السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

إسرائيل تُرسِل كلاباً شرسة إلى قرى الجنوب؟ احذروا اختراع الـ"نيكلوتينيا"!

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
إسرائيل تُرسِل كلاباً شرسة إلى قرى الجنوب؟ احذروا اختراع الـ"نيكلوتينيا"!
إسرائيل تُرسِل كلاباً شرسة إلى قرى الجنوب؟ احذروا اختراع الـ"نيكلوتينيا"!
A+ A-

السيناريو المقترح "حرب جديدة ضدّ حزب الله". وأبرز أدواتها، "كلاب شرسة مصابة بفيروس الـ"نيكلوتينيا" ارسلتها اسرائيل الى قرى في جنوب لبنان". "الخبر العاجل" انتشر منذ ايام على وسائل التواصل الاجتماعي، وتناقلته ايضا مواقع اخبارية لبنانية عدة، وضمّنته ايضا معلومات عن هجوم شنته كلاب مسعورة على اهال في الجنوب، و"عن استنفار الاهالي وعناصر البلدية". ما حقيقة هذا الخبر؟ اسرائيل تهاجم حزب الله عبر كلاب شرسة؟ ماذا عن فيروس الـ"نيكلوتينيا" المزعوم؟ وهل هاجمت كلاب مسعورة؟

"النهار" دقّقت وسألت من أجلكم.

الوقائع:

خبر "عاجل" بسطرين لا أكثر، انتشر على "تويتر" و"الفايسبوك" على حسابات وصفحات لبنانية وعربية، ابتداء من 24 ت2 2018: "عاجل- القناة العاشرة: الجيش الاسرائيلي بدأ حرباً من نوع جديد ضد "حزب الله"، بحيث أرسل أعدادا كبيرة من الكلاب الشرسة المصابة بفيروس الـ"نيكوتلينيا" في اتجاه قرى الجنوب اللبناني".

وفي الساعات اللاحقة، تم توسيع الخبر ليتضمن تفاصيل إضافية. وعمدت مواقع اخبارية لبنانية عدة الى نشره او التشارك فيه: "هاجمت ذئاب بريّة امرأة مسنة في منطقة عرب الجلّ- قضاء صيدا، وأسفرت عن اصابتها بجروح خطيرة في وجهِها، ونقلت على إثرها إلى المستشفى للعلاج. وقد عمد اهالي المنطقة الغاضبون إلى قتل عدد من الذئاب البريّة. وسُجل استنفار لعناصر البلدية في عين قانا، بعد هجوم من الكلاب المسعورة على المنازل، واستنفار الأهالي والبلدية في ساحة البلدة. وتمّ نقل إصابة إلى أحد مستشفيات النبطية. وأشارت معلومات غير مؤكدة، نقلا عن القناة الصهيونية العاشرة، إلى ان جيش الاحتلال الاسرائيلي بدأ حربا من نوع جديد ضد "حزب الله"، بحيث عمد إلى إرسال أعداد كبيرة من الكلاب الشرسة المصابة بفيروس الـ"نيكوتلينيا" في اتجاه قرى الجنوب اللبناني".

التدقيق:

-نبدأ بالخبر العاجل: للخائفين مما سُمِّي "فيروس النيكوتلينيا"، نودّ أن نعلمكم ان لا وجود لفيروس بهذا الاسم. في البحث عنه على الانترنت، يتبيّن ان لا وجود لهذا التعبير سوى في بوستات ومقالات تناقلت حصرا "الخبر العاجل"! تعبير حصري اذًا في بوستات محدّدة. وبحثا عنه في الأجنبية، واضح جدا ان لا وجود له.

علميا وطبيا ايضا، لا اصل له، ولا اساس. فبركة! ويؤكد الاختصاصي بجراحة الحيوانات وأمراضها الطبيب البيطري الدكتور #جوزف_أحوش لـ"النهار" ان "لا وجود اطلاقا لما يسمى فيروس النيكوتلينيا، ولا حتى نيكوتينيا او غيره من المصطلحات المشتقة من النيكوتين (وهو مركب عضوي يستخدم في تدخين السجائر)". ويقول: "هذا الزعم ليس صحيحا اطلاقا"، مشيرا الى انه "اذا الكلام يتعلق بداء الكلب لدى الكلاب، فانه موجود منذ زمن بعيد في مختلف المناطق اللبنانية، لا سيما الجنوبية. وايضا هو موجود في شمال اسرائيل. وبالتالي لا معنى اطلاقا لكل هذا الخبر".

-الكلام عسكري امني. ماذا عن الزعم ان "جيش الاحتلال الاسرائيلي بدأ حربا من نوع جديد ضد "حزب الله" عبر ارسال كلاب شرسة مصابة بفيروس النيكوتلينيا الى جنوب لبنان؟" في وقت يؤكد مصدر عسكري مسؤول لـ"النهار" ان "هذا الزعم غير صحيح، ومجرد شائعات"، يقول المسؤول عن وحدة العلاقات الاعلامية في "حزب الله" محمد عفيف لـ"النهار" ان "هذا الزعم زائف". ويضيف: "هناك عشرات الاخبار الكاذبة التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماع، وهذا الخبر احدها".

هل يمكن تخيّل سيناريو حربي مماثل، اي ان تشن اسرائيل حربا على "حزب الله" من خلال كلاب مريضة؟ يجيب: "في الماضي، عندما كانت المواقع الاسرائيلية ومواقع المقاومة قريبة من بعضها البعض في الجنوب، كان الاسرائيليون يرسلون اعدادا من الخنازير البرية، لتهاجم نقاطا او مراكز بغية كشفها من خلال اطلاق النار الصادر من هذه المراكز. بالنسبة الى الزعم ان كلابا شرسة ترسلها اسرائيل، لا تأكيد لدينا على حصول ذلك".

-ننتقل الى عرب الجل بحثاً عن "الهجوم الذي شنّته ذئاب بريّة على امرأة مسنة، وأسفرت عن اصابتها بجروح خطيرة في وجهِها"، كما زعمت البوستات والمقالات متناقلة. ويؤكد رئيس المجلس الاختياري في البلدة المختار عفيف ضاهر لـ"النهار" ان "هذا الخبر عار من الصحة. لم تشهد البلدة أي هجوم لذئاب او ضباع او كلاب على أحد". ويشير الى "فيديو يتم تناقله، وتظهر فيه امرأة مصابة بجروح بليغة في الرأس، ويُزعم انها المرأة التي هاجمتها الذئاب في عرب الجل (وفي عين قانا، وفقا لمزاعم اخرى). غير ان هذا الزعم غير صحيح. المرأة من رومين، وقد تعرضت للضرب بآلة حادة على الرأس، بعدما حاول رجل سرقتها في منزلها".

في جوار عرب الجل، "تعيش عشرات الكلاب الشاردة، والضباع ايضا"، على ما يفيد. المكان: وادي جهنم الذي يفصل بينها وبين كفرحتا. ولا يخفي المختار ان "الاهالي يشعرون بالخوف منها، خصوصا انها تعيش في جوار البلدة. وأكثر ما يخشونه هو ان تدخل البلدة يوما ما، وتهاجمهم. وهذا الموضوع يتطلب حلا".

في 24 ت2 2018، نشر شقيق المختار، وهو "أدمن" صفحة عرب جل اون لاين في "الفايبسوك"، أحمد ضاهر بيانا نفى فيه حصول هجوم لكلاب او ذئاب على امرأة في عرب الجل. وجاء فيه: "تناقلت وسائل الاعلام وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو عن تعرض عجوز في بلدة عرب الجل لهجوم من الضباع، مما اثار الرأي العام حول حقيقة القصة. يهمنا ان نوضح الحقيقة. الحادثة حصلت في بلدة اخرى، ولم يتعرض احد عندنا للاذى، الحمد لله. لكنّ كلابا برية شرسة تجوب القرية، وهي بأحجام كبيرة، ويقدّر عددها بـ50، وتثير الرعب في القرية، بخاصة خلال الليل، اذ يمنع وجودها التجوّل ليلا. نلفت المسؤولين الى وجوب متابعة الوضع قبل "وقوع الفاس بالراس".

ويفيد "النهار" ان "هذه الكلاب الشاردة تجول على خط واحد يضمّ عرب الجل، حومين الفوقا، عربصاليم، عين قانا، كفرفيلا، وكفرملكي...". ويؤكد بدوره ان "الكلاب والضباع موجودة قرب عرب الجل، ونشعر بخوف منها، ونعتقد انها تشكل خطرا علينا. لكن ايّ هجوم منها لم يُسجّل لدينا، بخلاف ما يزعمه الخبر المتناقل".

-الى عين قانا، حيث يزعم الخبر ان "هجوما شنّته كلاب مسعورة على المنازل، مما ادى الى استنفار عناصر البلدية والأهالي في ساحة البلدة، ونُقِلت إصابة الى المستشفى". ويؤكد رئيس بلدية عين قانا محمد علي كربلا لـ"النهار" ان "حادثة بسيطة حصلت قبل نحو اسبوع في عين قانا، اذ تعرض رجل لعضة كلب شارد. وكانت إصابته طفيفة نقل على اثرها الى المستشفى، وهو بخير. لكن لم يحصل استنفار لعناصر البلدية او الاهالي كما يزعم البوست. هناك مبالغة في الكلام. ما حصل ان البعض تسلّح ببنادق صيد، وأطلق منها النار كلما شاهد كلبا شاردا، من جراء الأخبار المخيفة المتناقلة بهذا الشأن".

الكلاب الشاردة قرب البلدة قليلة جدا، "كلبان او ثلاثة"، على قوله، و"الكلام على هجوم شنّته كلاب مسعورة مجرد مبالغات". ويفيد ان "حادثة العضّ هذه هي الاولى التي تشهدها البلدة. لم تسجل لدينا من قبل حادثة مماثلة".

-لمن يعتقدون ان داء الكلب موجود فقط في لبنان، وان انتشاره بين كلاب في جنوب لبنان تحديدا "مؤامرة ما"، اليكم الجواب من منظمة الصحة العالمية. "داء الكلب موجود في أكثر من 150 بلدا واقليما". وتشرح ان "داء الكلب مرض فيروسي يمكن الوقاية منه باللقاحات. وتتسبّب الكلاب أساساً بحالات الوفاة الناجمة عن داء الكلب البشري، وتساهم في نسبة تصل إلى 99% من مجموع حالات العدوى بداء الكلب المنقولة إلى الإنسان".

وتشير الى انه "يمكن القضاء على داء الكلب بتطعيم الكلاب والوقاية من عضّاتها". وتقول ان "العدوى تتسبب سنوياً بوفاة عشرات آلاف الأشخاص، معظمهم في آسيا وإفريقيا. ويمثّل الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 15 عاما، 40% من الأشخاص الذين يتعرّضون لعضّات حيوانات يُشتبه في إصابتها بداء الكلب".

وتشدد على ان "تنظيف الجروح الفوري والدقيق بالصابون والماء، عقب مخالطة حيوانات يُشتبه في إصابتها بداء الكلب، أمر يكتسي أهمية حاسمة، ويمكن أن ينقذ الأرواح".

-داء الكلب تعانيه ايضا اسرائيل. وفقا لدارسة قصيرة نشرتها مجلة Veterinary Record البريطانية الصادرة عن "الرابطة البيطرية البريطانية" (BVA)، في 4 ك1 2010، "داء الكلب مستوطن في إسرائيل. منذ عام 2005، تشكّل الكلاب الضالة الناقلة الرئيسية لهذا الداء، لا سيما في المنطقة الشمالية من اسرائيل". وعرضت الدراسة "حالتين لكلبين أصبيا بداء الكلب، رغم تلقيحهما".

ووفقا لوزارة الزراعة الاسرائيلية، سجلت 58 اصابة لحيوانات بداء الكلب عام 2009، بينها 32 كلبا. عام 2010، 53 اصابة، منها 23 كلبا. عام 2011، 32 اصابة، منها 10 كلاب. عام 2012، 24 اصابة، منها 12 كلبا، عام 2013، 29 اصابة، منها 17 كلبا. عام 2014، 6 اصابات (لا كلاب بينها). عام 2015، 27 اصابة، 26 منها في شمال اسرائيل، بينها 12 كلبا. عام 2016، اكثر من 30 اصابة، 26 منها في شمال اسرائيل، بينها 12 كلبا.

-ملاحظة اخيرة: ظاهرة الكلاب الشاردة ليست محصورة في الجنوب، بل تعانيها مختلف المناطق اللبنانية، مع تفاوت في اعداد الكلاب بين منطقة واخرى. على سبيل المثال، ناشد اهالي منطقه البحصه والجسرين بلدية طرابلس، في بيان اخيرا، "التحرك لوضع حد للكلاب الشاردة الكثيرة العدد، والتي تتسبب بحالات هلع بين اهالي المنطقة في الليل عبر مهاجمة المارة على الطريق، وبسبب اصواتها المرعبة التي تثير الخوف لدى الاطفال في المنطقتين".

النتيجة: "الخبر العاجل" "زائف"، مجرد "شائعة"، بتعبير المسؤولين الذين سألتهم "النهار". فيروس الـ"نيكلوتينيا" لا وجود له. كذلك، لم يقع هجوم من ذئاب او كلاب مسعورة في عرب الجل، وفقا للزعم. والخبر المتعلق بعين قانا تضمن "مبالغات". 

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم