الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

بشّر بها إيليا أبو ماضي و"أخرجت فيروز مِن وَقارها"... لميعة عبّاس طَوَت ديوانها ورحلَت

المصدر: "النهار"
شربل بكاسيني
شربل بكاسيني
الشاعرة الراحلة لميعة عبّاس عمارة (أرشيفية).
الشاعرة الراحلة لميعة عبّاس عمارة (أرشيفية).
A+ A-
"قد لا أكون شاعرة كبيرة ولكني لم أكن يوماً إنسانة صغيرة"
 
 
شاعر تلو آخر، تفقد المكتبة العربية، والعراقية على وجه الخصوص، أصواتاً أدبية حرّة، غرّدت في فضاء الحبّ والوطنية على مدى عقود. نودّع اليوم، الشاعرة الكبيرة لميعة عبّاس عمارة، التي عرفناها عرّابة الحداثة وكاهنة معبد الشعر العراقي الذي أشعل قلبها رغم ابتعادها القسري عن وطنها، فجاء المرض بعد 92 عاماً ليُوحّدها بترابه الذي خرجت منه زنبقةً إلى العالم.
 
جمعت عبّاس علاقة قوية بشاعر "الطلاسم" اللبناني إيليا أبو ماضي، حيث كانت تُرسل إليه قصائدها في حداثتها، ونشر لها أولى قصائدها في الرابعة عشر من عمرها في مجلة "السمير"، قائلاً في شفافية رومنسيتها المرهفة: "إذا كان في العراق أطفال كهؤلاء، فإنه مُقدم على نهضة شعرية"، جسّدتها عبّاس مع الشاعرة نازك الملائكة والشعراء بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبدالوهاب البياتي، في منتصف القرن الماضي.
 

كانت لميعة عبّاس صوتاً أنثوياً حادّاً في غابة ذكورية، رسمت صورة المرأة العربية المتنوّرة من خلال دواوينها ومؤلفاتها التي نذكر منها: "الزاوية الخالية" (1960)، "عودة الربيع" (1963)، "أغانى عشتار" (1969)، "يسمونه الحب" (1972)، "لو أنبائى العراف" (1980) و"البعد الأخير" (1988).
 
في مقابلة مع الأكاديمية العراقية عفاف نعش، استذكرت عبّاس لقاءاتها "الكثيرة" مع السيدة فيروز، وكيف قالت لها الأخيرة ذات مرّة: "أخرجتيني من وقاري"، لأنها كانت تنادي بصوت "الله الله" بينما كانت لميعة تُلقي شعرها.
 
(لقاء مع السيدة فيروز- من أرشيف لميعة عبّاس)

وجّه وزير الثقافة حسن ناظم اليوم، بطباعة أعمال عبّاس "طباعةً فاخرةً تليق باسمها"، وأوعز إلى "دار الشؤون الثقافية العامّة" بتشكيل فريق عمل يضمّ كبار الأكاديميين والشعراء لجمع قصائدها.
 
قالت عبّاس ذات مرّة في لقاء تلفزيوني: "لا نستمتع بجمال الأشياء التي نراها في أحسن مكان في العالم، إلّا إذا شبّهناها بمكان هو في العراق".
 
ولعلّ أصدق ما أنشدت في حبّ لبنان كان عجز البيت الأول من قصيدة "ملهمة الشعراء"، حيث نظَمَت: "بيروتُ هل فارقَتني كي أعودَ لها؟". وفي عن جرح "باريس الشرق" إبّان الحرب الأهلية العبثيّة، ضمّنت ديوان "أنا بدويٌّ دمي" قصيدة "ليالي بيروت"، ترنّمت فيها بالآتي: 
 
"نَقيُّ الصمتِ هذا الليلُ، 
ساكنةٌ شوارعُهُ
وساكنةٌ على حَذَرٍ نواياهُ،
مخابئُهُ مُعبأةٌ
قذائفُهُ مُهيأةٌ
 وبعض الموتِ منتظرٌ
ولغمٌ سوفَ ينفجرُ
وأشعُرُ لستُ أخشاهُ
لأنّي في سكونِ الليلٍ
سائرةٌ وإياهُ"
 
وداعاً لميعة. وداعاً يا جميلة بغداد وحبيبة بيروت.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم