اليوم وقد وصلت الى ما وصلت اليه، اعلم انك لن تنسى ولن ننسى ابدا ما كنت وكنّا عليه يوما.
اعلم انك ستبقى كما دوما طفلا يلعب في ازقة بلدتنا، ويحلم بأدوار البطولة وان يكون الحدث وانوار الحدث. وقد صرت ما اشتهيت. واني على ثقة انك تعرف انّ البطولة من الان فصاعدا هي في التواري. البطولة هي في الصمت والصبر والاتضاع.
ما صنعك هو حسك الإنساني وشجاعتك. اعلم انك مدرك انك بشري وانّ للبشر حدودهم وضعفهم. مدرك انا انك امام التحديات الكبرى ستسلم امرك الى من تدبره واوصلك الى ما انت عليه. بشر نحن وضعفنا لا يكتمل الا باعترافنا به وبالتفاعل مع من يكملنا. واني اطلب الى من يقوى ان يعمل في ضعفك ولا ينسيك ابدا أنك فقير اليه.
اعلم انك عارف انّ مشوارك اليوم ليس نزهة، لا بل هو مهمة. واني على ثقة انك ستخرج من الموقع كما دخلت اليه. فالنجاح يقاس بكيفية الدخول الى والخروج من حلبة الخدمة.
مدرك انت انها لو دامت لغيرك لما آلت اليك. وانت تخرج اليه مزودا دعم ابيك متروبوليت بيروت وبركة بطريرك انطاكية العظمى. تخرج من بيتك الى البلد كي تظهر جودة العائلة التي تنتمي اليها بالأفعال. وانا على ثقة انّ يديك ستبقيان نظيفتين. تخرج من بيتنا في بيروت وانت مدرك انّ اهل بيروت جميعهم اهلك، وخدمة أهلها بكل اطيافهم امانة في عنقك. ولن تخذل من منحك ثقته وارادك ان تكون نموذجا وقيمة مضافة. اعلم انك لن تخذل الايادي التي امسكت بيدك. وستخدم الجميع في الحق الذي هو وحده يحييك.
اعلم انّ والدتنا لن تنفك تنظر اليك والينا من فوق. وستبقى تنهرك ان انت أخطأت وستخطئ لأنك بشري. والشجاعة ليست في انكار الخطأ بل في الاعتراف به ومن ثمّ القيام اقوى.
فالمحبة عدوك يا شقيقي (كما حال كل واحد منّا) وصديقك الحق. حاول ان تجافي محدوديتك وتتحدى نفسك وتنظر الى ما وراء المدائن. وانا على ثقة انّ ابنك سيفخر بك وستصير القصة في باله. وسنفتخر بك جميعا زوجة واخوات واخا واقارب وأصدقاء لأنك تثمر في الحق الذي هو الحياة.
اليوم تؤتمن على المدينة التي تصارع كي تبقى الرسالة. تؤتمن على ام الشرائع وام المدن المتربعة على عرش فينيقيا والتي تنظر الى بلاد كنعان. وديعتك جميلة وفريدة لكن حملها لا يعود ثقيلا إذا ما وضعت على كتف من يحمل البشرية ومدائنها. وتذكر بانّ الاحمال الثقيلة تصنع الرجال، وكم يحتاج هذا البلد الى رجال في هذه المرحلة. تعرف متى وكيف تقول الـ "لا" الرادعة والتي تحفظ وتصون مهما كان الثمن. وما الـ "لا" والنعم الا أدوات لخدمة الحقيقة.
أعلم انك تعرف انّ أناسا كثرا تنظر اليك وتضع ثقتها بك وانك لن تخذلها، ولن تشعرها بانّ النماذج سقطت. فوفاؤك للحق أكبر من وفائك لأي زعيم او مقتدر او انسان.
تطل على المدينة من بيت عائلتنا وببركة ابينا في بيروت وفي بالك انّ الهواء والماء والطرق والفرص والانماء للجميع. تنطلق بعدما رسمت صورتك بمواقفك. فكان ان نلت ثقة فخامة الرئيس وثقة مقام مجلس الوزراء بكل اطيافه.
تنطلق اليوم قويا من بيتنا في بيروت، قويا بعائلتك ومزودا بركة متروبوليتها وملاكها سيدنا الياس وبركة ابينا البطريرك يوحنّا. الكل ينظر اليك ويتتبع كل حركة وتصرف من تصرفاتك. فهم يأملون ان تكون نموذجا مختلفا في زمن تتساقط فيه الناس. وانا على ثقة انك سترسم بحبرك صورة عن عائلتنا زاهية بألوان الصدق والشفافية والفقر والتواضع. سترسمها ان عرفت كيف تسجن اناك وتعترف بضعفاتك. فتتعزز وتكتمل بقوة غيرك. لن تكون مهمتك سهلة، لكن من يسهّل ويفتح القلوب سيفتح لك قلوبا ودروبا حتما كما كانت تقول جدتنا ايفا. فتبتسم لك أمك المقيمة فوق ويفرح بك ابنك من وراء البحار. ونتهلل جميعا أبا وزوجة واخا واخوات واقارب واصدقاء.
اضأت اليوم لأجلك شمعة في الليل، فانا أكره ان العن الظلمات. وانا على ثقة انّ رب الاكوان الذي ينير الدروب سينير دربك فتعود الينا مروان النظيف والشفاف وابن الأرض. وتبقى رائحتك رائحة صبي من دوما تعطَّر بطيب الحقول وسمرته شموس البيادر ومضى واثق المشية الى بيروت كي يكتب لأهله ولبلدته في ساحاتها هناك صفحات من نور وتواصل وتفاعل وخدمة. الا وفقك الله.