السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل يترشّح ظريف إلى الرئاسة الإيرانية؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف - "أ ب"
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف - "أ ب"
A+ A-

"كاذب"، "الموت للكاذب". بهذه الهتافات، قوبل كلام وزير الخارجيّة الإيرانيّ أمام مجلس الشورى في السادس من تمّوز الماضي، قبل أيّام على مرور الذكرى الخامسة للتوقيع على الاتفاق النوويّ. تعبّر هذه الهتافات عن مدى تراجع شعبيّة ظريف في طهران، بحسب ما كتبه الأكاديمي في "معهد بروكينغز" علي فتح الله نجاد، والباحث في جامعة طهران أمين نائني في موقع "المجلس الأطلسيّ".

 

ارتبطت شعبيّة ظريف إلى حدّ كبير بمسيرة الاتّفاق النوويّ. وبما أنّ الأخير لم يعمّر طويلاً، بالإمكان فهم سبب مواجهة شعبيّته المصير نفسه. ومع ذلك، بقي جزء من المعتدلين يروّج لظريف كمرشّح للانتخابات الرئاسيّة المقبلة.

 

تعقيدات المشهد الداخليّ

ثمّة توجّه عام يتوقّع أنّ المحافظين أو المتشدّدين سيحظون بالرئاسة في حزيران المقبل. ينطلق هذا التوقّع من مسار الانتخابات التشريعيّة في شباط الماضي والتي انتهت بفوز ساحق للمحافظين في مجلس الشورى بفعل انخفاض نسبة الإقبال ودور مجلس صيانة الدستور في "غربلة" الإصلاحيّين. لكن ثمّة سؤال يتعلّق بما إذا كان بإمكان إيران التخلّي عن ثنائيّة التنافس على الرئاسة بين معتدلين ومتشدّدين أو إصلاحيّين ومحافظين. الموضوع ليس متّصلاً بالصورة التي تريد طهران إرسالها إلى العالم عن نفسها وحسب.

 

قبل الرسائل الخارجيّة، يريد المتشدّدون توجيه رسائل داخليّة مفادها أنّ الإصلاحيّين فشلوا في تحقيق رؤيتهم القائمة على التفاوض نوويّاً مع الغرب مقابل جذب استثماراته إلى إيران. يرى المتشدّدون، وفي مقدّمهم المرشد الإيرانيّ الأعلى علي خامنئي، أنّه لا يمكن الوثوق بالولايات المتّحدة لعقد اتّفاقات معها. على الرغم من ذلك، لم يكن بإمكان الإصلاحيّين قيادة المفاوضات مع الغرب لولا مباركة المرشد.

 

ليس واضحاً اليوم حجم التحرّك الذي سيعطيه النظام للإصلاحيّين في الانتخابات. يضاف إلى المشهد الداخليّ المعقّد غموض آخر يلفّ نيّة الإصلاحيّين بالترشّح إلى المنصب في ظلّ قواعد لعبة غير منصفة.

 

ظريف يتحدّى

ذكر موقع "إيران إنترناشونال" في تشرين الثاني أنّ رئيس تحرير موقع "اِنتخاب" أجرى مقابلة مع ظريف بدت وكأنّها ترويج للأخير كشخصيّة تتمتّع بصلات مفيدة مع الولايات المتحدة، وبثقة المرشد الأعلى وبعلاقات إيجابيّة مع القائد السابق لـ"قوة القدس" قاسم سليماني. وخلال المقابلة نفسها، أعلن ظريف أنّه سمع عن قيام بعض المحافظين بالرهان على فوز ترامب. وقالوا للصينيّين والأميركيّين إنّ الحكومة الحاليّة في إيران لن تدوم طويلاً "وأنّ لديكم فرصة أفضل من خلال العمل معنا".

 

بإمكان ظريف الاستناد إلى معرفته الطويلة بالأميركيّين وتحديداً بالفريق المعنيّ بالملفّ الإيرانيّ في البيت الأبيض والذين تعرّف إليهم خلال المفاوضات التي سبقت اتّفاق 2015. علاوة على ذلك، درس ظريف في الولايات المتّحدة وحاز على درجة الدكتوراه من جامعة دنفر للقانون والعلاقات الدوليّة. لكن في أواخر كانون الأوّل الماضي، قدّم ظريف جواباً بـ "لا" قاطعة على سؤال من وسيلة إعلاميّة أفغانيّة عمّا إذا كان سيترشّح للرئاسة. مع ذلك، لا تزال تصريحاته الحادّة ومقابلاته الإعلاميّة الكثيرة تثير تساؤلات عمّا إذا كانت هذه الفكرة تراوده.

 

حين قال وزير الخارجيّة الفرنسيّ جان إيف لودريان إنّ إيران على مسار بناء أسلحة نووية، ردّ عليه ظريف عبر تغريدة طالباً منه "تفادي الترّهات الغريبة عن إيران". وكانت لظريف إطلالات إعلاميّة أخرى لعلّ أهمّها المقابلة التي أجرتها معه الإعلاميّة البارزة في شبكة "سي أن أن" كريستيان أمانبور الأسبوع الماضي. وحذّر ظريف الولايات المتّحدة من أنّها تملك "نافذة فرصة محدودة" للعودة إلى الاتّفاق ونفى إمكانيّة تمديده أو توسيعه ليشمل الشؤون الإقليميّة أو الصاروخيّة. فلو كان ذلك ممكناً لاستطاعت إيران والولايات المتّحدة التوصّل إليه في المفاوضات الماضية وفقاً لما قاله لأمانبور.

 

وكان كلامه مشابهاً لما أورده في مقاله الذي نشرته صحيفة "فورين أفيرز" في كانون الثاني حين كتب أنّه "لا يمكن التراجع عن الصفقات – وبالتأكيد التضحيات – التي قطعناها على أنفسنا لتأمين الاتّفاق". وبينما أعرب عن استعداد بلاده للحوار حول القضايا المتعلّقة بالإقليم، رفض أيّ تدخّل أميركيّ أو أوروبّيّ في المنطقة، كاتباً أنّ أبناءها هم الذين يتحاورون حول هذه القضايا.

 

"محاصَر"

هل تحمل هذه التصريحات في طيّاتها رغبة في تحسين صورته أمام المعتدلين والمتشدّدين للترشّح إلى الرئاسة؟ الباحث المشارك في "المعهد الهولّنديّ للعلاقات الدولية" (كلينجندايل) ميثم بهروش يستبعد هذا الأمر في تعليقه على سؤال "النهار". فهو أشار إلى نفي ظريف نيته الترشّح، كما إلى وضعه "المحاصَر" في الداخل والخارج بعد ثماني سنوات من نتائج متواضعة في السياسة الخارجيّة. ولهذه الأسباب، يبدو أنّ ظريف لا يتمتّع بما يكفي من رأس المال السياسيّ لتنظيم حملة انتخابيّة قابلة للحياة، بحسب بهروش.

 

ارتكب ظريف أخطاء عدّة جعلت حظوظه الانتخابيّة منخفضة. كتب نجاد ونائني في "المجلس الأطلسيّ" أنّ ظريف قال في تمّوز 2015 إنّ الإدارة الأميركيّة المقبلة لا تستطيع الانسحاب من الاتّفاق النوويّ. وتبيّن سريعاً خطأ هذا الكلام. ويعتقد إيرانيّون كثر أنّ ظريف حاول استرضاء المعتدلين والمتشدّدين فانتهى به المطاف هدفاً لانتقادات المعسكرَين. أبعد من ذلك، وصف المتشدّدون ظريف بأنّه "حصان طروادة" مشتبهين بأنّه يريد جعل الجمهوريّة الإسلاميّة غربيّة الهوى.

 

على الرغم من كلّ هذه المعطيات، قد يدفع خامنئي ظريف للترشّح كي يدفع الناخبين الساخطين للمشاركة في التصويت، وفقاً لبهروش الذي عمل كمحلّل استخباريّ ومستشار سياسيّ في إيران بين 2008 و 2010. ومع ذلك، ثمّة عامل آخر أكثر أهمية يلفت بهروش نظر قرّاء "النهار" إليه: التحضير لخلافة خامنئي التي قد تحصل خلال السنوات الأربع أو الثماني المقبلة. لهذا السبب، "لا تستطيع الجمهوريّة الإسلاميّة تحمّل رئيس أقلّ من أن يكون ممتثلاً ومتّفقاً بالكامل (مع توجيهات المرشد) حين تصل تلك اللحظة، لذلك من المرجّح أن تؤول الرئاسة التالية إلى شخصيّة متشدّدة أو محافظة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم