السبت - 11 أيار 2024

إعلان

إلى الياس خوري الذكّي البريء... قهرتَ قلوبنا وهذه كلمات أصدقائك

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
إلى الياس خوري الذكّي البريء... قهرتَ قلوبنا وهذه كلمات أصدقائك
إلى الياس خوري الذكّي البريء... قهرتَ قلوبنا وهذه كلمات أصدقائك
A+ A-

قصة جديدة كل يوم من مخلفات الزلزال الذي هز مدينة بيروت والمناطق المحيطة، تضاف إلى سابقاتها، فتزيد الحرقة في قلوب اللبنانيين وحسرتهم على شهداء إضافيين. اللائحة تطول أكثر كل يوم، فتجمع أطفالاً وكباراً، أمهات وآباء، شباباً ومسنين، تحفر صورهم في ذاكرتنا، فتخلق غصّة لدى من لم يعرفهم يوماً. الياس خوري الشاب الذي يجمع في وجهه ذكاء المراهق الذي يقدم على الحياة بجرأة لا يوقفها عائق وبراءة الطفولة التي لم تغب من عينيه، فارق الحياة بعد أسبوعين، قاوم فيهما الموت والوجع، رافضاً أن يغادر الحياة وهو لا يزال في مقتبل العمر. لم يشأ أن يترك أهله، بقي متمسكاً بالحياة حتى اللحظة الأخيرة، لكن جراحه البالغة تغلّبت على إرادة العيش لدى ابن جديدة مرجعيون، فأسلم الروح.

في وداع الياس وقف رفاقه في مدرسة يسوع وميريم، فحملوا نعشه الأبيض في وداع أخير لشقيق كل واحد منهم، كما قالوا. ظهر الوجع واضحاً في عيونهم والحيرة، وهم يتساءلون عن سبب هذا الغياب المبكّر لصديقهم الذي شاركهم أجمل اللحظات. اليوم ودع الياس رفاقه ومدرسته والآباء وأهله الذين أنهكتهم هذه الفاجعة، وانتقل إلى جوار الرب بعد أن قاوم الوجع طوال أسبوعين إثر تعرضه لضربة قوية على الرأس. الكل وقف في باحة المدرسة التي زيّنت بالبالونات البيضاء مفجوعاً برحيل من يشهد رفاقه على دعمه لهم وعلى اندفاعه في الحياة، قبل أن يوارى في الثرى في مدافن رعية مار الياس في المطيلب. باحة المدرسة لن تشهد بعد اليوم على ضحكات الياس ومشاغباته، لكن ذكراه ستبقى عند كل من عرفه، علّه بتخرّجه المبكر هذا، كما قيل في وداعه الأخير، ينتقل إلى حيث لا ألم ولا وجع ولا حزن ولا كوارث ولا صفعات كتلك التي نتلقاها يومياً في بلادنا.

بكلمات مؤثرة ودعت الأم المفجوعة وحيدها، واقفة على عكازين بعد تعرضها لإصابات نتيجة الانفجار، فشكرت رفاقه على محبتهم طالبةً منهم ألا ينسوا الياس أبداً.

بعد مراسم تشييع الياس عاد أصدقاؤه إلى منازلهم وهم يشعرون بالخيبة، خيبة قاتلة لما خبأته لهم الحياة في هذه المرحلة المبكرة، فيما كانوا كلّهم أملاً بأن تقابلهم بالسعادة والفرح والحب التي يشعر بها كل مراهق في مثل هذه المرحلة.

صديق الطفولة ألن حبيقة: "خسرت جزءاً مني"

ألن حبيقة صديق الياس منذ 13 سنة، هو صديق الطفولة الذي لم يفترق عنه يوماً. لا يذكر ألن أنه تشاجر مرةً مع الياس أو حصلت مشاكل بينهما، فيما يصف طيبة قلبه اللامتناهية وحبه للحياة. "كان الياس يحب الكل ويتميز بهدوئه الذي يشهد له الكل به. لا أنسى تلك اللحظات الجميلة التي كنا نمضيها معاً ونتسلى. كان الأقوى بيننا في لعب الـplay station وكلنا نلعب معه ونعرف جيداً انه سيكون الرابح حتماً كالعادة".

من هوايات الياس التي يذكرها آلن صديقة الطفولة التي لم يتخلّ عنها لحظة كانت كرة القدم. ويذكر أن صديقه كان يتحدث معهم كمجموعة وهو في غرفة منزله لحظة وقوع الانفجار. وبعد سماع الانفجار الأول أراد الياس أن يصور فاقترب من النافذة إلى أن حصل ما لم يكن في الحسبان. انقطع الاتصال، بحسب ألن، مباشرة وعرف الكل لاحقاً أن الحائط والزجاج سقطا على الياس، فتعرض لإصابة بالغة في الدماغ.

على الرغم من ان ألن كان يعرف ما قد يحصل، خصوصاً أن والدة الياس كانت قد اخبرته قبل يومين أن حالته سيئة وأنهم قد يخسروه. فنزل هذا الخبر كالصاعقة عليه وأجهش بالبكاء لساعات، كان خبر وفاته الصدمة الكبرى له. "شعرت أني فقدت جزءاً مني. خسرت صديقي المقرب وجزءاً أساسياً من حياتي".

في مراسم التشييع وصية والدة الياس إلى ألن وأصدقائه كانت بأن يستمروا بزيارتها كما جرت العادة، لأنها ترى الياس فيهم، ووجودهم يشكل عزاءً لها. وهذا ما سيحرص عليه. كما يؤكد أنه سيبقى إلى جانب عائلة الياس لأنها عائلته أيضاً.

جود حربية: "لا يمكن أن أسامح من تسبب بموت الياس"

جود حربية هو أيضاً من أصدقاء الياس، ويتذكر كيف كانوا يخرجون معاً طوال الوقت ويستمتعون. يتذكر بشكل خاص هدوء الياس ومزاحه سواء في المدرسة حيث كانوا يمضون الوقت معاً، أو في الخارج. كما يشير إلى أن الياس كان من المتفوقين في المدرسة والكل يشهد له بذلك. "كان الياس يحب كثيراً أغاني الراب ويعشق كافة فناني الراب ويعرفهم. وقد ألّف مؤخراً أغنيتين".

تماماً كباقي الأصدقاء، توقع جود أن هذه اللحظة قد تأتي، لكن حصولها شكّل صدمة له، فيما يتذكر اللحظات الأخيرة له معهم على الهاتف عندما كان ينقل إليهم صور الحريق، إلى أن انقطع الاتصال بعد الانفجار الأول. "لم نستطع أن نزور الياس في المستشفى إنما أهلنا كانوا يزورون أهله ويقفون إلى جانبهم طوال الوقت، خصوصاً أن والدته كانت أيضاً مصابة وترقد في مستشفى آخر".

أكثر عبارات يتذكرها جود من مراسم التشييع ما قالته لهم والدة الياس بألا ينسوه. وهذا ما سيكون حريصاً عليه، فيما يشكر كل من صلّى له في هذه الفترة الصعبة. في الوقت نفسه لم يشأ أن ينهي الحديث من دون أن يعبر عن نقمته على من كان السبب في موت الياس وخسارتهم له، مؤكداً أنه لن يسامحهم يوماً.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم