الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

إنقاذ ابنة الـ33 عاماً من الموت في عملية نوعية للمرة الأولى في لبنان... 3 أطباء يتحدثون لـ"النهار"عن تفاصيلها!

المصدر: "النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
إنقاذ ابنة الـ33 عاماً من الموت في عملية نوعية للمرة الأولى في لبنان... 3 أطباء يتحدثون لـ"النهار"عن تفاصيلها!
إنقاذ ابنة الـ33 عاماً من الموت في عملية نوعية للمرة الأولى في لبنان... 3 أطباء يتحدثون لـ"النهار"عن تفاصيلها!
A+ A-

في 9 شباط تلقى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت اتصالاً من البقاع للإبلاغ عن حالة طارئة يستوجب نقلها إلى بيروت لإنقاذ ابنة الـ33 عاماً بعد شهر من وضع مولودها. لم تكن المريضة في حالة صحية تسمح بنقلها من البقاع الى بيروت، فرصة نجاتها كانت شبه معدومة ولن تصمد أكثر من 24 ساعة في هذه الحالة.

المخاطر كثيرة، والخيارات محدودة ويستحيل الانتظار، فالوقت عدوها بالدرجة الأولى. المهمة لم تكن سهلة، فعلى الطاقم الطبي ان يدرس كل تفصيل صغير ويبحث في كل المخاطر والمضاعفات التي قد تنتج من عملية النقل، ومع ذلك تحدى هذا الطاقم كل الصعوبات والمعوقات ونجح في اول عملية نقل نوعية من مستشفى الى آخر عبر برنامج الـECMO في لبنان والمنطقة بالتعاون مع الدفاع المدني والجيش اللبناني.

توجه الفريق الطبي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الى مستشفى البقاع حيث كانت تعاني المريضة من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS) بعد إصابتها بالانفلونزا. توجهنا الى مستشفى الجامعة لمتابعة تفاصيل هذا الإنجاز الطبي، أطباء وممرضون أو جنود الظل الذين عملوا لأكثر من 12 ساعة لتحضير كل ما يلزم لإنجاح هذه المهمة. في تلك القاعة التقينا الأطباء الثلاثة الدكتور عصام الراسي والدكتورة جنا عاصي والدكتور علي حلّال بالإضافة الى الدكتور مياس مشيك و5 ممرضين أحمد حسين، خالد رفاعي ومصطفى عيتاني وموسى خولي الذين شاركوا في عملية الإنقاذ.

بداية، يشرح الاختصاصي في جراحة القلب عند الأطفال البروفسور عصام الراسي لـ"النهار" حول برنامج الـ ECMO او ما يعرف ببرنامج الأنسجة الغشائية خارج الجسم على انه "جهاز يقوم بدور وظائف القلب أو الرئة أو الاثنين معاً في آن واحد بصفة موقتة، حيث يُلجأ إليه في حال تعذر استجابة المريض الذي يعاني من مشاكل صحية تصيب القلب او الرئة ولم تنجح كل الأدوية والتدخلات الطبية في تحسين حالته. لقد تمّ تطوير الجهاز ليدوم وقتاً اطول كما يسهل نقله لصغر حجمه".

ويشير الراسي الى ان مهتمه كجراح هو والدكتور علي حلّال كانت "في وضع هذه الأنابيب في جسم المريضة لسحب الدم وتنقيته وضخه من جديد في جسمها. لكن المهمة الأصعب والأهم كانت لأطباء العناية الفائقة الذين عملوا جاهدين وتابعوا المريضة حتى اليوم. لقد كان عملاً جماعياً، فريق طبي متكامل لكل شخص مهمته الخاصة ولا يمكن لأحد النجاح دون الآخر".

وفق الراسي "كانت حالة المريضة دقيقة جداً، كانت تعيش على آلة التنفس وبحاجة الى أنبوبة اوكسيجين كل 10 دقائق في حال قررنا نقلها، اي ما يعادل 30 أنبوب أوكسيجين نتيجة المسافة بين البقاع وصولاً الى بيروت. لم نكن أمام خيارات عدة، كنا امام خيارين لا ثالث لهما، إما نقلها براً وبالتالي تأمين أنابيب الأوكسيجين او نقلها جواً بواسطة طوافة تابعة للجيش اللبناني ( بعد التنسيق معهم)".

يصف الراسي عملية النقل بأنها "دقيقة ونوعية لأنها المرة الأولى التي يتم فيها نقل مريض عبر برنامج الـECMO ، يفتقر لبنان الى التجهيزات الخاصة بمثل هذه العملية، لم نخض سابقاً تجربة مماثلة، لذلك كان علينا كطاقم طبي ان نسهر ونبحث في كل التفاصيل وما نحتاجه و دراسة كل السيناريوات المحتملة لضمان نجاح هذا الإنجاز الطبي".

لكن ما هي الحالات التي تحتاج الى الـecmo؟ يشير الراسي إلى أن "هذه التقنية المتطورة تقوم بوظائف القلب والرئتين في حال الإصابة بأمراض خطيرة وتوفّر للمرضى فرصة إضافية للحياة، كما وتمنح الفريق الطبي فرصة جديدة لمحاولة إعادة إحياء الأعضاء المتضررة وتشخيص أدق لحالة المريض. لذلك كل حالة تتضرر فيها وظائف القلب او الرئة بشكل كبير علينا ان نفكر ببرنامج الـecmo".

من جهتها، تحدثت الاختصاصية في وحدة العناية المركّزة للأطفال ومديرة برنامج ECMO في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة جنى عاصي عن حالة المريضة "لقد أصيبت بالإنفلونزا وهي حامل وبعد ان ساءت حالتها اضطر الأطباء الى اتخاذ قرار الولادة المبكرة. وبالرغم من وضع مولودها بقيت حالة المريضة تتدهور وأصبحت على شفير الموت. نتيجة ذلك، اتصلوا بنا في مستشفى البقاع بغية تأمين علاج الـecmo".

وتشدد عاصي على "أن الجديد في الموضوع ليس في وجود هذا البرنامج فنحن نستعين به لمعالجة مرضانا في المستشفى منذ 2015. اما الجديد والتحدي الأكبر كان بنقل جهاز الـecmo الى خارج المستشفى لنقل المريض الذي يصعب نقله بسبب دقة حالته وخطورته. لذلك يشكّل البرنامج تقدماً كبيراً لقطاع الرعاية الصحّية في لبنان. بفضله، سنتمكّن من منح الأمل للكثير من المرضى. يبقى الأهم ان نعرف ان تكامل الفريق من أطباء واختصاصيين وممرضين هو مفتاح نجاح هذا الإنجاز الطبي، الأول من نوعه في لبنان. لذلك نتمنى على المستشفيات التي لديها حالات يصعب نقلها بسبب خطورة وضعها ان تعرف ان هناك فريقاً طبياً متخصصاً في هذا البرنامج ومؤهل لمثل هذه الحالات".

لم يكن الطقس حليف الطاقم في ذلك النهار، فتعذر نقلها جواً وبالتالي كانت الخطة البديلة نقلها بمساعدة الدفاع المدني وعلى رأسهم زياد عيتاني الذي عمل جاهداً مع الفريق الطبي في الجامعة الأميركية لإنجاح عملية نقل المريضة وإنقاذ حياتها.

أما بالنسبة الى حالة المريضة اليوم، يشرح الاختصاصي في العناية الفائفة وجراحة الأورام السرطانية في مستشفى الجامعة الأميركية الدكتور علي حلّال ان "المريضة كانت في حالة طبية حرجة، لم تعد الرئتين تقوم بوظفيتهما وكان الحل الوحيد البحث عن بديل اي الـecmo. كان يستحيل نقل المريضة في مثل حالتها، لأنها لم تكن ستتحمل ذلك. لو لم تُنقل المريضة كانت ستموت خلال الـ24 ساعة بسبب عدم وصول الأوكسيجين الى الرئة.

وفق حلاّل "كان هدفنا الاستعانة بآلة تنوب عن الرئة لتحسين مستوى الأوكسيجين، اي الـecmo. وصلت المريضة في حالة مستقرة، هي اليوم ما زالت في المستشفى وأظهرت تحسناً كبيراً من شهر حتى اليوم. وقد تستغني في الأيام القليلة المقبلة عن الأنبوب وستستعين بالـecmo فقط حتى تتحسن نهائياً لأنها بحاجة للوقت لتسترجع الرئة وظيفتها وصحتها كما كانت سابقاً".

في حين تحدث الممرضون خالد الرفاعي ومصطفى عيتاني وموسى خولي وأحمد حسين عن "أهمية هذا البرنامج وكيفية انقاذه لحياة المرضى. يعتمد المريض على الجهاز بشكل كامل واي خطأ او عطل فيه قد يودي بحياته، لذلك يحتاج الى مراقبة وعناية شديدة طوال الوقت. لم يكن الناس كما المستشفيات يعرفون بهذا البرنامج، لكن بفضل المؤتمرات وحملات التوعية التي قام بها الفريق الطبي في المستشفى، لمسنا حقيقة نضوج حقيقي حول الـecmo وأهميته".

وشددوا على أهمية "العمل المتكامل، لكل شخص وظيفته ومهمته في هذا البرنامج، لا احد يمكن ان يحل مكان الآخر ونجاح العلاج يكون بجهود الفريق كاملاً. ليس سهلاً ان تقوم بهذه النقلة النوعية لا سيما انها جديدة في لبنان، علينا ان نفكر بكل شيء حتى الأمور اللوجيستية التي قد تكون عائقاً امام مهمتنا".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم