الحصانات بين تجربة المحكمة الخاصة بلبنان وعرقلة التحقيق في تفجير المرفأ

الدكتور دريد بشرّاوي* الحصانات، مهما كان نوعها، لا يمكن الدفع بها بوجه الجنايات الخطرة وخصوصا الجنايات ضد الإنسانية. عندما تكون الجريمة المرتكبة بهذا الحجم من الخطورة والشمولية ومنفذة بموجب خطة ممنهجة ومنظمة ويمكن وصفها بالجناية ضد الإنسانية المنصوص عليها بأحكام المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فلا مكان البتة للدفع بأية حصانة أمام المحاكم الجزائية الدولية مهما كان نوع هذه الحصانات ومهما كانت الصفة السياسية أو العسكرية أو الإدارية التي يتمتع بها الشخص المسؤول. وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في قراراها الصادر بتاريخ 14 شباط 2002 في قضية وزير خارجية الكونغو يروديا – Yerodia- عندما أقرت بعدم إمكان القضاء الوطني البلجيكي توقيف ومحاكمة وزير الخارجية لتمتعه بالحصانة أمام القضاء الوطني البلجيكي ولكنها أكّدت على عدم جواز تطبيق هذه الحصانة أمام المحاكم الجزائية الدولية. كذلك فان أنظمة المحاكم الجزائية الدولية الخاصة، لاسيما المحكمة الجزائية الدولية الخاصة برواندا والمحكمة الجزائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة تنص على أن صفة رئيس الدولة أو الوزير أو النائب أو أي مسؤول حكومي لا تشكل أي عائق في وجه ملاحقة ومحاكمة الشخص المعني، صاحب هذه الصفة وقت الملاحقة أو قبلها، بجرائم ضد الإنسانية أو بجرائم حرب وإبادة جماعية. وهذا ما نصت عليه أيضا المادة 27 من نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة المنشأة بموجب اتفاق روما الموقّع بتاريخ 17 تموز سنة 1998.وبالتأسيس على كل ما ورد أعلاه تجوز الملاحقة الجزائية ضد رئيس أية دولة أو وزير أو نائب أمام قضاء جزائي دولي خاص أو أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة (إذا ما توفّرت شروط الملاحقة القانونية)، بجرائم دولية ارتكبت ضد القانون الدولي الإنساني كالجنايات ضد الإنسانية، وحتى إصدار مذكرة توقيف بحقه من دون أن تشكّل الصفة الرسمية التي يتمتّع بها وفقا للقانون الدولي العام أي عائق في وجه الملاحقة أو التوقيف. وفي المجال ذاته، نعتقد أن لا إمكان لتطبيق أية حصانة في لبنان فيما...