الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"الله أرسلنا"... متطوّعون أميركيّون يسعفون الجرحى قرب الباغوز السوريّة

المصدر: "أ ف ب"
"الله أرسلنا"... متطوّعون أميركيّون يسعفون الجرحى قرب الباغوز السوريّة
"الله أرسلنا"... متطوّعون أميركيّون يسعفون الجرحى قرب الباغوز السوريّة
A+ A-

قرب خطوط الجبهة الأخيرة ضد تنظيم "#الدولة_الاسلامية" في شرق #سوريا، تغيب المنظمات الإنسانية الدولية التي تشرف على اخلاء الفارين من المعارك، بينما يحضر متطوعون أميركيون وسائقون محليون يتولون نقلهم إلى بر الأمان.

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، هجوماً منذ أيلول ضد الجيب الأخير للتنظيم في ريف دير الزور الشرقي. ودفعت العمليات العسكرية منذ مطلع كانون الأول 2018 نحو أربعين ألفاً إلى الخروج من هذا الجيب، غالبيتهم من النساء والأطفال.

في منطقة الفرز قرب بلدة الباغوز التي يتحصن التنظيم في جزء منها، ينشط 25 متطوعاً في مجموعة "#فري_بورما_راينجرز"، غالبية أعضائها أميركيون، في تقديم المساعدة الطبية، بإشراف الأميركي #دايفيد_يوبنك (57 عاماً)، الى الواصلين إلى مواقع قوات سوريا الديموقراطية. ويقيم الفريق على تلة تشرف على بلدة #الباغوز.

ويقول يوبنك الذي تنشط زوجته وأولاده الثلاثة في عداد المتطوعين، لوكالة "فرانس برس": "نحن غير مؤهلين لأن نكون هنا. سألت الله عما سأفعل هنا".

ويضيف الرجل، وهو يرتدي زياً عسكرياً وقبعة صيد، ويضع مسدساً على خصره: "شعرت بأن الله يقول لي، تخلَّ عما تقوم به، وتعال فقط للمساعدة".

على بعد عشرات الأمتار، كانت مجموعة من أكثر من عشرين شخصاً، بينهم نساء وأطفال، تقترب من مكان وجود المتطوعين، وهي تسلك طريقاً وعرة. يسارع يوبنك ومتطوع آخر الى ملاقاتهم ومساعدتهم على نقل الحقائب التي حملتها نساء وأطفال.

فور وصولهم، يبادر أحد المتطوعين الملتحين إلى معاينة طفل هزيل البنية، مصاب بجرح في صدره، ويصرخ بالانكليزية، طالباً من زملائه مضادات حيوية، بينما يتسمر الطفل أمامه في حالة ارتباك.

أسس يوبنك مجموعة المتطوعين هذه في بورما عام 1997، مستنداً إلى كلام مستمد من الانجيل عن "تبشير المساكين"، والمطالبة "بإطلاق المأسورين".

وبعد سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور عام 2014، وسّعت المجموعة نشاطها ليشمل العراق. وتحول يوبنك مع عائلته نجوماً في العراق، خصوصاً بعد انقاذهم فتاة عراقية من بين نيران المعارك، إثر مقتل أمها في مدينة الموصل التي شكلت عاصمة "الخلافة" للتنظيم يومذاك.

تستغل ساهالي (18 عاماً)، الابنة الكبرى ليوبنك، الهدوء في فترة ما بعد الظهر لدرس اللغة التايلاندية، في ظلال ناقلة جنود مدرعة.

ولدى سؤالها عما دفعها وعائلتها الى المجيء إلى سوريا، تجيب الفتاة الشقراء التي عادة ما ترافق الجرحى الى نقطة تجمع الخارجين: "نشعر بأن الله أرسلنا إلى هنا، وإلا لما اردنا المجيء".

في الأوقات التي لا يعالجون خلالها المصابين أو المرضى، تقضي المجموعة وقتها في ممارسة المشي في المنطقة والصلاة والاهتمام باحتياجات الجرحى.

ويشعر تايلر شين (24 عاماً) المتحدر من كولورادو وأحد متطوعي المجموعة، بالفخر لوجوده في هذه المنطقة، حيث يشهد انتهاء تنظيم "الدولة الاسلامية".

ويقول لـ"فرانس برس": "إنه البلاء، وأكثر ما يمثّل الشر في العالم. لذا أعتقد أنه المكان المناسب للوجود فيه حالياً".

ويبدو وجود هذه المجموعة لافتاً في هذه المنطقة الصحراوية في شرق سوريا، وسط مقاتلين أكراد وعرب لا يمكنهم التواصل معهم إلا بمعية مترجمين.

ولدى زيارة المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية الموقع، حيث تمركز المتطوعون أخيرا، أمسك يوبانك بيده ليتلو الصلاة، فيما كان المترجم يتوسطهما.

وإذا كانت "إرادة الله" تقود يوبنك وفريقه، فإن أسباباً مادية تدفع مجموعة من سائقي الشاحنات الى اصطحاب المدنيين وأفراد عائلات الجهاديين الفارين إلى مخيمات النازحين شمالاً.

وبعد تدقيق أولي في هوياتهم وجمع معلومات شخصية في منطقة الفرز، يطلب منهم الصعود في شاحنات تنقل معظمهم الى مخيم الهول الواقع على بعد ست ساعات شمالاً.

ويتولى 11 سائقاً من بلدة الشحيل المجاورة للباغوز قيادة الشاحنات، مقابل بدل مالي تدفعه لهم قوات سوريا الديموقراطية عن كل رحلة، ذهاباً واياباً، بقيمة 75 ألف ليرة سورية (150 دولاراً).

ويقول فرحان العلي، سائق في الأربعينات، لـ"فرانس برس": "متى جاءتنا الرزقة، نعمل".

ويروي بعض السائقين أنهم يضطرون أحياناً الى تناول حبوب تمنعهم من النوم كي يتمكنوا من القيادة لمسافة 600 كيلومتر، ذهاباً واياباً.

ويوضح أبو حمود (54 عاماً) الذي يضع كوفية حمراء وبيضاء على رأسه: "كل مرة، نصل عند الساعة الثانية أو الثالثة فجراً، ثم نرجع إلى الشحيل".

وغالباً ما يستخدم هؤلاء السائقون شاحناتهم لنقل المواشي أو التجهيزات الزراعية. لكنهم غير معتادين على نقل نساء وأطفال فيها، وهو ما يزيد من صعوبة الرحلة الطويلة.

وأحصت لجنة الإنقاذ الدولية الناشطة في مناطق النزاعات، وفاة 51 شخصاً، غالبيتهم أطفال حديثو الولادة، بعد وصولهم إلى مخيم الهول، أو خلال "الرحلة المحفوفة بالمخاطر".

وطالبت الأمم المتحدة السلطات المحلية بتأمين وسائل نقل مريحة، كالباصات. ويقول أبو حمود: "يعتصر الألم قلبي على الأطفال. هم صغار وجائعون". ويضيف بأسى: "توفي رضيع عمره عشرون يوماً في شاحنتي".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم