الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

الحوار حول الرئاسة لمَ لا يتولّاه "حزب الله"؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
الحوار حول الرئاسة لمَ لا يتولّاه "حزب الله"؟
الحوار حول الرئاسة لمَ لا يتولّاه "حزب الله"؟
A+ A-

أسهب الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه في عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، في الكلام على الانتخابات البلدية التي دحضت إمكان التمديد للمجلس النيابي الحالي، وهو ما يرفع تاليا احتمالات الذهاب الى انتخابات نيابية لم تكن لدى الحزب حماسة لها في السابق، مما أدى الى التمديد مرتين للمجلس، وسيكون مستغربا أن يتحمس الحزب للمشاركة حتى في انتخابات نيابية مبكرة أو في موعدها، ولو ان هذا الموقف يندرج في إطار التأكيد أن الحزب بألف خير وقادر على مواجهة التحديات في الساحات الخارجية وخوض معارك سياسية في الداخل، مع أن الأمر لم يكن كذلك لدى التمديد للمجلس، في حين أن الظروف لم تتغير في الواقع. إلا أن السيد نصرالله لم يستفض في الكلام على الانتخابات الرئاسية التي ردد في شأنها دعوة الفريق الآخر الى "الحوار وعدم إدارة الظهر" كما قال، والمقصود أن يحاور هذا الفريق النائب ميشال عون لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. وقد حاور الفريق الآخر، والمقصود بذلك الرئيس سعد الحريري الجنرال عون، ولا يمكن القول انه لم يفعل او لم يحاول بجدية، على الاقل قبل ان يدعم اخيرا النائب سليمان فرنجية. وأعطى الحريري جوابا في الآونة الاخيرة من امام قصر الاليزيه في فرنسا بعد لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كرد على محاولة رمي الكرة في ملعبه، وكأن مشكلة الرئاسة هي في فتح حوار جديد مع عون وليست في تعطيل نصاب مجلس النواب الذي يتحمله فريق الحزب مع التيار العوني. والمحاولة مجددا مثيرة للشكوك، علما ان الحوار سابقا بين عون والحريري لم يؤد الى شيء، أقله في ما يتعلق بموضوع الرئاسة الاولى، ولن يؤدي مجددا الى نتيجة. وثمة أمور في هذا الاطار تثير تساؤلات، أحدهما أنه حتى لو أجرى الحريري حوارا مع عون أدى الى الاقتناع بدعم ترشيحه، فهل يمكن زعيم "المستقبل" أن يأخذ تياره وجمهوره في هذا الاتجاه؟ وهناك أمر آخر لا يملك أحد عمقه، وهو مدى الشك في أن الحزب يدعم فعلا وصول عون، مما يثير تساؤلات جدية، منها: إذا وافق الفريق الآخر على عون، فكيف يمكن أن يكون رد فعل الحزب انطلاقا من أنه كان شديد الريبة لدى الانفتاح الذي قام به الحريري على عون قبل أكثر من سنة ونصف سنة، كما ان الحزب لم يلاق دعم "القوات" لترشيح عون قبل أشهر قليلة، كأن يبذل جهودا مثلا لترطيب العلاقة بين حليفيه، أي الرئيس نبيه بري والعماد عون، فتتأمن بذلك الاكثرية المطلوبة لانتخاب الجنرال، خصوصا في ظل اعلان الحريري ان كتلته لن تعطل، وستشارك في جلسة انتخاب عون، إذا حصلت، من دون التصويت له. لعلّ المسألة، إذا كان يهم السيد نصرالله اجراء الانتخابات الرئاسية، هي ان يكون هو طرفا من الحوار مع الحليف العوني، اذا كان دقيقا ان ايران تدفع بموضوع إيجاد مخرج للرئاسة في لبنان الى حضن الحزب او لا تختبئ هي وراءه، وفق ما تعتقد غالبية دولية، وليست محلية فقط، تسعى الى مفاتحة ايران او التوجه اليها في هذا الموضوع. ومن المهمّ أن يكون طرفا في الحوار مع الفريق الآخر في هذا الشأن، أي "تيار المستقبل"، ذلك أن حوار رفع العتب الجاري منذ أشهر في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يعتبر حوارا جديا يتناول عمق الأمور، بما في ذلك رئاسة الجمهورية، ولا ضير مثلا ان يقوم الحزب او السيد نصرالله تحديدا بمبادرة في هذا المجال، إذا كان يهمه الوصول الى تفاهم حول الرئاسة، او ان تحصل انتخابات رئاسية. اذ انه لم يغب عن بال الكثيرين بعد، الشروط المرتفعة التي كانت تعرقل تأليف الحكومة التي يرأسها الرئيس تمام سلام لمدة 11 شهرا قبل ان يطل السيد نصرالله في احد الايام معلنا تراجعه عن هذه الشروط والافراج عن تأليف الحكومة. والإيجابية، اذا كان يفترض ان تجد لها مكانا، فهي مطلوبة من الجميع وبالتحديد من الحزب الذي يفترض كثر انه بات يحتاج الى مخرج مع الجنرال من دون القدرة على ان يقدم هو هذا المخرج او ان يحرج نفسه معه او يظهر كما لو انه يتخلى عنه وهو في حاجة الى اثمان وذلك متى اخذ الجانب الداخلي من ازمة الرئاسة ولم تدرج من ضمن التعقيدات الاقليمية. علما ان هذا المنطق غريب قياسا الى "قدرة الحزب" وامكاناته وامكانات خصومه.


ومسألة التفاهم بين الحزب والافرقاء الآخرين في هذا المجال ممكنة عبر السبل المباشرة او عبر ما يعرف بديبلوماسية الخط الثاني اي عبر اطراف ثالثين غير ملتزمين بفريقي الحوار وان كانوا قريبين منهما يرصدون احتمالات التوفيق بين مختلف الاراء في انتظار الوصول الى نتيجة. هذا الاسلوب من الحوارات قائم راهنا حتى بين الدول الخليجية وايران كما حصل ايضا في السابق بين ايران والولايات المتحدة قبل الاتفاق النووي. والوضع لن يختلف ولو على مستوى اصغر او اقل شأنا، كلبنان لجهة محاولة رصد امكان التفاهم او ايجاد قواسم مشتركة لذلك في حال توافرت ارادة حقيقية بالذهاب الى حل لموضوع الرئاسة ولبننته اذا صح التعبير. وهذا ليس متوافرا لان ليس هناك ارادة او رغبة في ملء الشغور في موقع الرئاسة الاولى لاعتبارات تناسب الفريق المعطل، ما لم يصبح الشغور أكثر كلفة من وجود رئيس قد تصبح الحاجة ملحة عليه في وقت ما.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم