يوم سقط لبنان في قبضة إيران

الدكتورة جوسلين البستانيإنقضى ما يقارب الأربعة عقود قبل ان يدرك اللبنانيون ان الجمهورية الاسلامية الايرانية قد أحكمت السيطرة على بلادهم، ويبادر البعض منهم الى الكلام عن احتلال ايراني وكأنه وليد ساعته. غير ان من امتهن ممارسة الصبر الاستراتيجي كان قد سبق وحقّق اول انتصار له في مسيرة وضع اليد على لبنان عام 1983، يوم تمّ تفجير مقرّي "المارينز" والقوات الفرنسية في بيروت بعمليتين انتحاريتين أدّتا الى مقتل ما يقارب 300 فرد من هذه القوات وانسحاب الجيوش الغربية لاحقاً من لبنان. لم تقتصر الامور على هذه الواقعة بل حصلت عمليات تفجير اخرى دخلت في اطار تبادل الرسائل الاستخباراتية، لكن استهداف هذين المقرّين العسكريين كانت له عواقب استراتيجية مهمّة ساهمت في جعل لبنان فريسة سهلة للجمهورية الاسلامية الايرانية، وبشّرت بعهد جديد لهجمات منظّمة "القاعدة" ضدّ المصالح الأميركية. كيف لا وقد تبيّن لأسامة بن لادن ان الإدارة الاميركية إنصاعت للإرهاب وسحبت جنودها من لبنان. بالفعل، سخر بن لادن خلال مقابلة مع ABC News عام 1998 من الولايات المتّحدة وتراجعها في العالم الذي تجلّى في بيروت عندما فرّ مشاة البحرية بعد تفجير مقرّهم. وبينما يلتفّ الاحتلال الايراني كالحبل الغليظ حول اعناق اللبنانيين، باتت الانظار شاخصة الى ما ستؤول اليه تطوّرات الاحداث والتظاهرات في الجمهورية الاسلامية الايرانية. ففي كل يوم يمرّ يكبرالتحدّي على وطن الارز وتزداد صعوبة الإفلات من القبضة الايرانية. كما ان التركيبة الجيوسياسية الناجمة عن التحالفات التي تلت حرب اوكرانيا ساهمت في تعزيز الدور الايراني في المنطقة وتقليص الاهتمام بأزمات لبنان. صحيح ان قسماً من اللبنانيين شارك في مخطط الوصول الى ما نحن عليه، لكن وبهدف إنصاف الذين كانوا دوماً معارضين للهيمنة الايرانية لا بدّ من التذكير بطبيعة الخصم الجاثم على ارضنا، مع الاشارة الى دور سوريا في إرساء تلك الهيمنة، اذ انه اضافة الى اعتبار سوريا موطنًا للعديد من المعالم الأثرية...