السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لغم أرضي... الموت وما أدرانا ما الموت

المصدر: "النهار"
هشام حلاق
لغم أرضي... الموت وما أدرانا ما الموت
لغم أرضي... الموت وما أدرانا ما الموت
A+ A-

‎بين الموت والحياة، سمح لنا إيلي كمال، أن نتأمل في الفجوة المنتصفة بين الاثنين، فما بين التعلق في الغياب، والسعي إلى النسيان ومتابعة المسار، يكون الانسان انساناً حقيقياً.

‎لم يرحم المخرج السينمائي، في أول عمل مسرحي له كتابة وإخراجاً (لغم أرضي)، لا بل دخل المعركة، متحصناً بأسلحة ما خطرت ببالنا، فحبكة النص ما كانت بالأمر السهل، فتعامل معنا كمال بطريقة الحكيم الذي يروي لنا ألم الموت ممازحاً إيانا تارة وتارة ضارباً عرض الحائط بكل ما هو مألوف لوعينا الاجتماعي.

‎الموت وما أدرانا ما الموت، فالذي لم يختبر ألم الخسارة الكلية لن يعرف كيف يتلقى هذا العمل، إذ أن المخرج لن يرحم. تصل لخلاصة شخصية ربما، عندما ينتهي العرض، أن المخرج عالج نفسه في نصه، قدم تحية للراحل الأساسي، والتحية على قدر الرحيل، تأقلم ايلي كمال مع الموت، وحلاّه، وأضاف إليه منكهاته الشهية، فهو العارف المتذوق لفن الطبخ... من يعرف الكاتب والمخرج، يعرف تماماً أن هذا العمل ليس بالأول وليس طبعاً بالأخير، ربما قد أختار هذه المرة المسرح للتعبير، ولكنها ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي سيجردنا فيها إيلي كمال من كل دفاعتنا، فهو من محبي الرقص العاري على ما أسماه يوماً المجتمع بالمحرّمات والتابو!

‎شجرة البندورة لا شجرة التفاح، نصبها كمال على خشبة المسرح منتصبة الاحمرار، علاقة الرجل بالمرأة فيها تعارض وتفاوت، كوكبان لا يلتقيان ولا ينفصلان، تناقضات مليئة بالملتقيات، هذه هي علاقة الرجل بالمرأة حتى بعد الخسارة! فما يجمع الاثنين أقوى من التناقض، أقوى من اللقاء، ما يجمع الاثنين هو الخلق!

‎ندى بو فرحات، العظيمة بشخصها أولاً وحضورها الثابت القاتل، صاحبة الشخصيات المتعددة على خشبة المسرح، أصابت في هذا الدور بشكل مخيف، إذ أن هذه المرة التجربة شخصية، ليس لأن المؤلف والمخرج هو الحبيب لا! بل لأنه الأب، والمجرِب الذي يحب الخلق لا الاقتباس!

‎أقوى ما لفتني شخصياً في عمار شلق هو عندما أمسك بالكتاب وبدأ يقرأ... بكيت وكأن أمي لم تلدني... أوصل ما أراده الكاتب أن يصل في أبسط وأرقى طريقة.. مشكور على ذلك..

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم