الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الموازنة لتأبيد السلطة حتمًا وحتمًا لن تكون لنا

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
الموازنة لتأبيد السلطة حتمًا وحتمًا لن تكون لنا
الموازنة لتأبيد السلطة حتمًا وحتمًا لن تكون لنا
A+ A-

لن تكون الموازنة التي أشبعها مجلس النوّاب درسًا، موازنةً للإصلاح والتغيير، ولا للفقراء، وللعاطلين عن العمل، وللجياع، وللمرضى، وللمتطلّعين إلى العدالة الاجتماعيّة، أو للمتوسّطي الحال. ولا أيضًا وخصوصًا للثقافة والمثقّفين والكتّاب والشعراء والفنّانين.

ستكون موازنةً لتأبيد الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ القائم، للتأجيل، لتبويس اللحى، للتظبيط، للفلفة، للكيفما كان، من أجل المحافظة على التسوية السياسيّة القائمة، ودائمًا من أجل الطبقة الحاكمة، وللأطراف الذين يتقاسمون السلطة، ولأصحاب الأموال، والمهرّبين، وعاقدي الصفقات والسمسرات.

لن نقرأ بندًا واحدًا يتناول إعادة النظر الجذريّة في مشكلة الكهرباء، أو يضع ضريبةً تصاعديّة على أموال الأغنياء ومؤسّساتهم ومصارفهم، أو ينهي مسألة أملاك الدولة البحريّة المستولى عليها والمصادَرة.

لن نحظى ببندٍ إصلاحيٍّ واحدٍ ينقذ الجامعة الوطنيّة من القعر الذي تنحدر إليه.

عبثًا نتطلّع – مثلًا - إلى موازنةٍ خلّاقة تنهض بوزارة الثقافة.

سنتلهّى طويلًا بالأرقام، مثلما نتلهّى دائمًا وأبدًا بمداخلات النوّاب والوزراء والرؤساء، ومبارياتهم الزجليّة (مع احترامي العميق لشعر الزجل)، وسنظلّ نفرح الفرح العميم بالخطاب السائد، وبلغة الشتيمة والكيد والحقد والكراهية والصفاقة والنذالة والإسفاف، لأنّها لغتنا الحربيّة الممروضة، لغة السيكولوجيا التحتيّة الدفينة المنخورة بدود المرض اللاشفاء منه.

نتلهّى بهذا كلّه، لماذا، ومن أجل ماذا؟

نتلهّى لأنّ هذه الطريقة ملائمة لنا في العمق العميق، هربًا من المواجهة القاسية والجذريّة مع الذات، وتعبيرًا عمّا نحاول التملّص منه والفرار من حقيقته الدامغة، في أنّنا رعاةٌ أجلافٌ لنظامٍ طائفيٍّ حديديٍّ فاسدٍ وعقيم.

تأكّدوا أنّنا اسنواصل غدًا حياتنا اليوميّة العقيمة، كما لو أنّ شيئًا لم يُرتكب.

وسنعود كشعبٍ عظيمٍ وعنيدٍ، إلى نغمتنا المعروفة في النقّ والتعصيب وكيل الشتائم وتوجيه الاتهامات وفشّ الخلق على مواقع التواصل الاجتماعيّ.

وإذا ترفّق بنا ظرفٌ موضوعيٌّ ما، ليضع بين أيدينا فرصةً ديموقراطيّةً مناسبةً للبحث في كيفيّة توجيه الضربة القاضية لهذه الطبقة السياسيّة، وفي تأمين آليّات النجاح لتلك الضربة، فلن تتردّد أكثريّتنا الساحقة والماحقة في خيانة هذا الظرف الموضوعيّ، وفي الانقلاب عليه، وتفويت الفرصة التاريخيّة.

لماذا؟ لأنّنا بوجوهٍ وألسنةٍ متعدّدة، ولأنّنا زبدٌ عقيمٌ يرغي ليرتدّ على أعقابه، ولأنّنا كَذَبة، وجبناء، وتافهون، وقابلون بكلّ مهانةٍ وذلٍّ وتمريغ.

نحن بالذات أولاد الأفاعي وآباؤها وحافظو نسلها.

لأنّنا نحن الذين ننجب هذه الأفاعي، ونكثّر ذرّيّتها في الأرض اللبنانيّة، وفي الأوكار، كما في المؤسسات والمجالس والرئاسات.

اليوم، ستنال الموازنة الثقة في مجلس النوّاب. خريطة التصويت واضحة. والنتيجة واضحة.

من الآن، أعدكم بأنّ حكومة "إلى العمل" ستنصرف، مضفورةً بالشرعيّة الكاملة، إلى مواصلة الانحدار بلبنان إلى القعر والإفلاس واليأس، على مرأى من الشعب العظيم والعنيد والمقاوم أوّلًا، ومن كلّ السلطات والمقامات.

بل أيضًا على مرأى من "سيدر" وأهله والبنك الدوليّ ورعاة البقر وقتلة الهنود الحمر.

صحتين على قلوبنا جميعًا. نستاهل!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم