الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ألق الحضور، وفخامة الغياب

المصدر: النهار
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
ألق الحضور، وفخامة الغياب
ألق الحضور، وفخامة الغياب
A+ A-
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضّاح وثغرك باسمالمتنبيأدهشنا في غيابه اكثر مما يوم كان حيّاً، لم يبقَ احد  إلاّ وخرج الى تأبينه. لم يبقَ شاهد إلاًّ وتقدم يشهد، للسيرة الكبرى والعقل والفؤاد والهدوء والرضا والدماثة والخُلق. اكتشفنا يوم غاب، أننا لم نكن نعرفه على رغم ستة عقود من المعرفة. لكن ما عرفنا يوما أن لبنان لم يُجمع على احد كما اجمع على خصاله. كل بيتٍ شعَر أنه فقد جان عبيد. كل لبناني انتبه الى أنه لم يكن يعرف مدى كفاءاته ومؤهلاته ومثالياته وألمعيته.  هو لن يصدق أنه كان ماهراً إلى هذا المدى في صناعة مؤهلٍ للرئاسة وقيِّم على الجمهورية، وخليقاً بأمانة الاوطان. رجل تمتع بأفضل الثروات: نفسه! بلا حزب، وبلا مورِّث، وبلا جماعة، وبلا موكب، وبلا مال، وبلا نفوذ. كفاءة واحدة: حماية الذات من الإهانة، والنُبل في حفظ الوفاء، والحرص على تكريم الآخرين كعمل يومي، باحترامهم واعتبارهم، ومعاملتهم كرفاق وأهل، وتذكيرهم دائماً بأنه لا يمكن ان يتكبّر على بيت البساطة الذي طلع منه، وما علمته "أم إيلي"، بأن التواضع حصانة للناس من عتب الناس ومن غضب الله.تعامل جان عبيد مع الرئاسة على انها مرتبة روحية، وطنية، لا سياسية. ومن اجل بلوغها، يجب ان يعمل لاستحقاقها كل يوم. ولذا، لم يتوقف لحظة عن نهل المعارف، وحصد الثقافات، ومحاورة اهل الفكر. وكان شغفه في الحياة، النصح والصلح. لا يستعلي في الأخذ، ولا يبخل في العطاء. وعندما ذهب السياسيون الى الحرب والقتال، ونزلوا الخنادق، وأقاموا المتاريس، وهدروا  دماءهم ودماء سواهم، وفلسفوا الجريمة والخيانات، ظل يتنقل في ما بينهم، موزعاً الرايات البيض. لم يلوث يديه، ولا ضميره، ولا علاقته بوسادته. لا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم