السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

شهادات في "المعلمة" منى السعودي رائدة النحت واللون والكلمة

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
رائدة النحت والشعر والكتابة الراحلة منى السعودي.
رائدة النحت والشعر والكتابة الراحلة منى السعودي.
A+ A-
في خبر مؤسف، حل يوم يُتم جديد في بيروت مجدّداً بخبر رحيل رائدة النحت والشعر والكتابة منى السعودي، تاركة وراءها مدينة مجروحة في صميم كبريائها...

يجتمع محبّوها غداً صباحاً من العاشرة صباحاً الى الثانية بعد الظهر في دار الوردية ليعزوا أنفسهم برحيل الفنانة المتألقة، التي سيغادر جثمانها بيروت الى عمّان برفقة ابنتها ضياء البطل حيث يوارى في الثرى هناك في وطنها...

عاشت السعودي انكساراً حادّاً مرّتين أساسيتين في حياتها، الأولى عند هزيمة حزيران 1967 والثانية في ويلات بيروت "وطنها الثاني" أو ربما الأول.

هي "المعلمة" للكثيرين، ومنهم للنحت، وللكلمة وللّون، الذين شهدوا صراعاتها المضنية ضدّ أقدار هذا الكون الملعون...
 
 

الفن والحياة
قد يكون الشاعر والرسّام الغرافيكي سمير الصايغ خير شاهد على مسيرة منى السعودي، "التي تختصر الحداثة بمفهومها الكبير والعام والإنساني بالفن والحياة...".

"لا شك"، وفقاً له، في أنها "علامة فارقة في النحت، وهي واحدة من أكبر رائدات هذا الفن في العالم العربي، ولا سيما في النحت الذي قدّمت إليه الكثير في وقت كانت فيه النساء في غربة عنه".

أشار في اتصال مع " النهار" الى أنها "جاءت الى بيروت وهي يافعة لتعيش الحركة الفنية التشكيلية في عزها، الى أن غادرت الى باريس، المدينة الثانية، لتعود ثانيةً الى بيروتها وتنضمّ الى الحداثة الكبيرة بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية...".

"لم تتحمّل"، وفقاً لصايغ، "ثقل هزيمة حزيران 1967". ذكر أنها "انضمّت الى مناصرة القضيّة الفلسطينية، وجاءت الى مخيّم البقعة ليولد معها أول عمل فنّي مهمّ ضمّ رسوماً للأطفال، ليتحوّل الى كتابها الأول في القضيّة الفلسطينية".

"انجرفت طوعاً"، وفقاً لصائغ، "للعودة الى بيروت لتنساق في الحركة الأدبية والفنّية وتصبح عضواً في مجلة "مواقف" مع أدونيس".

بالنسبة لصايغ، "جذبتها مدينة باريس في محطات عدّة أبرزها عندما قرّرت متابعة تخصّصها في النحت هناك...".
 

حرّية الانسان

الى بيروت مجدّداً. أراد الصايغ في حديثه أن "يثمّن العلاقة الوطيدة بين السعودي وبيروت، التي كانت دائماً نقطة العودة والانطلاقة نحو آفاق واسعة"، مشيراً الى أنها "كانت تتابع القضيّة الفلسطينية من خلال رسوم "لا تهدأ" لكل من غسان كنفاني،محمود درويش، وأدونيس وسواهم...".

"كل هذا"، وفقاً لصايغ، "يشير الى أنها لم تكن تدافع عن المرأة فقط بل كانت تدافع عن حرّية الإنسان ذكراً كان أو أنثى، وهذا ميزة الفنّ الذي اعتنقته...".

كيف يصف علاقتها ببيروت؟ الجواب بسيط، وفقاً له، فهي " أحبّت بيروت بشكل لا يوصف بصمودها وهزائمها، وتالياً بقيت هنا في أوقاتها الصعبة رافضة مغادرة المدينة". قال: "بقيت معنا ومع القضايا الأساسية، منها الحداثة الفنّية العالمية...".

كشف أنها "كانت ستُمنح الجنسية اللبنانية، إلا أن المعادلة تغيّرت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري".
 
 
 

النحت أولاً
صوت ابنتها ضياء البطل على الهاتف يغلبه حزن شديد لفقدان أمّها. جاءت من لندن، مكان إقامتها، لتكون مع والدتها بعد أن اختارت الإقامة في مدينة الضباب في عام 2007 متفرّغة للرسم و النحت "المطعّم" بالحديد...

كيف عاشت منى السعودي فاجعة 4 آب؟ أجابت في اتصال مع "النهار" بصوت حزين جداً أنها "كانت تزورها في إنكلترا عندما انفجرت بيروت"، قالت: "سكنها القلق الشديد. لم تتوقف عن الاتصال ببيروت، كانت تلاحق الأخبار وتتابعها دون تردّد...".

نقلت البطل عن أمّها أنها "كانت تعيش علاقة خاصة مع بيروت لا تزعزعها أيّ مشكلات كانقطاع الكهرباء أو الماء مثلاً"، مشيرة الى أنها "كانت تردّد على مسمعي دائماً أن ما بيني وبين بيروت خاص جداً...".
 
ماذا عن النحت؟ قالت: "كان أولوية". أكملت شارحة أنها "كانت دائماً تجعله في مقدّمة اهتماماتها"، مشيرة الى أنها "كانت لا تنحت من أجل المال، بل كانت تعيش عشقاً مع فنّها".
تذكّرت أنها "عملت على التوفيق بين وظيفة التعليم في الجامعة الأميركية وفنّ النحت، لأنها احتاجت الى المال لتوفير متطلبات الحياة".
 

 
 
الحركة النسوية
كيف تلقى الفنانون خبر رحيلها؟ ذكر النحات الكبير نعيم ضومط بكلام مقتضب لـ"النهار" أننا خسرنا "نحّاتة مهمّة كثيراً، ولا سيما في بصماتها الخالدة في الحركة النسوية في النحت...".
بالنسبة لصالح بركات، الذي استضاف معرضها الأخير في غاليري تحمل اسمه، فهو يثني على بصمتها الخاصة، "ولا سيما عندما تثير عبر النحت مواضيع أنثوية مثل الأمومة، الأنوثة والحياة".
قال: "منى السعودي هي من الرائدات، تحاكي النحت من خلال استعمال الخام، الحجر الأصفر والأبيض".

"كل عمل"، وفقاً له، هو "تحدٍّ بحدّ ذاته، وهو محاولة لاكتشاف خاصّ لمنحوتات يشبه بعضها بعضاً، وتشبه عائلة واضحة".

شدّد على أن أعمالها غزت معارض عدّة في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا، تاركة بصمة خالدة في منحوتة “هندسة الروح” المنصوبة اليوم أمام معهد العالم العربي في باريس.
أما الفنان التشكيلي جميل ملاعب فقد تذكر في اتصال مع "النهار" لقاءه بها في عام 1972 وتحديداً في محترف أستاذه حليم جرداق في الجامعة اللبنانية، مشيراً الى أن "أعمالها شاعرية ترتكز على عمق ثقافتها، تجربتها في النحت كانت متميزة ومتقشفة، لم تخلُ من ظروف فرضت عليها التوقف عن هذا الفنّ لوقت قصير لأن النحت يحتاج الى سلم".

لفت الى أنه "شارك معها في المعرض العالمي من أجل فلسطين في بيروت، الذي نظمته منظمة التحرير الفلسطينية، حيث عرضا معاً لوحات عن الحرب وزمنها البشع".

[email protected]
Twitter:@rosettefadel


الصور من معرض منى السعودي في غاليري صالح بركات في أيلول 2017

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم