أميركيين، حلّ "التعتيم والإفلات من العقاب"، بحسب الصحيفة اليومية التي اضطرت إلى إقامة عدد من الدعاوى القضائية على البنتاغون والقيادة المركزية للجيش الأميركي (سينتكوم) للحصول على هذه الوثائق.

وخلال خمس سنوات، شنّ الجيش الأميركي أكثر من خمسين ألف غارة جوية في أفغانستان وسوريا والعراق. وقد اعترف بقتل ألف و417 مدنياً خطأ في غارات جوية في سوريا والعراق منذ 2014. والعدد الرسميّ للقتلى في أفغانستان 188 مدنياً سقطوا منذ 2018.

وفي هذا التحقيق الذي استغرق أشهراً، حلّلت الصحيفة الوثائق التي حصلت عليها وتحققت من الوقائع على الأرض ودقّقت في المعلومات الرسمية حول أكثر من مئة موقع تعرض للقصف. وعدد من الوقائع المذكورة كانت معروفة من قبل، لكن التحقيق كشف أنّ عدد الضحايا المدنيين الذين اعترف بهم البنتاغون "أقلّ من الحقيقة بشكل واضح".

وتكشف الوثائق أن مدنيين قتلوا في كثير من الأحيان بسبب ميل إلى التوصل لنتائج تنطبق على ما يعتقد المرء أنه مرجح، وفق الصحيفة.

 
أخطاء في التحقق
أشارت الصيحفة إلى أنً أشخاصاً يجرون باتجاه موقع تم قصفه اعتبروا مقاتلين لـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، وليس رجال إنقاذ. كما اعتبر راكبو دراجات نارية بسطاء أنهم يتحركون في "تشكيل" ما يدلّ على هجوم وشيك. 

وتفيد وثائق وزارة الدفاع الأميركية أنّ 4 في المئة فقط من الأخطاء في تحديد العدو أدّت إلى سقوط مدنيين. لكنّ التحقيق الميداني الذي أجرته الصحيفة يدلّ على أنّ نسبة هذه الحوادث تبلغ 17 في المئة وسقط خلالها ثلث القتلى والجرحى المدنيين.

كان للعوامل الثقافية أيضاً تأثير كبير. فقد اعتبر العسكريون الأميركيون أنّه "لا وجود لمدنيين" في منزل كانوا يراقبونه خلال أحد أيام رمضان، بينما كانت عائلات عدّة نائمة أثناء النهار في داخلها خلال شهر الصوم للاحتماء من الحرّ.

وفي أغلب الأحيان، ساهمت صور رديئة أو عمليات مراقبة لمدّة غير كافية في الضربات التي أدّت إلى سقوط مدنيين. كما أنّها كبحت محاولات التحقيق. وأكّد الجيش الأميركي "صدقية" 216 من أصل ألف و131 حالة درستها الصحيفة. ورُفضت تقارير متعلقة بسقوط ضحايا مدنيين لأنه لم تظهر في مقاطع الفيديو جثث تحت الأنقاض أو لأنها لم تكن طويلة بما يكفي لاستخلاص نتائج. 

بين الوقائع الواردة، ضربات نفّذتها قوات خاصة أميركية في 19 تموز 2016 استهدفت ما كان يُعتقد أنّها ثلاث مناطق في شمال سوريا يستخدمها "تنظيم الدولة الإسلامية" للتحضير لهجماته. لكنّ الضربات أسفرت عن مقتل 120 مزارعاً وقروياً.


"أضرار جانبية حتمية"
في مثال آخر، نُفّذت ضربة في تشرين الثاني 2015 في منطقة الرمادي في العراق بعد رصد رجل وهو يجرّ "غرضاً مجهولاً وثقيلاً" إلى موقع تابع لـ"تنظيم الدولة الإسلامية". وتبيّن في تقرير أُعدّ بعد مراجعة أنّ "الغرض" كان طفلاً قُتل في غارة.

أخيراً، اضطرّت الولايات المتحدة إلى التراجع عن تأكيدها أنّ سيارة دمّرتها طائرة مسيّرة في أحد شوارع كابول في آب كانت محمّلة بقنابل. وقد تبيّن لاحقاً أنّ ضحايا الضربة كانوا عشرة من أفراد عائلة واحدة.

ويشير التقرير إلى أنّ كثراً من المدنيين الذين أصيبوا في ضربات أميركية وبقوا على قيد الحياة يعانون إعاقات تتطلّب علاجاً مكلفاً، وأنّ أقلّ من 12 منهم تلقوا تعويضات مالية.

ونقلت "نيويورك تايمس" عن الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية بيل أوربان، قوله إنّه "حتى بوجود أفضل التقنيات في العالم، تحدث أخطاء، إمّا بسبب معلومات خاطئة أو تفسير خاطئ للمعلومات المتوافرة". وأضاف: "نبذل أقصى جهودنا لتجنب الإضرار، ونحقّق في القضايا التي تتمتع بصدقية كلّها ونأسف لكلّ خسارة في أرواح أبرياء". 

ورأت الصحيفة أنّ "ما يظهر في نهاية الاطّلاع على أكثر من 5 آلاف و400 صفحة من الوثائق، هو مؤسسة تقبل بأن تكون أضرار جانبية حتمية".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم