الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

وجوه في غاليري "موجو" تتساهل مع فضولنا لاسيما وأننا "صرلنا فترة مخبايين"

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
من المعرض.
من المعرض.
A+ A-
هل نعرف حقاً الناس الذين نُصادفهم في الطريق؟ وهل يحق لنا أن نحسم فعلاً أننا نعرف وجوههم الحقيقيّة المُتربّصة خلف الوجوه التي يطلّون علينا من خلالها؟ هل نعرف الكثير عن هؤلاء الذين نعيش معهم لحظات عابرة في يوميّاتنا ومع ذلك نتعلّق بطيفهم لنهرب من خلاله من كل الذي نعيشه معاً؟
 
وحده الفنان، بحسب معرض Faces Behind The Faces، الجماعي المُستمر حتى العاشر من أيلول في غاليري Mojo، قادر على أن ينقل من خلال عينه الفضوليّة المشاعر النابعة من القلب متوسلاً الشكل واللون والخط.
 
والعمل الفني أكثر من قادر على أن يُلغي هزّات هذا الشتاء الطويل الارتداديّة الذي اندلعت عاصفته في الخارج منذ أشهر طويلة، والآن أصبحنا في "عز الصيف"، ولا بد لنا من أن نستبدل سمفونيّة الرياح المُستمرة من خلال كل الأساليب الفنيّة التي أرادتها صاحبة الغاليري، الفنانة السعيدة والمُشرقة، لوما ربّاح، صلة الوصل بين الزائر والفنان إن كان مُبتدئاً أم مرّت عليه حالات الزمان شتى.
 
والوجوه التي يطل الناس من خلالها علينا، قد تأخذ أكثر من شكل وقد تتكوّن من أكثر من طبقة. وعين الفنان الفضوليّة تنقل ترنّح الروح، والزائر، يشعر تالياً بالفرح والحزن والغضب والحنين ما إن يقف أمام هذا الوجه أو ذاك. وقد يشعر بالارتباك. والفنان مُنهمك في تصوير الوجه الذي يعكس رقصاته الداخليّة و"اشتباكاته" مع نفسه والآخرين. وقد يرتاح الزائر لهذا الوجه و"ينفر" من ذاك. والمعرض يطرح سؤالاً محورياً، "من هي الوجوه المُتربّصة خلف الوجوه"؟
 
في هذا المعرض القائم في الفُسحة المُشرقة تماماً كروح لوما ربّاح، نجد الفنان التشكيلي اللبناني جنباً إلى جنب مع السوري، ومعاً يغوران في أروقة الوجوه.
 
هو بكل تأكيد احتفال بالخلق، ولكنه يرمز أيضاً إلى الصمود الذي نحوّله أرجوحة أحلامنا. وهي ليست المرة الأولى التي تستقبل فيها هذه الفُسحة القائمة في الأشرفية، المعارض الجماعيّة التي تحتفي بمختلف الأنماط الفنيّة وتُقرّبها بضع خطوات من الزائر.
 
وتقول لوما المُصرّة على أن تصرخ في وجه هذه الهزيمة الثقيلة التي بتنا نرتديها ثوب أيامنا باستسلام مُطلق، إنها أرادت أن يكون الفن والفرح الجواب القطعي لهذه الظروف التي نعيشها على كافة الأصعدة. وأن يكون الخلق هو الزوبعة التي تلجأ إليها منطقة الأشرفية في هذا الوقت من السنة الذي يهجرها سكّانها هرباً إلى القُرى والجبال. الصيف والحرّ لن يمنعا المنطقة من أن تعرف المعنى الحقيقي للفرح.
 
 
فكان المعرض الجماعي لخلق الأجواء اللذيذة التي تُنبئ بالخير، وتُبعد عنّا هذه الانجرافات الهائلة التي بتنا نؤمن بأننا نعيشها قدرنا وأن لا مفرّ منها.
 
وتضيف أن المعرض حاجة ملحّة ليلتقي الناس بعضهم مع بعض حول المشهّيات المُنبثقة من المُخيلة والتي هي في أكثر الأوقات خلاصة كل ما "خمّره" الفنان جيداً في العقل قبل أن "يرميه" من خلال مختلف الوسائط الفنية. "نلتقي وندردش ونناقش الموضوعات الفنية، وينتعش معنا الشارع". الجميل في هذا المعرض، بحسب لوما، أن الجيل المخضرم يقف جنباً إلى جنب مع الجيل الصاعد الذي لم يعش لحظة عزّه كما يجب بعد. وهذا لا يمنع الأحاديث بين الأعمال والدردشات بين الزوّار.

في هذه الفسحة، "ما في طبقيّة. ما في فوقيّة. هنا نُشجّع كل ما هو جميل. وكل الأعمال على اختلاف أساليبها والخبرة التي تُدير أشرعتها تُعرض جنباً إلى جنب".

أما في ما يتعلّق بعنوان المعرض، فالمسألة بالنسبة للوما بسيطة، "نحن نتحدث عن الرسمة على سبيل المثال، والوجوه التي نجدها فيها. فهي تجعلنا نفكر بالذي رسمها. لا نفكر فقط بالوجوه في اللوحات، بل غالباً ما تأخذنا مخيلتنا إلى الفنان الذي ابتدعها".
 
 
قد تكون الوجوه في الأعمال، بحسب لوما، من وحي الخيال، ولكن الأسلوب الذي عالج الفنان فيه رسمته يعكس حقيقة الفنان إلى حد ما.
 
ومن هذا المنطلق فإن الوجه في اللوحة يُمهّد لنا الطريق للوصول إلى الوجه الحقيقي الذي "يُدير اللوحة، يُدير "اللعبة". كيف يرى الفنان الآخرين، كيف يُصوّرهم، كيف يُعالج صراخهم الداخلي الصامت، "وعندما ننظر إلى وجوه الآخرين، غالباً ما نطرح على أنفسنا بعض أسئلة: على سبيل المثال – شو بيحسّسوكِ؟ - أحياناً ننظر إلى الناس فنشعر بأنهم أقرب ما يُمكن إلى القلب. نشعر من خلال هذا الوجه أو ذاك بالفرح. وأحياناً تُزعجنا بعض الوجوه، ونحتاج تالياً إلى التعرّف إليها عن كثب لنُطلق حكمنا النهائي عليها. هذا المعرض يدفعنا إلى التفكير في الوجوه لاسيما وأننا – صرلنا فترة مخبّايين - !".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم