الثلاثاء - 14 أيار 2024

إعلان

40 عاماً مرَّت على الرحيل... كمال جنبلاط "آخر رجل دولة في العالم العربي"

سلوى أبو شقرا
40 عاماً مرَّت على الرحيل... كمال جنبلاط "آخر رجل دولة في العالم العربي"
40 عاماً مرَّت على الرحيل... كمال جنبلاط "آخر رجل دولة في العالم العربي"
A+ A-

"أظنها طلقات الغدرِ حين هوت، تكاد لو أبصرتْ عينيك تعتذُر، قُتِلتَ؟ لا لم تمتْ لكنهم كذباً، توهَّموا وأماتَ الغدرُ مَن غدروا"، من أصدق العبارات وصفاً لحادثة الاغتيال بقلم الشاعر شوقي بزيع. هذه الرصاصات حتماً كانت ستعتذر لو أدركت أنَّها تخترق جسدَ المُعلم. في الذكرى الـ40 للاغتيال نعود بالذاكرة الى من عايشوا أيام النضال، نسألهم عن رفيق الدرب، نشعر من نبرة صوتهم وعباراتهم كأنَّ صديق العُمر رحل للتوّ.


"كمال جنبلاط شخص استثنائي، سبقَ عصرهُ بفكره ورؤاه، وكان تقدُّمياً وطليعياً، وما نادى به يثبت أن خطابه يناسب كل زمان، وطروحاته وأفكاره لا تزال صالحة لليوم"، وفق الوزير السابق عباس خلف، رئيس "رابطة أصدقاء كمال جنبلاط"، الذي عاصره وكان نائب رئيس الحزب للشؤون الخارجية. يخبر في حديثه الـى "النهار" أنَّ "كمال جنبلاط شخص لا يُنسى، ومن عرفه من كثب تأثر بشخصيته وأخلاقه إلى أقصى الحدود. هو الذي ولِدَ وملعقة الذهب في فمه، إلاَّ أنَّ إنسانيته تغلَّبت على كل ما تربَّى عليه. حقيقي وشفاف بطبيعته، ويعتبر أن كل نضال وجهد يجب أن يتوخى كرامة الإنسان وحقه بحياة حرّة كريمة. وصفه الكاتب المميز في علم السياسة موريس دوفرجيه في أحد كتبه، بأنَّه "آخر رجل دولة في العالم العربي". أما الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود، الذي استقبله عام 1970، فوصفه بالمميز ذي التأثير الفكري في العالم العربي".


"أعرف متى سأموت"
"عام 1976 سافرنا برفقته إلى مصر وليبيا والجزائر وفرنسا، بغية إقناع المسؤولين في تلك البلدان بألا يسمحوا للقوات السورية بالهيمنة على قوة الردع العربية، التي ستتولَّى الأمن في لبنان. في طريقنا من الجزائر العاصمة إلى وهران لمقابلة الرئيس هواري بومدين، في حضور وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة على متن طائرة الرئيس بومدين الصغيرة، واجهت الطائرة مطبات هوائية ما جعلها تهتز بقوة. شعرت بالقلق، وكنت أجلس قرب المعلِّم، فسألني لمَ أنت خائف؟ لا تهتمّ لن يحصل شيء، اطمئن، أنا أعرف متى سأموت. وأعطاني كتاباً لأقرأه".
عن تاريخ 16 آذار 1977 يسردُ خلف: "قدِمتُ إلى بيروت من القاهرة قبل 16 آذار 1977 بأسبوع، بعدما كنت مستقراً هناك لمتابعة الاتصالات الخارجية للحركة الوطنية والحزب الإشتراكي. وكان من المفترض أن ألتقي المعلم في ذلك اليوم، لأتفاجأ باتصال من زوجتي من القاهرة بعد سماعها الخبر على إذاعة "بي بي سي": "هل سمعتَ الخبر؟ لقد اغتالوا كمال جنبلاط!".
نسأله ماذا بقيَ من مبادىء اشتراكية كمال جنبلاط؟ يجيب: "المبادىء والأفكار موجودة، وميثاق الحزب الإشتراكي وبرنامج الإصلاح السياسي للحركة الوطنية يطرحان حلولاً عملية تلبي متطلبات التطور والتقدم لبناء دولة مدنية ديموقراطية علمانية، تؤمِّن التقدم الإجتماعي للمواطنين كافة".


"شهيداً مشاركاً في كتابة التاريخ"
"مثَّل كمال جنبلاط وجه لبنان العربي، الديموقراطي، المدني، حضوراً وسمعةً وصوتاً وصدى. قالوا عنه إنه صانع الرؤساء، وخصمُ الرؤساء"، بهذه العبارات يصف الصحافي عزت صافي كمال جنبلاط، ويقول لـ"النهار": "كان يُخطئ لكنه لم يكُن يعتذر لأنه دائماً على يقين بأنه على حق، لأنَّه كان يدرك الحقيقة. فيقولها ببساطة الواثقين بها وكان يترك للزمن أن يؤكد للرأي العام صحة ما كان يرى ويتوقَّع. ولكنْ بقدر ما كان الزمن صادقاً معه، كان ضدَّه. وكتبَ في افتتاحية العدد الأول من جريدة "الأنباء" في 16 آذار1951 بعنوان "قبيل المعركة" أن "على كل فردٍ منا أن يكون على أُهْبة أن يواجه القوة المادية وأن يصارع السلطان الغاشم وأن يرمي بماله ودمه وحياته وأولاده في حلبة الصراع". كان ذلك نداءه يوم 16 آذار1951. ولبَّى هو نداءه ورمى بدمه وحياته في حلبة الصراع ضد السلطان الغاشم وكان ذلك يوم 16 آذار من العام 1977. السلطان الغاشم مضى إلى حسابه الأسود مع التاريخ، وكمال جنبلاط بقيَ شهيداً شاهداً ومشاركاً في كتابة التاريخ".


[email protected]
Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم