سلّطت الحرب المشتعلة في قطاع غزة الضوء على القوات الأجنبية المنتشرة بكثافة في غرب ليبيا، وفتحت الباب للجدل مجدداً بشأن إمكان إجلائها من هذا البلد الذي يعاني منذ سنوات صراعات محلية على السلطة والنفوذ.
فخلال تظاهرات خرجت خلال الأيام الماضية في المدن الرئيسية بغرب ليبيا، دعماً للفلسطينيين، رفع المتظاهرون لافتات مناوئة للدول الغربية الداعمة لإسرائيل، وردّدوا الهتافات المطالبة بتفكيك قواتها على الأراضي الليبية، ورحيلها. لكن سرعان ما تحوّلت تلك النداءات إلى تهديدات أطلقتها ميليشيات رئيسية مناوئة لرئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبد الحميد الدبيبة، في مدينة مصراتة (غرب ليبيا)، باستهداف المعسكرات التي فيها قوات أجنبية.
تهديدات بادي
وكان قائد ميليشيات ما يُعرف بـ"لواء الصمود" صلاح بادي، أعلن خلال إحدى التظاهرات عن مهلة 48 ساعة للقوات الإيطالية المتمركزة في الكلية الجوية بمصراتة، للرحيل عن ليبيا، مهدّداً باقتحام المبنى والاشتباك معها. كما شنّ هجوماً لاذعاً على الدبيبة، ووصفه بـ"الفاسد". وقال: "لو قبلنا بالعيش مع هؤلاء الجواسيس وهذه الحكومة الفاسدة فلا نستحق العيش على هذه الأرض". وأضاف: "أي قوة تفكّر في أن تواجهنا، ستجد منا بأساً شديداً، ورجال مصراتة جاهزون لمواجهة الطليان".
فيديو > صلاح بادي يمهل القوات الايطالية 48 ساعة لاخلاء القاعدة الجوية #مصراتة . #ليبيا #المرصد pic.twitter.com/DKBScLrPZj
— صحيفة المرصد الليبية (@ObservatoryLY) October 18, 2023
وفي أعقاب هذه التهديدات سُجّل توتر أمني في المدن الرئيسية لغرب ليبيا، وأفادت مصادر محلية أنّ حكومة الدبيبة استنفرت المجموعات المسلحة الموالية لها لتأمين المؤسسات الرسمية، والسفارات الأجنبية والبعثات الدبلوماسية. وأوضحت المصادر لـ"النهار العربي" أنّ قوافل من ميليشيات "دعم الاستقرار" و"اللواء 444" خرجت من معسكراتها وتوجّهت نحو المنشآت الدبلوماسية والمقرات العسكرية الأجنبية، والتي طُوقت من عناصر مدججة بالسلاح والسيارات المصفحة. كما لوحظ انتشار تعزيزات أمنية وسيارات مسلحة في شوارع مصراتة الرئيسية وقرب القاعدة الجوية العسكرية في المدينة، الأمر الذي أثار مخاوف من حدوث مواجهات مسلّحة.
رأي آخر حيال القوات الأجنبية
وتزامن ذلك مع اجتماع عقده المجلس البلدي في مصراتة مع بادي وعدد من الموالين له، لتهدئة الوضع، خرج بعده عضو المجلس إبراهيم حسن الصادق في بيان دافع فيه عن وجود القوات الأجنبية في الكلية الجوية، مؤكّداً أنّ أعدادها قليلة، وأنّ حضورها حالياً له جدوى. وأوضح الصادق في بيانه أنّ القوات الأجنبية داخل الكلية الجوية قوامها 50 عسكرياً إيطالياً و17 عسكرياً إنكليزياً و7 عساكر أميركيين، وهو موجودون داخل الكلية بتعليمات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ورئيس أركانه محمد الحداد.
وأكّد الصادق أنّه في حال تبيّن عدم جدوى وجود القوات الأجنبية، سيخاطب المجلس البلدي وزير الدفاع بضرورة إخراجها لانتهاء مهامها، أو لعدم الرغبة في وجودها داخل نطاق البلدية. ووعد أنّ المجلس البلدي وأعيان مصراتة سيقومون بجمع كل أطياف المدينة، واتخاذ قرار موحّد بخصوص وجود القوات الأجنبية في الكلية الجوية.
وأمام هذه الخطوة، تراجع بادي عن تهديداته باستخدام القوة ضدّ القوات المتمركزة في الكلية الجوية، وقال في بيان: "حمّلنا المسؤولية لمن يمثل هذه المدينة، ونحن ننتظر كلمة الفصل وموقف المدينة الشرعي والأخلاقي والتاريخي والإنساني، وهو أضعف الإيمان". وأضاف: "المجلس البلدي كتب الاتفاق في حضور مندوبين من الحراك، وإن لم يلتزم بما ورد فيه، يُعتبر ذلك خدعة، والكرة في ملعب المجلس البلدي وأعيان مصراتة، لأنّ هذا حراك دم"، مشيراً إلى أنّه طالب خلال اجتماعه بالمجلس البلدي بـ"كتابة الاتفاق والتوقيع عليه، حتى يعرف أهل مصراتة أنّ الحراك لكل الأحرار في ليبيا، وليس لي شخصياً".
التعاون مع تركيا
التوتر الأمني في غرب ليبيا جاء متزامناً مع زيارة قام بها الدبيبة إلى تركيا، حيث التقى رئيسها رجب طيب إردوغان، واتفقا على "تعزيز التعاون في مجال التدريب العسكري ورفع كفاءة عناصر الجيش الليبي"، فيما عرض الرئيس التركي المساهمة في إعادة إعمار المناطق المنكوبة في شرق ليبيا جراء الإعصار، وإتاحة الاستفادة من الخبرة التركية في التعامل مع الكوارث.
رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، يلتقي رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، في قصر وحد الدين بإسطنبول. pic.twitter.com/wArNB5gk1e
— الرئاسة التركية (@tcbestepe_ar) October 20, 2023
ومنذ تولّي الموفد الأممي عبد الله باثيلي مهمته التي دخلت عامها الثاني، سعى إلى إعادة الزخم لملف تفكيك القوات الأجنبية المنتشرة في الأراضي الليبية، وإجلائها، لكن جهوده ظلّت تراوح مكانها في ظل انقسام محلي وصراع دولي مشتعل.
معضلة القوات الأجنبية والمرتزقة
وكان تقرير صدر الشهر الماضي عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، أوضح أنّ اللجنة العسكرية المشتركة المعروفه باسم "5+5"، لا تزال تواجه تحدّيات تعرقل الانسحاب الفعلي للمقاتلين الأجانب من ليبيا بسبب غياب قيادة موحّدة نتيجة المشهد الأمني المشتت، إلى جانب غياب الثقة بين الأطراف الليبية المختلفة، والنفوذ الخارجي، نافياً انسحاب أي من المقاتلين الأجانب أو قوات أجنبية أو مرتزقة موالين للأطراف المتنافسة.
وأضاف أنّ "المقاتلين السوريين المدعومين من تركيا لا يزالون موجودين بين صفوف الوحدات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة". وحدّدت اللجنة وجود 300 من المقاتلين السوريين في معسكر "سيدي بلال" العسكري، في حين انخرطت عناصر في جبهة "التغيير والوفاق" التشادية، وهم من قبائل الطوارق، في اشتباكات مسلّحة ضدّ كتيبة طارق بن زياد، التابعة لقوات "الجيش الوطني" الليبي. وحذّر التقرير من أنّه رغم المساعي الوطنية والإقليمية لطرد المقاتلين الأجانب من ليبيا، إلاّ أنّ الوضع الأمني في ليبيا لا يزال يتأثر سلباً بوجود مقاتلين من تشاد والسودان وسوريا، إضافة إلى الشركات العسكرية الأجنبية الخاصة.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي
12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر
12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
ايران
12/4/2025 7:49:00 PM
واشنطن ترصد 10 ملايين دولار للإبلاغ عن الخبيرة الإلكترونية الإيرانية فاطمة صديقيان المتهمة بهجمات سيبرانية على بنى تحتية أميركية
نبض