الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

مرفأ بيروت شهيد موانئ طريق الحرير الجديد!

كارلوس نفاع
مرفأ بيروت شهيد موانئ طريق الحرير الجديد!
مرفأ بيروت شهيد موانئ طريق الحرير الجديد!
A+ A-

ما السفن الحربية الفرنسية - الألمانية - البريطانية، التي هرعت لتقديم مساعدات إنسانية للشعب اللبناني الذي فجع مذبوحاً دون رحمة على يد تسعى التحقيقات التي كثر فيها الطباخون المحليون والدوليون الى كشفها، بينما سارع زعماء الفساد لتحميل المسؤولية الإداريين في المرفأ وكأن بهم يسقطون أي فرضيات أخرى بشكل يثير الربية بأن شيئاً ما يحاك وكانوا جميعاً على بينة منه أبعد من جريمة ذبح أبناء الوطن.

اندفع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى شوارع بيروت، وشارك الناس ذهولهم مما حدث. خاطبهم عانقهم سمعهم حين تركهم نوابهم ووزراؤهم وزعماؤهم، نجح ماكرون في شوارع بيروت حين أخفق في شوارع باريس فبعد نكساته في الداخل الفرنسي في الانتخابات البلدية، استعاد شيء من بريقه حين التهب غاز شرق المتوسط.

في لحظة تصدع حلف شمال الأطلسي ما بين تركيا من جهة، واليونان وفرنسا من جهة أخرى، وتوسع تركيا اردوغان اقتصاديا بعد الانطلاقة العسكرية من ليبيا، وامام الشراكة الاقتصادية الإيرانية الصينية التي تنهي فرص فرنسا الاقتصادية في عمق الشرق الأوسط، عادت الإدارة الفرنسية الى أرشيفها الجيوسياسي الخاص بالقرن التاسع عشر وأرست مراسيها في ميناء بيروت الذي سقط في حرب موانئ طريق الحرير الجديد، شهيد غياب قيادات لبنانية مستقلة حرة ووطنية. وما اعلان البدء بتطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية الا استشراق لعبور الترانزيت الخليجي في المستقبل عبر ميناء حيفا وأفول نجم بيروت بوابة للمشرق، فما نجح به يوسف بك مطران والكونت ادمون دو برتوي من 125 عاماً قد ينتهي اليوم، ان لم يخلع اللبنانيون عنهم أوهام الطوائف وزعماء الحرب الذين دمروا من جديد كل امل بقيامة لبنان الرسالة.

اغتبط بعض الداخل وحسب ان كل ذلك للخلاص من سطوة "حزب الله"، واخرون توجسوا من صفقات ما على حساب لبنان، بينما نسي الجميع اننا خبرنا اساطيل القوات المتعددة الجنسية التي كشف لاحقاً انها لم تأت لإنقاذ جمهورية متهالكة بل أتت وبحسب ما كشف وزير الدفاع الفرنسي انذاك انها تريد ان تحمي أبو عمار وقيادته تمهيداً لبدء المفاوضات بين حركة فتح والإسرائيليين.

رغم ذلك هناك من بدأ بالهمس اننا امام سيناريو إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح، مما يعني خروج العاصمة اللبنانية من سيطرة الدولة والجيش اللبناني ووضع مطار بيروت تحت قيادة قوة دولية مختلطة بقيادة ألمانيا، بما يعني أن الحركة الجوية إلى البلاد سيتم تقييدها ومراقبتها؛ حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بعد ضمان وصول حكومة "مستقلة"، موالية لفرنسا وللولايات المتحدة، مدعومة منهما تسهل وضع "حزب الله" تحت ضغط يبدأ من باب مرفأ بيروت ويمر في حكم المحكمة الدولية في قضية استشهاد رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ويستكمل في خطة "مارشال" للبنان تبني رأي عام يطالب "حزب الله"  بالتخلي عن ترسانته والسماح بتفكيكها من اليونيفيل بعد ان يضع مجلس الأمن لبنان تحت الفصل السابع بحجة ضمان واستقرار الأمن في لبنان!

ولكن غفل الهامسون بهذا السيناريو بأن الموقف الروسي الذي لا يبحث عن شركاء جدد في غاز الساحل السوري ليس متحمساً للتدخل الفرنسي في بيروت "فما تدعمه موسكو في لبنان يتلخص في ثلاث كلمات الوحدة الوطنية واستقلال وسيادة الدولة".

رغم شدة لهجة التصريحات الفرنسية الإيرانية المتبادلة حيث توجه الرئيس ماكرون إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني، برسالة واضحة بانه: "يأمل أن تتوقف كل التدخلات "الخارجية" في لبنان، وليختر اللبنانيون حكومة قادرة على إدارة الأزمة! والرد الإيراني من بيروت على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الذي اعلن من امام مبنى وزارة الخارجية المدمر انه "يجب عدم السماح لاي دولة ان تتدخل بالشؤون اللبنانية". ، إن الصراع والتوتر وتبادل الرسائل لا يتمحور حول سلاح "حزب الله" واستعادة سيادة واستقلال لبنان من القرار الإيراني انما جوهره يحمل بعدين لا ثالث لهما، الأول تقاسم المصالح الكبرى في طريق الحرير الجديد الذي اطلقته الصين سنة 2013، واشعل حرب الموانئ في المتوسط حيث استحوذت على ميناء في اليونان وميناء جنوى في إيطاليا واصبح مرفأ مارسيليا مهدداً استراتيجيا بخسارة دوره الأوروبي. والثاني ضمان حصة من غاز شرق المتوسط الذي سيحرر الفرنسيين للخروج من امدادات الغاز الروسي والتطويق التركي الجيوسياسي الذي انطلق نحو المياه الاقتصادية اليونانية ونحو ليبيا حيث اندفع منها نحو شمال افريقيا عبر الخاصرة الرخوة الفرنكوفونية للولوج الى باريس اقتصاديا. في حين يبقى الأميركي ضابطاً لقواعد المنافسة والاشتباك سعياً منه لتسخير كل الدينامية في المتوسط في حربه الاقتصادية مع الصين.

في خضم كل هذا الزلزال الجيوسياسي يصبح الداخل اللبناني ساحة صراع وليس هدفاً، ومن يصمد امام تداعيات هذا الصراع عليه ان يكون مستعداً لدفع الاثمان الشعبية والاقتصادية ليضمن مصالح القوى الدولية والإقليمية حين تصل الى تفاهماتها، لحينه هل يجنب زعماء الحرب اللبنانية بلاد الارز حروباً داخلية جديدة وهم جميعا اختبروا ويلاتها، في شبابهم او يتم استبدالهم بلاعبين جدد من رحم الغضب في الشارع ليكونوا أدوات طيعة جديدة؟

لحينه حمى الله لبنان واللبنانيين.

*ناشط ورئيس جمعية Train Train

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم