اشترِك في نشرتنا الإخبارية
باريس- أوراس زيباوي
لم تجذب مدينة باريس إليها الأدباء والفنانين من مختلف أنحاء العالم فحسب، بل كانت أيضا موضوعا أدبيا وفنيا لعدد من هؤلاء، بل هي الموضوع الرئيسي لفنانين من أمثال الفنان الفرنسي الراحل راوول دوفي (1877-1953) الذي يقام له حالياً في "متحف مونمارتر" معرض بعنوان "باريس الفنان دوفي"، يقام بالتعاون مع متحف الفن الحديث في مركز بومبيدو الثقافي، ويطمح، بالإضافة الى عرض أعمال الفنان، إلى دراسة علاقته بالمدينة وما نتج منها.
أكثر من مئتي عمل فني ووثيقة تتراوح بين لوحات زيتية ورسوم ومائيات ومحفورات وخزف ومنسوجات وصور فوتوغرافية تعبّر عن ملامح المدينة وفق رؤية راوول دوفي وأسلوبه الفني الخاص. تحضر في هذه الأعمال أحياء مونمارتر وصروح كثيرة من المدينة كبرج إيفل ومعالم أخرى منها مبنى الأوبرا ومبنى الأنفاليد فضلا عن مشاهد من الحياة اليومية والسهرات الليلية ونهر السين وغابة بولونيا المحاذية للمدينة.
جميع هذه الأعمال تعود الى الفترة الممتدة بين 1898 و1953 وتبين أن المدينة كانت دائما مصدر وحي له منذ وصوله إليها نهاية القرن التاسع عشر آتيا من مسقط رأسه من مدينة لوهافر البحرية.
إنها باريس مطلع القرن العشرين هي التي رصدها الفنان دوفي، كما رصد تحولاتها في تلك الآونة مع انتقال المدينة من الإضاءة بالغاز الى الإضاءة الكهربائية. وتكشف الرسوم التصويرية حرية الحركة التي اعتمد عليها دوفي خصوصا في رسمه العمارة والشوارع والحدائق وأبعادها الهندسية بحسب معايير محض جمالية تجسدت في كل التقنيات التي أبدع فيها الفنان.
%2004.jpeg)
في موازاة هذه الرسوم تطالعنا المحفورات، وخصوصا تلك على الخشب التي اعتمدت على اللونين الأبيض والأسود وإظهار النور من خلالهما. كما تطالعنا محفوراته التي خصصها لصديقه الشاعر غيّوم أبولينير الذي توفي عام 1918، وهذه المحفورات تزين بشكل مبتكر كتابا بعنوان "الشاعر المقتول" ينطلق فيه أبولينير من سيرته الذاتية.
باريس في عيون الفنانين والأدباء، كما تطالعنا اليوم في معرض راوول دوفي في متحف مونمارتر، تكرس صورة المدينة في العالم أجمع انطلاقا من تصوّر ثقافي فني، وتعطيها ملامح يمتزج فيها الواقع والمتخيل بطريقة آسرة ميزت العاصمة الفرنسية عن باقي العواصم والمدن.
