السبت - 11 أيار 2024

إعلان

"أطباء بلا حدود" تقدّم الدعم الطبي والنفسي لسكان بيروت: شهادات عن لحظة الانفجار

"أطباء بلا حدود" تقدّم الدعم الطبي والنفسي لسكان بيروت: شهادات عن لحظة الانفجار
"أطباء بلا حدود" تقدّم الدعم الطبي والنفسي لسكان بيروت: شهادات عن لحظة الانفجار
A+ A-

تعمل منظّمة "أطباء بلا حدود" على تنفيذ استجابة طارئة لتقديم الدعم الطبي للأشخاص الأكثر تضرراً من جراء الانفجار المدمّر الذي وقع في 4 آب في بيروت، وتشمل أنشطة الاستجابة ثلاثة مجالات رئيسية: العناية بجروح السكان الذين ما زالوا يعانون من الإصابات، وضمان استمرار حصول مرضى الأمراض المزمنة على الرعاية، وتقديم الرعاية النفسية للمتضرّرين.

لذلك، خصّصت المنظّمة فرقًا لزيارة المنازل من أجل تحديد حاجات سكان المناطق وتلبيتها بشكل أفضل لدى تقديم المساعدة. 

أما سكان منطقة الكرنتينا، فبهذه الكلمات وصفوا ما جرى معهم

"لا نعرف متى قد نُقذَف فجأة من أماكننا من جديد"

يعيش منير عثمان في منطقة الكرنتينا (بيروت). كان في بيته بصحبة ابن عمّه وزوجته وولديه عند وقوع الانفجار. قذفته قوة الانفجار من مكانه وأصيبت ذراعه. زار فريق أطباء بلا حدود منزل منير خلال جولة من الزيارات المنزلية التي أجراها الفريق في الكرنتينا. في هذه الزيارات، قدّم الفريق الدعم للمتضرّرين وعمل على تقييم احتياجاتهم الطبية، لا سيما حاجات المصابين بالأمراض المزمنة.

"يوم وقوع الانفجار، كنت واقفًا على الشرفة أنا وابن عمي. سمعنا صوت طيران. كنت أقول له "هل تسمع صوت الطيران؟". سمعنا بعدها صوتًا ورأينا دخان. قلت له "انظر الدخان ينبعث من المرفأ". بعد قليل، سمعنا دويًا أقوى. كانت زوجتي هنا، وأولادي أيضًا. أحدهم يبلغ من العمر 17 عامًا والآخر 15 عامًا. ركضنا للاحتماء بالداخل. نجح ابني الأكبر وزوجتي بالدخول إلى المنزل قبلنا. أما أنا وابني الأصغر، فبالكاد أصبحنا على باب الشرفة، وإذ أحسسنا أنّ شيء ما رمانا في الهواء. تكسّر زجاج النافذة وشعرنا بدوي الانفجار. بدأ ابني يصرخ "بابا لا أريد أن أموت، لا أريد أن أموت هنا". لا أعلم كيف استطعت أن أخرج عائلتي من المنزل وهربنا بالسيارة. تخطينا الحطام لنذهب إلى المستشفى ليتلقى ابني العلاج، حيث أنه أصيب مثلي. أصيب مرفقي، لكن ابني أصيب في فخذه وقدمه وذراعه.

الحمد لله نحن ما زلنا على قيد الحياة. لكننا لا نعرف متى قد نُقذَف فجأة من أماكننا من جديد. البارحة، توقعّت أننا سنُقذف من قوة الانفجار، فحميت ابني. الحياة في لبنان مأساة، ولا طالما كانت كذلك. يجب تغيير النظام بأكمله. نريد أن نعيش حياتنا بسلام. أريد حياة آمنة لأطفالي في بلدنا. وللجميع، أريد أن يتمتّع الجميع بذلك، ليس فقط ناس دون غيرهم. لا نريد أن نحارب أو نقاتل. نريد فقط العيش بسلام وتأمين العلم لأولادنا. نريد مستقبل أفضل لأولادنا. نحن عشنا الحرب، لم نرى سوى الحروب والدمار. ومن بعد الدمار، سلسلة من الانفجارات".

"لا نريد أن تصيبنا المزيد من المصائب"

يعيش علي عثمان في منطقة الكرنتينا (بيروت). كان في بيته بصحبة زوجته وولده عند وقوع الانفجار، وهو مصاب في رأسه. زار فريق أطباء بلا حدود منزل علي خلال جولة من الزيارات المنزلية التي أجراها الفريق في الكرنتينا. في هذه الزيارات، قدّم الفريق الدعم للمتضرّرين وعمل على تقويم حاجاتهم الطبية، لا سيما احتياجات المصابين بالأمراض المزمنة.

"اسمي أحمد علي عقاب العثمان. ولدت في هذه المنطقة في 1950. أنا أصغر أشقائي، وجميعهم يعيشون في الكرنتينا أيضًا. يوم الانفجار، سمعنا صوت طيران اخترق جدار الصوت. ومن ثم وقعت "قنبلة هيروشيما". كنت جالسًا هنا على الشرفة، رأيتها، ثم وجدت نفسي على الأرض. ألقاني الضغط الذي نتج على الأرض، وتكّسرت الأبواب وكل ما في المنزل. دخلت لأجد زوجتي على الأرض. سألتها "هل أصابك مكروه؟"، قالت "لا، أنا بخير". لكن وضع المنزل كان كارثي، الغبار غطّى جميع أرجائه. أحسسنا أنّ ما انفجر كان قنبلة نووية.

الحمد لله صحتنا بخير. لكننا عانينا من أزمات كثيرة، ومن حرب سابقة أيضًا. والآن تواجهنا "حرب كورونا". وفجأة تعرّضنا لانفجار. أريد أن أقول إننا شعب مسالم، ماذا فعلنا لنستحق ذلك؟ ما ذنبنا؟ لماذا يجب أن تحل علينا مصائب غيرنا؟ نحن مسالمون. لا أعلم لماذا يحصل لنا هذا. لبنان بلد جميل، فيه دفئ الشمس، جميل الطقس، وجباله شامخة. ما الذنب الذي اقترفه لبنان؟ ما ذنب الشعب اللبناني؟ هل لأن ناسه طيبة، لأن ناسه يحبون الحياة؟ نحن شعب يحب الحياة ولا نريد أن يضرنا أحد. نطلب السلام والسلامة، ولا نريد أن تصيبنا المزيد من المصائب".

الالتزام بتدابير الوقاية من العدوى وتقديم الإسعافات الأولية النفسية

يوضح رئيس بعثة أطباء بلا حدود في لبنان جوليان ريكمن، أنَّ "النظام العام يكافح لإدارة حالات الإصابة المتزايدة بكوفيد-19 قبل وقوع الانفجار. ومنذ الحادثة، ارتفعت بشكل كبير جدًا حالات الإصابة بكوفيد-19 المبلّغ عنها في لبنان، وفي بيروت على وجه الخصوص. فوصل عدد الإصابات الجديدة إلى 1,500 حالة في أسبوع، ما يعادل نحو 25 في المئة من جميع الحالات المبلّغ عنها في البلاد منذ بداية تفشي الوباء. إنّ عددًا هائلًا من المرضى توافد ليلة الانفجار إلى المرافق الصحية في أنحاء العاصمة، فكان من الصعب الالتزام بتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها بالشكل اللازم، ما أدى بدوره إلى هذا الارتفاع في الأرقام. ويزداد الأمر صعوبة مع فقدان 300 ألف شخص لمنازلهم، حيث أمسى عليهم العثور على مكان آخر للمكوث فيه. ويشكّل الارتفاع في حالات الإصابة مصدر قلق لنا ونحاول تحديد أفضل الطرق التي علينا من خلالها موائمة أنشطتنا مع الظروف الراهنة". وتشكّل صحة السكان النفسية مصدر قلق آخر للمنظّمة أيضًا. ويضيف ريكمن، "بعد 45 عامًا شهد خلالها لبنان سلسلة من الأحداث العنيفة، بما في ذلك الحروب والأزمات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية، جاء هذا الحادث الأخير لينضم إلى مجموعة من الأسباب التي تولّد حالات صدمة لدى سكان لبنان. وتشير الخبرة التي اكتسبتها المنظّمة من خلال عملها في مثل هذه الأزمات إلى أنّ الحادث سيكون له تأثير هائل على سلامة السكان النفسية ولن يزول هذا الأثر لسنوات قادمة. لهذا السبب، يجب وضع استراتيجية وطنية للصحة النفسية لإدارة الآثار النفسية طويلة المدى التي ستخلّفها هذه الأزمة لدى شعب لبنان".

ومع كون الصحة النفسية ركيزة أساسية من نشاط أطباء بلا حدود في لبنان، استطاعت المنظّمة أن تخصّص فريقًا من 9 اختصاصيين نفسيين ليشارك في استجابتها لهذه الحالة الطارئة، حيث أنّ الفريق بدأ بتقديم الإسعافات الأولية النفسية ويسعى لوضع خطة طويلة الأمد تلبي احتياجات السكان المتضرّرين.

وقبل البدء بتنفيذ الأنشطة التي وضعتها المنظّمة، تبرّعت أطباء بلا حدود بمجموعة من معدات الإسعافات الأولية للتضميد والأقنعة الجراحية للدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني ليلة الانفجار وفي الأيام التي تلت أيضًا، وذلك للوقاية من انتشار عدوى كوفيد-19 واستجابة لما حصل. منذ ذلك الحين، تخطّط أطباء بلا حدود لتقديم تبرعات إضافية من الإمدادات الطبية لدعم الذين يعالجون أعدادًا كبيرة من الجرحى. ويضيف ريكمن، "لقد اتسم دور هؤلاء الفاعلين والمنظمات المحلية بأهمية كبيرة، لا سيما في الأسبوع الأول بعد الانفجار. ونحن نعمل أيضًا على تكييف أنشطتنا بالاستناد إلى تلك القائمة على مستوى المجتمع المدني، لأنها حتمًا القوة الرائدة في هذه الاستجابة الجماعية لما حصل".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم