الأربعاء - 22 أيار 2024

إعلان

ديموقراطية الطغاة الجُدد

المصدر: "النهار"
Bookmark
"حزب الله".
"حزب الله".
A+ A-
الدكتورة جوسلين البستانيليس مُستغرباً أن يقرّ مجلس النواب اللبناني خلال الجلسة التشريعية التي عقدها في 25 نيسان 2024 التمديد التقني للمجالس البلدية والإختيارية لمدة سنة كحدّ أقصى، إنما المُستغرب موجة السخط التي أثارها هذا التمديد لدى الأحزاب والمجموعات التي ما زالت تحاول إنقاذ ما تبقّى من مُهل دستورية ومؤسسات ديموقراطية، في وقت أصبح من الواضح للجميع أن ضبط الإيقاع الجديد وتحديد مسار التعطيل إنطلق فعلياً غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتسلّم "حزب الله" الأمانة من النظام السوري. رافق هذا المسار تحوّل مُذهل من ديكتاتورية الخوف إلى ديكتاتورية الخداع، فحصل الإنقلاب تدريجاً على رغم انه اتّسم أحياناً بالعنف وأحياناً أخرى بإزالة الرغبة في التمرّد لدى المعارضين لكن من دون اللجوء دائماً الى العنف المُفرط. فالقرن الحادي والعشرون هو قرن الطاغية المُتحايل على الحقائق spin dictator حيث لم تعد الشخصية التمثيلية للطاغية الشمولي شخصاً مثل جوزف ستالين أو جزاراً مثل عيدي أمين، بل هو مناور لطيف مثل لي هسين لونج في سنغافورة، وهو الحاكم الذي يتظاهر بأنه خادم متواضع للشعب. لكن الهدف المركزي ما زال احتكار السلطة السياسية، وبدلاً من ترويع المواطنين، يستطيع الحاكم الماهر السيطرة عليهم من خلال إعادة تشكيل مُعتقداتهم، وخداعهم للإمتثال وصولاً إلى الموافقة على طروحاته. والمثير للسخرية أن هؤلاء الطغاة الجُدد يزعمون أنهم يحترمون مبادئ الديموقراطية، بينما هُم يسيرون بوضوح في الإتّجاه المُعاكس. المُهمّ أن يُحافظوا على المظاهر الديموقراطية مع التأكيد على ضرورة بناء دولة مُتماسكة. لكن التدابير التي يتّخذونها تعمل بشكل واضح على تقْويض الضوابط والتوازنات، والتضييق على مساحة التنافس السياسي بهدف خدمة مركزية السيطرة وتعزيز سلطتهم التنفيذية. نراهم مثلاً يحُافظون على شكل الإنتخابات الوطنية، غير أنهم لا يدَعون شيئاً للصِدفة، مما يؤدي إلى نظام إستبدادي من نوع غير مألوف، كون السلطات تعمل على خلْق وهْم الموافقة، فإذا بالشعب يوافق على الأوهام. لماذا يتظاهر الطاغية بأنه ديموقراطي، وبأنه يحتضن رواج الحُريّة؟ لأن الحصول على الدعم الشعبي أمر بالغ الأهمية وفقا لنيكولو مكيافيلّي. كيف لا وقد أصبح جوهر الديكتاتورية يكمن في إخفاء الإستبداد داخل المؤسسات الديموقراطية الرسمية. لذلك نرى السلطويين المُعاصرين يتلاعبون بالإنتخابات، ويعيدون كتابة الدساتير، ويملأون المحاكم بالموالين. فاختباء الطُغاة الجُددّ وراء الواجهات الدستورية يؤمّن لهم الشرعية التي من الصعب أن يحصلوا عليها عبر الوسائل القانونية، لِتصبح النتيجة حكم الأقلّية باسم الأكثرية.وفي العودة إلى موضوع تأجيل الإنتخابات البلدية، التي رُحّلت للمرة الثالثة إلى العام المقبل، فالموعد حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم