السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

جلسة متفجّرة نصف منتجة... "العفو" عمّق الانقسام

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
جلسة متفجّرة نصف منتجة... "العفو" عمّق الانقسام
جلسة متفجّرة نصف منتجة... "العفو" عمّق الانقسام
A+ A-

كان من المفترض أن تكون جلسة مجلس النواب دسمة جداً على مستوى مشاريع القوانين المطروحة على جدول الأعمال، إذ إن جزءاً كبيراً منها يمسّ مباشرة معيشة المواطنين كمشروع قانون القرض الكويتي للإسكان وتمديد المهل بالنسبة للقروض المتعثرة، إضافة الى قرض الـ1200 مليار الذي طلبته الحكومة ضمن خطة لتشكيل شبكة أمان اجتماعية وتأمين قروض مسهَلة للقطاعين الزراعي والصناعي، إضافة الى مشاريع قوانين سياسية متفجرة تتعلق بالعفو العام و"الكابيتال كونترول".

لم يمرّ مشروع قانون واحد من دون مناقشة واعتراضات، فيما بدا واضحاً أن الطبخات التي كانت تنضج قبل جلسات الهيئة العامة، لم تكن كذلك هذه المرة.

ورغم شبه الاتفاق على خطة الـ1200 مليار للحكومة، لم تخلُ ايضا من الانتقادات الحادة فطالب عدد من النواب بتحويل القروض الى هبات، فيما انتقد عدد آخر الخطة برمتها بسبب عدم توافر الأموال والاتجاه نحو طبع النقود لتنفيذها، مما يمكن أن يؤدي الى التضخم في السوق، اضافة الى عدم وجود آلية واضحة لكيفية الصرف، ولكن في النهاية مرّ المشروع كما أرسل من دون تعديلات.

أما النجم الأول في الجلسة، فكان مشروع تحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة، ونال حصة كبيرة من المناقشات مع موقف التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل الذي تمسك بصلاحيته ودوره في التعيين، معتبراً أن القانون بطرحه الحالي مخالف للدستور ومؤكداً أنه سيطعن به، ومشت معه على الخط نفسه كتلة المستقبل بالنسبة لدستورية القانون قبل أن يتدخل رئيس لجنة الادارة والعدل، ويطرح تعديلاً على بنده الأول يلغي صلاحية الوزير بطرح أسماء خارج اطار الهيئة المشكلة من الوزارة ومجلس الخدمة المدنية ووزارة التنمية الادارية، ليحصر الانتقاء باللجنة المشكلة وفق الآلية التي تطرح 3 اسماء على مجلس الوزراء ليختار منها اسماً واحداً، وبهذه الحالة يعطي الوزير رأيه على طاولة المجلس، أما التعديل الآخر الذي لا يقل أهمية عن الأول فهو خضوع تعيين رؤساء الهيئات الرقابية للآلية نفسها، بعدما كانوا مستثنيين، وهذه التعديلات أرضت الحريري وكتلة المستقبل التي كان طالب رئيسها الرئيس سعد الحريري بإبعاد السياسة عن التعيينات، فأقرّ بالتصويت ونال رضى أغلبية الكتل باستثناء التيار الوطني الحر، الذي بقي على قراره بالطعن به.

أما قانون رفع السرية المصرفية، فقد استلحقه الرئيس نبيه بري ونشله من "وحول" المناقشات، بعدما شنّ عليه النائب وائل أبو فاعور هجوماً عنيفاً، واعتبر انه وجد للتشفي السياسي وخصوصاً ان "القضاء ليس محايداً"، فتدخل بري وطرح المشروع على التصويت كما هو، ليمر كما تقدم، رغم الاعتراضات.

وحال الجلسة الصباحية التي مرت على خير، لم تنطبق على الجلسة المسائية التي كان على بنودها قانون العفو المتفجر، وحاول هنا الرئيس نبيه بري إعادة ما فعله بقانون رفع السرية المصرفية، طارحاً التصويت عليه بمادة واحدة وسريعاً، ومستبقاً الانتقادات التي ستطال المادة الثامنة منه التي تتحدث عن العفو عن المبعدين في اسرائيل مؤكداً "أننا كلنا من المدرسة نفسها وأحد أهم أساليب المقاومة هي الوحدة الوطنية"، وقال: "اوعا تنسوها بحياتكم نحن واخواننا بحزب الله وكل من وقف ضد اسرائيل في 2006"، الا ان مداخلة النائب اسعد حردان الذي طلب حذف هذه المادة وابقاء الوضع كما هو عليه، وتدخل النائب جميل السيد طالباً اجماعاً كاملاً من المجلس لتمرير القانون كمادة واحدة، أديا الى استفزار النائب جبران باسيل الذي أخذ الكلام وابدى رفضه لبنود القانون كافة ومن ضمنها المادة الثامنة، وقال إن مشاركته بالمناقشات كانت تحت الضغط والنتيجة لم ترضه ولم يصوّت معه، مما دفع الرئيس بري الى تعليق الجلسة لمدة عشر دقائق امتدت الى اكثر من نصف ساعة مشاورات جانبية لم تؤد الى نتيجة، ويبدو ان هذه النتيجة اغضبت الرئيس الحريري رغم وضع القانون جانباً وانسحب هو وكتلته من الجلسة، وهنا بدأت الجلسة بالاهتزاز.

كما ان هذه النقاشات لم ترُق الاحزاب المسيحية التي كانت تنسق مواقفها قبل الجلسة، فعادت عما وافقت عليه في مشروع القانون المقدم، وبحسب العديد من النواب المسيحيين، بدا واضحاً تراجعها عن الموافقة عن القانون، وعادوا الى ملاحظاتهم الاولى، وكأن ما جرى اراحهم، وبالتالي يمكن القول إن بعد ما جرى اليوم عاد مشروع القانون الى نقطة الصفر وربما لن يطرح مرة اخرى في القريب العاجل.

أما آخر مشروع تقصدّ بري طرحه رغم انسحاب كتلة "المستقبل"، فهو مشروع القانون المعجل المكرر المطروح من تكتل لبنان القوي وكتلة التنمية والتحرير والرامي الى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية، او ما يعرف بـ"كابيتال كونترول"، لكن المفاجئ رغم ان مشروع القانون كان متفقاً عليه بين الرئيس بري والوزير باسيل، الا ان وزير المال طلب اعادته للجان لدرسه، وأيّد طلبه الرئيس بري بعد تلقيه ملاحظات من مصرف لبنان في شأن نواقص تشوبه، فأصرّ باسيل على التصويت فسقط بعدم تأييده من الكتل، ولم يصوّت معه سوى "تكتل لبنان قوي" لتختم الجلسة بطريقة سريعة ومفاجئة من دون اكمال جدول الاعمال، ومعمقة تالياً الخلاف السياسي الموجود والذي يغلي تحت الرماد .

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم