الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

خطب التقاعد

المصدر: "النهار"
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
تقاعد الجنرال ديغول في رسالة من سطر واحد. وغادر قصر الإليزيه الى منزله الريفي في كولومبي، فصار مجد فرنسا هناك. صار رئيساً فيما فرنسا هزيلة مفكّكة مهدّدة بالحرب الأهلية، ذليلة أمام شركائها الغربيين، وتركها دولة صناعية كبرى، تغلق مقرّ الحلف الأطلسي في باريس وتبني لنفسها "القوّة الضاربة" وتبني موقعاً مستقلاً بين الأميركيين والسوفيات في ذروة الحرب الباردة. عندما تُوفي بعد عام، قال جوج بومبيدو: "فرنسا ترمّلت"، إذا عرضتَ جميع من أتوا بعده، يتبيّن لك أن فرنسا صغرت. ليس في تاريخه سوى معركة ثانوية واحدة. الباقي حروب من أجل استقلال فرنسا ووحدتها وكرامتها والحذف من سرديتها الوطنية العار الذي وصمه بها هنري بيتان.الجنرال فؤاد شهاب تقاعد في رسالة من أربعة أسطر، تاركاً خلفه اللقاء مع جمال عبد الناصر في خيمة على الحدود، ودولة مؤسسات وجيشاً متقدّماً، وقضاءً محترماً، ودستوراً مقدّساً، لا يمسّه سوى الأنقياء وأهل العلم والضمير.عاد الجنرال فؤاد شهاب الى منزله الريفي المتواضع، دون معركة عسكرية واحدة، دون تعيينات وعائليات وصفقات وشبهات، أنهى حرب 1958 وأحلّ محلها السلام والدولة. ولم يطلب شيئاً، ولم يقبل شيئاً، ولم يساوم في شيء. وأحاط نفسه بمن هم مثله في عزة النفس وكرامة الذات وليس بينهم غنيّ واحد أو فاسد واحد. الأمانة، بالنسبة إليه، كانت مطلقة، والقَسَم أقدس من الكتاب، وإلّا، فلماذا الجمهوريات إن كانت سوف تسلم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم