الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

ليالي رمضان في طرابلس بالصور... أضواء وأنوار و"الحركة بركة"

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
ليالي رمضان في طرابلس بالصور... أضواء وأنوار و"الحركة بركة"
ليالي رمضان في طرابلس بالصور... أضواء وأنوار و"الحركة بركة"
A+ A-

في الأسبوع الأول من شهر #رمضان، تتأسس مساراته، وخلفيات ممارساته، وطقوسه، الدينية منها والشعبية.

دينياً، دخل الصائمون الشهر ملتزمين قيمه الأساس، الانقطاع عن الطعام والشراب بين الفجر والغروب، والإفطار، بين الغروب والفجر، وصلاة التراويح تنطلق من أماسيه الأولى في مساجد المدينة العديدة؛ الأثري منها، كما في المدينة القديمة، والحديث في مختلف الشوارع والأحياء.

شعبياً، يتّصف الأسبوع الأول باجتماع الناس على الإفطار، وإقامة الزينة في الأحياء المختلفة، وتحضير الأجواء والمجالس الليلية، إن في البيوت، أم في الشوارع والأحياء، على الأرصفة، وفي المقاهي.

الحركة الشعبية في الأسبوع الأول بطيئة، تتسرب إلى مفاصل المدينة رويداً رويداً، وتنتشر، لتتصاعد بعد اليوم العاشر بشكل ملحوظ، ليس كشرط، إنما كممارسة وتقليد.

انطلاقاً من شارع "التل"، الوسط بين المدينة القديمة والحديثة، وحيث أول سوق تجاري حديث وأثراه في عصره أواسط القرن المنصرم، يمكن القول إن الحركة الرمضانية قد تأسست، لكنها لا تزال خجولة، بطيئة، و"لن تنطلق بقوة إلا بعد اليوم العاشر"، بحسب بائعي الحلوى والقهوة المتوزعين في الشارع، ومنهم ممتاز الحداد الذي يبيع حلويات عربية تقليدية، جلّها من اختراع محلي كالشميسة، وحلوى الأرز، تضاف إليها راحة الحلقوم بالفستق، أو اللوز، والكربوج الذي أدخله مجدداً على رفوف عربته الصغيرة الحاملة مختلف أصناف الحلويات.

وعلى الساحة العامة لـ"التل"، بدأت تتوزع مجموعات عشاق السهر الرمضاني، خمسة أو ستة مع بداية السهرة، تتزايد مع تقدم الليل، وتقدُّم أيام الشهر الباقية. ومع ذلك، لا تتوقف مصبات القهوة في مختلف زوايا الشارع عن القرقعة، وخشخشة القهوة منصبّة في الفناجين، ورائحة الهال تنبعث منها، معطِّرة الأجواء بلوازم البيت العربية.

مقهى فهيم الذي تحول في السنتين المنصرمتين إلى مقصد المتمتعين بالسهر الرمضاني الخارجي، لا تزال حركته خفيفة مع بداية السهرة، وصفوف المحلات التجارية على رصيفي الشارع لا تزال مقفلة، وحركة السيارات خفيفة كما في الأيام العادية في هذا الوقت من اليوم. فمن المبكر استطلاع ثياب العيد الذي لا يزال بعيداً، وساعة التل، ببرجها المرتفع، تتوهج زينة وتألقاً، تنعكس أنوارها على المحيط، والحديقة العامة فارغة كأن روادها يقتصر حضورهم على النهارات الطويلة، يقصدونها للتفيؤ بظلال أشجاره الوارفة، وزينة زهورها المختلفة، تبعث نافورة بركة المياه التي تتوسطها، بعض رطوبة ولطف في الأجواء، فتريح الصائمين من وطأة الحر، وتظل شجرة التنابلة بجذعها، وأغصانها الضخمة ملاذ الصائمين، يتفيأون بظلالها، وبظل جذعها الضخم، فيديرون جلساتهم بالتوازي مع حركة الأشعة التي تتغير مع تقدم ساعات النهار.

تكاد تغيب بسطات المشروبات، والعصائر من خرنوب، وسوس، وتمر هندي وسواها، فمن المبدئي أن يحصل الصائمون عليها قبل الإفطار، فتنشط الحركة على بسطاتها خصوصاً قبيل لحظة الإفطار، يحمل العابرون إلى المنازل قنانيها، وينطلقون باجتهاد للوصول إلى المنزل قبل انطلاق أذان المغيب، وتظل قلة من بسطات عصائر الليمون موزعة هنا وهناك.

من التل إلى ساحة الكورة، فساحة النجمة، فالدفتردار، حركة تبدو متزايدة باتجاه باب الرمل، حيث تنتشر المقاهي حول المقهى التراثي المركزي للمحلة المعروف بمقهى موسى، وقد جرت بعض الترميمات على الموقع.

في باب الرمل، يبدو المشهد مكتملاً، فالحركة ضاغطة منذ مطلع الشهر، والرواد معروفون، ينتظرون أصدقاءهم الوافدين من المهاجر، أو من المحيط خارج المدينة، بحسب خالد، بائع بسطة لكبايات العصائر المعتمرة للقشطة، أو الكريما بألوان براقة، والنرجيلة تطغى، وفنجان القهوة لا ينقطع، ولعب الورق يجري بهدوء، واللافت حضور عدد من السيدات في أكثر من موقع من الساحة، وهناك نشاط ملحوظ غير منقطع في فرن الشرق تحضيراً للكعك بالسمسم، المنفوخ منه، والنصف مرقوق الذي يباع مسخّناً مع الجبنة عادة، وعلى طرف الرصيف، بائع المناقيش يحضر مناقيش الزعتر، والجبنة انتظاراً للطلب عليها مع تقدم ساعات السهر، يمرر "الشوبك" باجتهاد فوق كتل العجينة، منتجاً الرقاقات، ويقول: "لن يطول الأمر، سيبدأ الطلب على المناقيش بعد ساعات قليلة من الإفطار، فالصائمون نهاراً، يحتاجون إلى التعويض ليلاً عما افتقدوه من طع".".

وبين التل، والأسواق الداخلية، تنشط صناعة الحلويات التقليدية في الرمانة وسوق النحاسين، على يد شرف الدين. داخل زقاق "الرمانة"، يبدو محل أبو كنعان فارغاً من الرفوف، وقد تقدم المساء، وبات موعد الإفطار إلى الخلف، لكنه في الداخل يحتفظ بصدور النحاس عليها مختلف الحلويات الخاصة بالشهر الفضيل، خصوصا ما اشتهر به محله من كربوج، وكلاج، وورد الشام، والبقلاوة، ويقول كنعان إن "عمر المحل يزيد على الستين عاماً، وقد ورث والده الحرفة عن أعمامه"، ويشكو من تراجع الإقبال على الشراء خلافاً للسابق".

وقبالة مدخل الزقاق، على الرصيف المقابل، يعمل محل حسن شرف الدين بتشكيل صدر جديد من الكربوج، ويقول المعلم فيه إنه "تعلم الحرفة في أجواء العائلة التي تتقنها منذ زمن بعيد".

من النحّاسين إلى السراي العتيقة، مروراً بالسوق العريض، المحلات التجارية مقفلة، والأسواق معتمة، وعبوراً إلى شارع الراهبات، يعود الزهو إلى ساحة النجمة، فساحة الكورة بالزينة، وببسطات العصائر التي عادت ليلاً لتحضير حاجة السهر، ومتطلبات اليوم التالي.

وصولاً إلى ساحة النور المزدانة بالأنوار أسبوعاً قبل بدء الشهر، وبعدها، تدخل المدينة عالماً آخر، عالم محلات الحلويات الشهيرة، والمقاهي، والمطاعم الحديثة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم