السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تفاصيل مشروع استملاك شاطىء "الرملة البيضاء"... "صفقة" أو عملية انقاذ؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
تفاصيل مشروع استملاك شاطىء "الرملة البيضاء"... "صفقة" أو عملية انقاذ؟
تفاصيل مشروع استملاك شاطىء "الرملة البيضاء"... "صفقة" أو عملية انقاذ؟
A+ A-

خلال بلوغ المعركة الانتخابية البلدية في بيروت ذروتها، كان لا بدّ من التوقف مع رئيس البلدية الحالي بلال حمد وقبل مغادرته الكرسي عند قضية الرملة البيضاء التي أثارتها من جديد لائحة "بيروت مدينتي"، كاشفة في صفحتها على "فايسبوك" عما أسمتها "صفقة لاستملاك ثلاثة عقارات في المنطقة هي بطبيعتها أملاك بحرية عامة"، من المجلس البلدي الحالي، وأن ذلك يجري بحجة "اعادة استملاك الأملاك العامة". وبكل الأحوال يستعدّ حمد لعقد مؤتمر صحافي عند الساعة 11 من قبل ظهر غد للحديث عن انجازات البلدية، والردّ على كل ما يَرِد في وسائل الاعلام. علماً انه قد جاء في نهاية رد المحافظ  زياد شبيب على طلب المجلس بأنه "يقتضي النظر إلى المشروع من زاوية ما تملكه البلدية من ‏خيارين، استملاك العقارات كليا أو جزئياً بموجب مرسوم يصار بعده إلى تحديد التعويض العادل من لجنة ‏الاستملاك أم متابعة السير بالطريقة التي قررها المجلس البلدي أي بالشراء بالتراضي".‏ وأطل اليوم شبيب بقرار منع الاملاك البحرية، وطالب وزارة الاشغال بتحديد حدودها، وذلك وفق لجنة مختصة.


وعلمت "النهار" أن الأجواء تشير إلى أفضلية الخيار الأول، توضع على اثره اشارة استملاك بانتظار ‏مرسوم حكومي ليعرض في ما بعد على لجنة الاستملاك التي تحدد بدورها التعويض العادل للبائع. ‏


وفي بيانها، اعتبرت اللائحة التي ترتدي ثوب المجتمع المدني أن العقارات "بحسب قانون تحديد الأملاك العموميّة لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن. أمّا وقد تمّ تملّكها بشكل غير قانوني، فانّ محاولة البلدية شراءها بالمبلغ المطروح لا يتوافق مع خضوع منطقة "الرملة البيضاء" لتصنيف المنطقة العاشرة في بيروت حيث عامل الاستثمار يساوي صفر بالمئة. ولذلك، فانّ تخمين سعر المتر فيها بالكلفة الباهظة التي يتم تداولها لا يمكن تبريره الا في سياق تمرير صفقة مشبوهة تبدّد ما يقارب 119 مليون دولار من المال العام".


وبدأ الحديث أيضاً عن حجم الاحتياط لدى البلدية وأسباب عدم صرفه لصالح العاصمة، وفي معركة محتدمة تستخدم فيها كل الأسلحة، خصوصاً الاعلامية، تواصلنا مع حمد فتحدث عن مشروع الاستملاك الذي يعود تخطيطه إلى أكثر من سنتين واضعاً ما يتم تناقله في اطار "الشعارات والتجليط". وبحسب المعلومات التي قدمها لـ"النهار" فإن "قضية شاطىء الرملة البيضاء ترتبط بثلاثة عقارات هي أملاك خاصة منذ زمن طويل، وانتقلت من مالك إلى آخر وصولاً إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي ما بعد إلى ورثته، وللاشارة إلى أنه طوال هذه المدة لا يزال الشاطىء الشعبي مفتوحاً للعموم، ويشدد حمد على أن "لا أملاك للرئيس سعد الحريري في هذه العقارات الثلاث بل هو يساعدنا ولو كان وريثاً لمنحنا أياها هبة".



الخيار الثاني


تسعى البلدية وخصوصاً المجلس الحالي إلى شراء هذه العقارات التي تبلغ مساحتها حوالي 28500 متر مربع، بهدف انشاء مسبح مجاني "للفقراء وعموم أهالي بيروت واللبنانيين، وتنظيمه ليمثل الواجهة البحرية للعاصمة"، بحسب حمد الذي أعرب عن استيائه من الوضع الحالي للمسبح، ويقول: "انه بادارة وزارة النقل والأشغال منذ عشرات السنين، وانظروا إلى "البهدلة" فيه، نريد مسبحاً للعموم تحت اشراف البلدية ونتعامل حينها مع شركة تهتم فيه وتنظفه وتحسن من وضعه ليليق بواجهة مدينتنا".
وصل ملف استملاك هذه العقارات إلى محطته ما قبل الأخيرة، في وزارة الداخلية والبلديات، وإذا صادقت عليه سينتقل إلى ديوان المحاسبة، فكيف بدأ مشروع الاستملاك وكم يبلغ سعر المتر؟ يقول حمد: "طالما ان هذه الأملاك بحرية وعامة لماذا لا تضع وزارة الأشغال يدها عليها وتحرّرها من الملكية الخاصة، لماذا لا تستملكها طالما أن الدولة تخلّت عنها بالخطأ؟".



سيناريوات سيئة



يحاول المجلس البلدي الحالي وفق حمد ابعاد السيناريوات السيئة عن هذه العقارات، ويقول: "صحيح أنه ممنوع البناء فيها، لكنها أجمل بقعة شاطىء على البحر المتوسط، وليس هناك من شاطىء رملي ذهبي مثله، وبالتالي البعض من ورثته اليوم قد يبيع العقار إلى شخص ما، يُقدم على وضع الحبال او الشباك حول عقاراته يمنع الناس من النزول إلى المكان، أو السيناريو الثاني أن يقدم الشاري على فرض تسعيرة أو مبلغ معين مقابل المرور بعقاره، أما السيناريو الثالث الأخطر أن يحصل الشاري الجديد مثلا على مرسوم يعدل فيه تنظيم البناء في هذا العقار يخوله انشاء الأبنية عليه"، ويضرب المثل بـ"الزون واحد" وهو المكان الملاصق للشاطىء الشعبي، (البقعة الممتدة إلى مسبح السامرلاند) حيث يتم بناء مشروع "ايفين روك"، ويسأل حمد: "ماذا يمنع حصول سيناريو سيء جداً ويأتي شاري جديد ويحاول استحصال مرسوم من الحكومة يعدل في تنظيم المكان ويبني عليه العقارات، ماذا يفعل الفقراء حينها وأين نذهب بالمسبح؟".



سعر المتر بـ 4300 دولار؟



كيف تجري آلية الشراء؟ يجيب حمد: "اعتمدنا الطريقة نفسها التي استملكنا فيها عقارات لإقامة مواقف للسيارات ولم يصفق لنا أحد عليها، وحصل تراضٍ مع أصحاب العلاقة على بيعها، وهناك ثلاثة تقارير لخبراء معروفين حددوا سعر المتر ما بين 5.5 آلاف دولار و7 آلاف دولار، لكننا رفضنا هذا السعر، وقلنا لأصحاب العلاقة أن الملبغ مرتفع جداً وفي نهاية المطاف وافقوا على 4300 دولار للمتر الواحد، بعدما طرح الأمر على محافظ بيروت، الذي التقى أصحاب العلاقة وتفاوض معهم وأنجز عقدًا بما يشبه مسودة اتفاق وقّعوا عليها وأُعيد ارسالها إلى المجلس البلدي فحولنا الملف إلى وزارة الداخلية، وإذا صادقت عليه يتجه إلى ديوان المحاسبة ليأخذ الصفة القانونية للتطبيق، حيث يقدم الديوان على تكليف خبراء لتخمين المتر في المنطقة، فإذا كان أعلى يسيرون بتخميننا وإذا كان أقل يرفضون السير بأي تخمين أعلى، وبالتالي امكانية خفض الملبغ ممكن". ولا يخفي ان قيمة المشروع وصلت إلى 119 مليون دولار، ويضيف: "أنا والمحافظ لم نستطع أن نخفض من هذا الرقم، ولتتفضل وزارة الأشغال لحل الأمر وفي امكانها ان توقف الموضوع عند وزارة الداخلية لكن عليها ان تعلن رسمياً نيتها استملاك العقارات، وبالتالي ماذا أفعل حاليا؟ أتفرج على العقارات، ماذا لو منعت النساء من النزول، هل سيحمّلوننا المسؤولية؟ ومن لديه أي حل آخر ليتفضل".


محافظة بيروت: كلام غير صحيح


ويبدو أن كلام حمد يتناقض مع ما أكدته مصادر مقربة من المحافظ شبيب لـ"النهار"، وصفة كلام حمد بـ"غير الصحيح"، وتوضح: "محافظ بيروت لم يتدخل لا من قريب ولا من بعيد بالسعرولم يلتق وكيل البائعين، بل وفور وروده طلب المجلس البلدي أحيل الملف إلى دائرة القضايا وتم تحضير مشروع العقد بناء لطلب المجلس وأعيد إلى الأخير، ولم يتعاط شبيب مع السعر في شكل نهائي"، مشددة على أن "المجلس ‏البلدي هو من قرر الشراء بالتراضي ومن وافق على السعر المعروض من أصحاب العلاقة". ‏


المجلس يرفض 4300 دولار؟


من جهة اخرى، تقول مصادر بلدية مطلعة أن "لا اجماع داخل المجلس البلدي على موضوع شراء العقارات الثلاثة، وأنه في القرار البلدي رقم ٢٨٤، لم يحدد المجلس اي سعر للمتر بل ترك الامر للمحافظ للتفاوض مع المالك وتحديد السعر بطريقة الاتفاق بالتراضي"، مشيرة إلى أن "سعر ٤٣٠٠ دولار اميركي مرفوض من المجلس رفضاً تاماً، وأن ٥ أعضاء سجلوا تحفظهم واعتراضهم على القرار البلدي الذي أخذ بالتصويت وليس الاجماع"، معتبرة أن "قرار محافظ بيروت بوقف الشراء يعكس رغبة عدد كبير من أعضاء المجلس".


 


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم