السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

السؤال: ما الهدف من تحديد أنواع الديون المصرفية المتعثّرة وتصنيفها؟

المصدر: "النهار"
من الاحتجاجات أمام مصرف لبنان- الحمرا (نبيل إسماعيل).
من الاحتجاجات أمام مصرف لبنان- الحمرا (نبيل إسماعيل).
A+ A-
أحمد قاسم
*اختصاصي في الديون المتعثرة
 
المصارف لا تستطيع التنبّؤ بالمخاطر والعقبات التي ستواجهها عند استحقاق القروض التي تمنحها وذلك لارتباط هذه المخاطر والعقبات بمتغيرات متعددة سياسية ومالية واقتصادية وقانونية وطبيعية. فالقروض مهما بالغت المصارف في أخذ الاحتياطات والضمانات والدراسات عند منحها، تبقى تحمل في طيّاتها مخاطر عدم التسديد، ومن واجب المصارف السعي الى تقليل هذه المخاطر للحفاظ على أموال المصرف والاقتصاد الوطني. وخير دليل على ذلك جائحة كورونا التي تأثرت بها كافة القطاعات وأدّت الى إقفال العديد من المؤسسات وبالتالي تعثر العاملين فيها عن الدفع لعدم وجود الإيراد.
 
لكن ما الهدف من تحديد أنواع القروض المتعثرة؟
الهدف من تحديد أنواع هذه الديون هو معرفة طبيعتها ومدى مصداقية هذا التعثر والمرحلة التي وصل إليها، فكثيراً ما يكون المرض بسيطاً وسهلاً علاجه عندما يُكتشف مبكراً، كذلك فالتعثر المصرفي يكون بسيطاً وسهل العلاج عندما يُكتشف باكراً وتتم معالجته لأن الإهمال وعدم الاكتراث لعوارض التعثر المصرفي سوف يقودان الى التعثر الكامل وفقدان الدين.
 
وما آثار القروض المتعثرة على المصارف؟
القروض المتعثرة تستنزف المصارف بتكاليف كبيرة عن طريق تحويل جزء من إيراداتها لتكوين مخصّصات لها وجزء للموارد البشرية التي تقوم بخدمتها وجزء للدعاوى القانونية عند تعذر الحلول الحبّية، فضلاً عن تعليق احتساب الفوائد على هذه الديون واهتزاز صورة المصرف عند ارتفاعها. فالمصرف الذي لديه عدد كبير من الديون المتعثرة لا يمكنه الاستمرار في تزويد العملاء بالقروض بالطريقة الصحيحة، ومن شأن ذلك التأثير على الاقتصاد ككلّ.
 
مثالاً على هذا الاستنزاف، كما لو أقرض المصرف شخصاً قرضاً بقيمة خمسة آلاف دولار أميركي وتمنّع هذا الشخص عن تسديد القرض لأيّ سبب من الأسباب، هنا على المصرف وفقاً لتعاميم مصرف لبنان المنسجمة مع تعليمات المنظمات الدولية، أن يقتطع مبلغاً من إيراداته مساوياً لهذا الدين ويضعه في حساب خاصّ تعزيزاً له، ومصرفياً هذه العملية تُسمّى تكوين المؤونات وهي التي تستنزف أرباح المصارف لأن المصرف في هذه الحالة تكون خسارته ضعفين: مبلغ القرض ومبلغ المؤونة، وكلها تكون مجمّدة بانتظار الحلول سواء الحبّية أو عبر المحكمة، والأخيرة كما نعلم مؤجّلة بسبب الظروف التي نمرّ بها.
 
وماذا عن تصنيف الديون المتعثرة؟
التصنيف ليس بالأمر السلبي، بل هو في غاية الأهمية، خصوصاً عندما تكون هناك آليات متبعة من قبل المصارف بالتعاون مع مصرف لبنان وذلك لأن تصنيف هذه الديون وتكوين بنك معلومات لها في مصرف لبنان من شأنه حماية هذه المصارف من العملاء المتعثرين وحماية الاقتصاد الوطني وحماية المدينين المتعثرين أيضاً.
ولكن كيف نحمي المدين المتعثر؟
 
عندما يتعثر المدين يرسل المصرف اسمه الى مصرف لبنان بموجب تقرير يرسل عادة كل شهر تذكر فيه كافة الديون وأنواعها والقطاعات الاقتصادية التابعة لها ومقدارها ومدّتها وأخيراً وهو الأهم تصنيفها. فإن كان التصنيف سلبياً فإن هذا المدين في حال ذهابه الى أيّ مصرف آخر للاقتراض من جديد وزيادة أعبائه بالطبع سوف يرفض طلبه عند وجود تصنيف سيّئ أو حتى في حال وجود دين آخر مرهق ووجد المصرف أن منحه أيّ قرض جديد سوف يقوده الى التعثر إن كانت إيراداته لا تكفي لسدادهم معاً.
 
ولا بدّ من الإشارة الى أن هذا التصنيف يبقى في سجلّ العميل حتى لو تمت تسوية دينه وتم تسديده، لأنه عند تقدّمه لطلب قرض جديد من مصرف آخر فإن هذا المصرف سوف يستعلم عنه إما عبر مركزية المخاطر في مصرف لبنان أو عبر أقسام الاستعلام في المصارف الأخرى التي يزوّد بعضها بعضاً بمعلومات عن المدينين، أو عبر بعض شركات الاستعلام التي تزوّد المصارف بمعلومات مقابل بدلات مادّية عنها، وسوف يعرف بهذا التعثر ويبني عليه توقعاً سلبياً.
 
في الولايات المتحدة الأميركية، المدين المتعثر يبقى، حتى وإن سدّد دينه، مدة سبع سنوات على لوائح المتعثرين وذلك لحماية المقرضين الجدد منه وفي حال موافقتهم على إقراضه من جديد فإنهم بالطبع سوف يرفعون من نسب الفوائد والضمانات المطلوبة منه لكونه زبوناً ذا مخاطر عالية.
 
ما الحدّ المسموح للمصارف أخذه من راتب المقترض؟
تعاميم مصرف لبنان حددت نسبة 35% من راتب المقترض من مختلف المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان، ويمكن أن ترتفع هذه النسبة الى 45% في حال وجود قرض سكني (تعميم مصرف لبنان رقم 280)، ويمكن لأيّ مصرف الوقوف على ديون المقترض من خلال مركزية المخاطر في مصرف لبنان، وفي حال عدم التزامه بذلك يكون مقصّراً بحكم مهنيته وخبرته في هذا المجال.
 
وفي ما يلي جدول يبيّن لنا تصنيف الديون حسب تعميم مصرف لبنان رقم 58 تاريخ 10/11/1998:
 
 
 
وفقاً لهذا الجدول، إذا تقدّم شخص بطلب قرض وكان تصنيفه من رقم 3 الى رقم 6 فإن المصرف في أغلب الأحيان يقرّر عدم منحه القرض.
 
فالتصنيف يهدف إذن الى تقليل المخاطر، ومصرف لبنان تدخل من أجل تمكين المصارف من الحفاظ على الأصول الموجودة وحماية المودعين والمقترضين وأحكام الرقابة والسيطرة على المخاطر والعمل على الحدّ من الخسائر وتقليلها الى أدنى مستوى.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم