السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

علي عبد النبي الزيدي: النصّ المسرحي سيّد الخشبة برغم دعوات تلغي دور الكتابة

المصدر: "النهار"
مسرح (تعبيرية).
مسرح (تعبيرية).
A+ A-
 
عمار عبد الخالق

علي عبد النبي الزيدي، مواليد العراق الناصرية 1965. هو عضو اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين، بكالوريوس فنون مسرحية في جامعة بغداد بكلّية الفنون الجميلة. كتب العديد من الأعمال الروائية، ويكتب للمسرح مؤلفاً مسرحياً منذ عام 1984. كَتبَ العديد من البحوث والدراسات المسرحية، ونشرها في الصحف العراقية والعربية منذ مطلع التسعينيات. شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الروائية المسرحية العراقية والعربية والدولية. صدرت له روايتا "بطن صالحة" (2009)، و"تحوير" (2012)، ولديه العديد من الأعمال الروائية المخطوطة التي لم تنشر بعد.
 
وهو يعدّ من أهم كتّاب المسرح في العالم العربي ونال جوائز منها: 
- جائزة (يوسف العاني للتأليف المسرحي) الثانية عام 1996، عن مسرحية "قمامة".
- الجائزة التقديرية في مسابقة الشارقة للإبداع العربي عام 1999.
- جائزة أفضل عمل متكامل وجائزة أفضل مخرج وممثل وممثلة في مهرجان طقوس المسرحي الدولي في الأردن، عن مسرحية "مطر صيف".
- جائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان الجزائر المسرحي للمحترفين عن مسرحية "افتراض ما حدث فعلاً"، من تأليفه وإخراج لطفي بن سبع، الجزائر 2012.
- أفضل عرض مسرحي متكامل لمسرحية "ثامن أيام الأسبوع"، مهرجان مجلس التعاون الخليجي في الرياض 2013.
- جائزة أفضل نصّ مسرحي في تونس، مهرجان القرطاج 2019،
وكذلك العديد من الجوائز المحلّية.
 
 
هنا حوار معه عن كتابة النصّ المسرحي.

- مرحباً "عطيل"، أحبّ تسميتك هكذا.
 
أهلاً ومرحباً بك.

- هل تركت وصاياك للمسرح العراقي في مسرحيتك "يا رب"؟

عطيل إحدى أهمّ شخصيات شكسبير، وحمل أحد نصوصه هذا الاسم الذي تحوّل إلى أيقونة عالمية. أما مسرحية "يا رب"، فقد تجد ظلالها على العديد من النصوص والعروض في مسرحنا العراقي والعربي أيضاً، بعد عرضها في الجزائر، وخاصة العروض تلك التي تحاول الاشتغال مع المقدّس. وهذا النصّ هو ضمن مشروع أطلقت عليه "الإلهيات"، وما زلت أعمل عليه بنصوص قادمة. تناوله بحثاً ونقداً الدرس الأكاديمي العراقي والعربي، وربما وصاياي كما سميتها أنت لم تكن بقصد منّي، ولكنها جاءت هكذا لتؤكد أهمية هذا المشروع واختلافه.

- هل ترك لنا الموت حرية الاختيار؟ وهل خشيت من تلك الحرية عندما كتبت مسرحية "قمامة"؟
 
لا شرعنة للأفكار، ومن يفكر بأنّ أفكاره يجب أن تُشرعن أو يُشعل الشرع ضوءاً أخضر لها لا يمكن له أن ينتج فكراً عظيماً وحقيقياً ومؤثراً. وسيظلّ بحدود الخوف الذي يحيطه من كلّ جانب. لذلك نصّ "قمامة" وغيره الكثير مما كتبت، يندرج وفق ما أسميه لا شرعنة للأفكار دينياً أو سياسياً أو اجتماعياً، فلا خوف من تلك السلطات بشتى تسمياتها. أقول بصوت عالٍ، اكتب بجرأة واقرأ الواقع الذي تعيش فيه قراءاتك المغايرة والشجاعة، ولا تلتفت إلى الخلف. ومن هنا يصنع نصّ "قمامة" لنفسه الحرية التي يراها مناسبة للكتابة.

- من يلعب النرد في رأسك؟

أميل للأفكار الجديدة والمختلفة، ربما هي جزء من أحلامي أو شطحاتي، وهي التي تلعب النرد في رأسي. تلك الأفكار الصادمة على مستوى كتابة النصّ المسرحي، وهي فرصة لأن أكتب مواقفي من الحياة بما أريده دون توقّف أو خوف قبل أن أغادر الحياة إلى الأبد.

- هل يمكن أن نقول إنّ هناك فضاءات للتجريب في المسرح العراقي؟

المسرح العراقي خاض غمار التجريب في وقتٍ مبكرٍ عربياً كما أرى منذ الستينيات، وكان هاجس التجريب ماثلاً عند رجالات المسرح العراقي، وهم يحاولون أن يجرّبوا على مستوى النص والإخراج والتمثيل. وسجّلت أسماء عراقية لمخرجين حضوراً بارزاً عربياً وهم يجرّبون أو لنقل يغامرون، تلك المغامرات التي حملتنا نحن الورثة على حبّ التجريب والبحث عن منافذ جديدة للكتابة وسواها.

- صاموئيل بيكت كان يضعُ مبرراً لكل شيء. هكذا عبّرَ في أحد لقاءاته المتلفزة، بمَ امتازَ مسرحُ علي عبد النبي الزيدي عن غيره؟
 
منذ نهايات الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلى الآن، يفخر العالم بكتاب مسرح اللامعقول ويسجل لهم اختلافهم. وصاموئيل بيكت أحد تلك الأعمدة المهمّة في هذا الاتجاه، الذي ما زال حاضراً إلى الآن مسرحياً. وأجدني أحاول أن أكون بحجم أولئك الكتّاب الذين علّمونا دروساً في المغايرة والمغامرة والذهاب إلى مناطق بكر. وربما مشروعي في نصوص الإلهيات أحد تلك المشاريع التي ستصمد كثيراً مستقبلاً. هكذا أرى أو أتمنى أو أخطّط له، أما المقارنة فأتركها دائماً للباحثين والنقّاد ليدلوا بآرائهم.

- هل استغنى المسرح الحديث عن الحوار والنص وأصبحَ يبحثُ عن قوالب جديدة للاكتشاف؟
 
يظل النصّ المسرحي سيداً على خشبات المسارح مهما سمعنا من صيحات ودعوات تلغي دور الكتابة أو المؤلف المسرحي، أسمعها منذ مطلع التسعينيات على أقل تقديرٍ، ولكن بالمقابل ما الذي حدث؟ ظلّ النص المسرحي صامداً بل قائداً لتجارب العروض المسرحية المهمة. مع إيماني بأنّ التنوّع على قدر كبير من الأهمية وهو ديدن حياتنا المسرحية. لا يمكن للمسرح الآن أو مستقبلاً أن يستغني عن التأليف المسرحي على الإطلاق، وكلّ من يتحدث بهذه الطريقة يضع قطناً كما يبدو في أذنيه ولا يريد أن يستمع إلى تصورات الآخر في هذه القضية المهمة.
 

- هل السينوغرافيا مفردةٌ من مفردات النصّ المسرحي أم نصٌ مختلفٌ يولدُ من خلال التمرين؟

السينوغرافيا واحدة من مفردات المخرج جمالياً وفكرياً، وهي إحدى أدواته المشتركة مع السينوغرافي المحترف باتجاه خلق فضاء من الأفكار التي تدفع بالعرض إلى حياة جديدة وساحرة. وأنا أرى أنّ اشتغالات السينوغرافي هي بالضرورة خارجة من معطف النصّ لأنه الفراش الأساس في خطاب العرض أصلاً.


- هل التنوّع في مسرح الزيدي مقصود أم لا؟
 
أنا أشتغل على مشروع تراه يتغير وفق الظروف السياسية في العراق، وأميل لأن أكون كاتباً يذهب إلى ما هو إنساني ينطلق من محليّته إلى آفاق أبعد، فتجد ما كتبته في التسعينيات يختلف إلى حدّ كبير عمّا كتبته بعد الاحتلال لأنّ الظرف تغيّر، والكثير من المواضيع السائدة آنذاك اختلفت عما يحدث اليوم. لذلك لا بدّ من الاشتغال على مشروع آخر يستمد أفكاره من المشهد العراقي الصاخب بالأحداث المتسارعة والغريبة في الوقت نفسه. ومن هنا أنا أومن بالتنوّع بطريقة وأخرى.


- أتشاهدُ مسرحياتك كمتلقٍ أو مؤلف؟
 
أحاول التخلّص من المؤلف بداخلي وأنا أشاهد عرضاً مسرحياً من تأليفي، وأتحوّل إلى متلقٍ حتى أكون محايداً في ردود أفعالي. ولكن الغلبة ستكون للمؤلف بالتأكيد، وتجدني محاطاً بالقلق والتوتر أكثر من المخرجين والممثلين ربما، رغم وجودي في صالة العرض وجلوسي مع المتلقّين. ولكنني من المؤلفين الذين يشعرون بالمتعة الكبيرة للعروض المهمة التي تكون من تأليفهم، تلك المتعة التي لا تتحقق كثيراً طبعاً إلّا بحدود عروض قليلة!
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم