السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أسعد رشدان: هكذا يكون التمثيل!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
أسعد رشدان: هكذا يكون التمثيل!
أسعد رشدان: هكذا يكون التمثيل!
A+ A-

التمثيل ليس فذلكة وادّعاء وتجنياً على الكاميرا، بل بساطة مشهدية وأقداماً تسير على الأرض بخفّة متواضعة. هو مرآة تختزل صورنا وخوفنا وصدق المشاعر الإنسانية. يطلّ #أسعد_رشدان بدور الأب الجريح في "ورد جوري" (تعرضه "أل بي سي آي"، وله أيضاً دور أقلّ تأثيراً في "أدهم بيك" عبر "أم تي في")، مؤكداً مرة أخرى أنّ التمثيل لحظات صريحة، لا بهرجة وزيف وأكاذيب الأضواء. 

أبٌ خائف من مجتمع الأحكام والآلام والألسنة الطويلة، تملأ الهواجس تجاعيده وتمتصّ بريق عينيه. هو خوفٌ من مضاعفة الخسائر والانهيارات الوشيكة وصفعات القدر حين تنهال على وجوه خائبة فترميها. رشدان بشخصية أبٍ حزين لا خيار أمامه سوى طمس الحقيقة. أيّ الحقائق يتسبّب إخفاؤها بندوب العمر؟ الحقائق المتعلّقة بالأبناء، فيطمسها الآباء لظنّهم أنّهم يحمون العائلة ويحفظون ماء الوجه. رشدان بدور الأب صبحي، رجلٌ مصاب بالصميم، مقهورٌ حتى الأعماق، قلبه اشتعال لا سبيل إلى إهماده. يتكبّر على الوجع لأنه ابن مجتمع درّبه منذ الصغر على التخفّي بقناع وإسكات الدمع. مجتمع يُلبس ضحاياه وجوهاً كاذبة، وحين يحاولون إزالتها يكون الأوان قد فات. هذا هو صبحي. اغتصاب ابنته أعاده كائناً محض مجتمعي، بما يختزله المجتمع من مجسّمات خانعة وأصوات مخفوتة وقرارات مؤذية. عضَّ على الجرح لئلا يصرخ فتُسمع الآهات بعيداً وتطال جميع المنازل. إنّه أبٌ بلا وُجهة ولا غد. يخشى أن تهدم "الفضيحة" بلحظة ما بناه في عُمر، لذلك شاء "ترقيعها" وتكذيب ما حدث، كأنّه يمحيه بشطبة قلم، مذعناً لقسوة أبوية غذّاها فيه الزمن. بروعة، يمثّل رشدان الدور. يمنح المشهد بُعداً إنسانياً رغم لاإنسانية الظلم، فتتفهّمه وإن كنت ترفض التستّر على الجريمة، وتطالب برفع الصوت ضدّ المغتصب والنظرات والثرثرات والقوانين إن تلكّأت وتواطأت وسحقت مشاعر الضحية.

وهو الأب المُعرّض لذبحة قلبية حين تهدّه المصيبة ويدور العالم في رأسه دورات مجنونة. ربما لن يقدّم أحدٌ الشخصية بصدق وإقناع وتمكُّن كما رشدان. هو ممسك العائلة من حوله، ضابط إيقاعها، يشكّل وأفرادها تركيبة تمثيلية منسجمة. لاعبٌ ماهر، لا يفلت منه تفصيل، إضافة جميلة أينما حلَّ.

[email protected]
 

Twitter: @abdallah_fatima


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم