الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

انانية روسيا... صبر تركيا وعجز أوروبا

المصدر: النهار
ماجد المقصود
انانية روسيا... صبر تركيا وعجز أوروبا
انانية روسيا... صبر تركيا وعجز أوروبا
A+ A-

لا تزال الأحداث السورية تطغى على المشهد العام في الشرق الأوسط حتى في ظل الأوضاع الخطيرة في الخليج العربي جراء استهداف ناقلتي نفط في بحر عمان، وعلى الفور دارت الشبهات حول دور إيران، واتهمت الولايات المتحدة الأميركية إيران علناً بالوقوف وراء الهجومين، ونشر البنتاغون فيديو لطاقم زورق إيراني يزيل شيئاً ما من على هيكل ناقلة نفط تتطابق مواصفاتها مع الناقلة اليابانية التي استهدفت في الهجوم بالتزامن مع قصف الحوثيين لمطار أبها في المملكة العربية السعودية، ما أدى إلى إصابة ٢٦ شخصاً، ما ينذر بمواجهة مفتوحة مع إيران، لا أحد يستطيع أن يتكهن بنتائجها المدمرة على الاقتصاد العالمي.

بالعودة إلى الموضوع السوري، تشن قوات النظام بدعم روسي مكثف منذ أسابيع هجمات على محافظة إدلب وحزام الأراضي المحيطة بها، وذلك بعد هدوء طويل على هذه الجبهة، نتيجة لاتفاق روسي تركي سابق، حيث تعتبر روسيا اليوم أن تركيا تتملص من تعهداتها بالإضافة إلى حماس واندفاع لدى النظام السوري في ظل موافقة إسرائيلية ضمنية وأميركية على بقاء النظام السوري شريطة إبعاد إيران عن الجبهة مع إسرائيل وباعتبار أن تحرير الشرق السوري ليس في متناول اليد في الوقت الراهن.

طبعا تركيا في وضع لا تُحسد عليه. وقد تعرض موقع تركي للقصف، وتتزايد المخاوف من موجة جديدة من نزوح اللاجئين إلى الأراضي التركية في حال نجحت قوات النظام بالتقدم في ظل دعم جوي روسي مكثف يعتمد على سياسة الأرض المحروقة في ظل غياب الدفاعات الجوية لدى المعارضة، وكل هذا يحدث وكأن العالم قد مل من هذه الأزمة، فهي طالت كثيراً ونحن اليوم أمام موقعة جديدة، وممكن جداً إفراغ المناطق من سكانها، كما حدث في مناطق أخرى على أن تتحمل تركيا عبء اللاجئين الجدد بالإضافة إلى ٣ ملايين لاجئ سابق. وهنا لا بد لنا من أن نذكر أن روسيا تستطيع القصف والحرق لكنها عاجزة عن إرغام النظام السوري على عودة اللاجئين، كما أنها عاجزة عن إعادة إعمار المناطق المدمرة، وهي لم تستقبل لاجئين سوريين رغم كبر مساحتها وحاجتها إلى عنصر الشباب. ومن هنا تبرز أنانية روسيا التي لا تقيم أي اعتبار لمصالح تركيا الاستراتيجية في المناطق المحاذية لحدودها، وهي التي نجحت في قطع الطريق على إيران ومنعتها من مجرد التفكير بمد شبكة أنابيب للغاز على البحر الابيض المتوسط، ونجحت في إبعادها أيضاً عن حدود إسرائيل.

في الحالة التركية روسيا تتصرف فقط من منطلق فائض قوة ظرفي دون دراسة للنتائج، والذي ما هو إلا نتيجة لتردد أردوغان المتتالي وقادة أوروبا. وغني عن التذكير بأخطاء أردوغان الخارجية التي كان أهمها التصعيد والقطيعة مع المملكة العربية السعودية ومن ورائها العرب بشكل عام، ووثوقه بروسيا أكثر مما ينبغي، وعلى تركيا أن تعي إذا ما أرادت أن تحافظ على أدنى مصالحها كدولة إقليمية كبيرة، بأنه لا بد لها هذه المرة من الوقوف في وجه روسيا حتى لو حصلت مواجهات واسعة، شريطة أن تتعهد تركيا بضمان وحدة الأراضي السورية، وباعتبار أن الأتراك لهم مصالح هامة جداً في هذه المنطقة، فهم صبروا كثيراً وأصبحت مصداقية أردوغان على المحك في ظل انتكاساته المتكررة في السياسة الخارجية. وكل هذا يحصل في ظل عجز أوروبي واضح فهم لا يريدون سيلاً جديداً من اللاجئين، لكنهم عاجزون منقسمون هم يدفعون المال فقط ويترقبون صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة نتيجة لسياسات حكومات هذه الدول.

ما أود قوله هو أن:

تركيا بقدراتها تستطيع أن تقف في وجه روسيا في منطقة إدلب، ولكن عليها ترميم علاقتها مع العربية السعودية، واقتلاع أي وجود لجبهة النصرة في محافظة إدلب وفتح حوار عميق مع الأوروبيين من دون مساومة، ليتحمل كل طرف مسؤولياته. وعلى أوروبا أن تعي بان عليها مسؤوليات تتخطى دفع الأموال اذا ما أرادت تفادي موجة جديدة من اللاجئين، وعليهم أن يعوا بأنه لولا ضعفهم، لما تجرّأ وزير خارجية لبنان بتهديد أوروبا بإرسال اللاجئين إليها فهو يعلم انهم منقسمون وبانهم اثبتوا فعليا بانهم مجموعة دول متفرقة ولا يجمع بينهم سوى وحدة تأشيرة الدخول المسماة شنغن، وشروط بروكسيل لناحية موازنات الدول الأعضاء.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم