الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ولايتي زار موسكو على وَقْع تضارب البيانات الروسية- الإيرانية

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ولايتي زار موسكو على وَقْع تضارب البيانات الروسية- الإيرانية
ولايتي زار موسكو على وَقْع تضارب البيانات الروسية- الإيرانية
A+ A-

بدأ الأمر حين أعلن بوتين، خلال استقباله الرئيس السوريّ بشّار الأسد في سوتشي يوم السابع عشر من أيّار، أنّ الانتصارات في الميدان السوريّ ستؤدّي إلى "انسحاب القوّات الأجنبيّة المسلّحة من سوريا". وحين أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت القوّات الإيرانيّة مشمولة بتلك العبارة، أوضح المبعوث الروسيّ الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في اليوم التالي أنّ "هذا التصريح يخصّ كلّ المجموعات العسكريّة الأجنبيّة الموجودة على أراضي سوريا، بمن فيها الأميركيّون والأتراك وحزب الله والإيرانيّون".


ردود وخلافات

أطلق هذا التصريح ردّاً سريعاً من الإيرانيّين إذ قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة بهرام قاسمي بعد ثلاثة أيّام: "سنستمرّ (في سوريا) ما دام هنالك طلب منها. ولا أحد يستطيع إجبارنا على الخروج، فوجودنا شرعيّ وبطلب من الحكومة السوريّة". أوحت هذه التصريحات بأنّ افتراقاً مهمّاً قد يكون في طور النشوء بين موسكو وطهران. لكن لاحقاً أوضح المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنّ تصريحات بوتين تشمل القوّات الأجنبيّة الموجودة في سوريا بطريقة "غير شرعيّة" أي تلك التي لم تأتِ بناء على طلب الحكومة السوريّة.
بالرغم من أنّ الطرفين يعملان على إنقاذ نظام الرئيس السوريّ بشّار الأسد، برزت في مراحل عدّة خلافات حول أسلوب تحقيق هذه الغاية والأهداف التي تليها. فالتنسيق الإيرانيّ-الروسيّ داخل سوريا، يقابله تنسيق-إسرائيليّ روسيّ أدّى إلى غضّ موسكو الطرف عن الغارات التي يشنّها الطيران الإسرائيليّ على مواقع إيرانيّة كثيرة. في هذا السياق، أتت زيارة ولايتي بعد يوم واحد على زيارة أخرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي شدّد على أنّ سياسته "لا تتغيّر" وتقوم على "انسحاب كامل للقوّات الإيرانيّة في وقت واحد، أو أنّ إسرائيل ستتدخّل في جهود الأسد لإعادة السيطرة على المناطق الحدوديّة".



وكان لقاء نتانياهو وبوتين هو التاسع من نوعه منذ التدخل العسكريّ الروسيّ في سوريا الأمر الذي يترك مخاوف جدّيّة لدى الإيرانيّين من إمكانيّة عقد صفقة كبرى بين الطرفين تأتي على حسابهم. لذلك، يحتمل أن تصبّ جولة ولايتي في سياق تذكير الروس بالدور الإيرانيّ الذي لا يمكن الاستغناء عنه في سوريا بحسب وجهة نظره.


سقوط دمشق ... بين ولايتي ولافروف

اللافت في زيارة ولايتي كان تصريحاته التي أطلقها في منتدى "فالداي" الروسيّ يوم الجمعة إذ قال إنّ لإيران مستشارين عسكريّين في #سوريا و #العراق "وإذا أرادت هاتان الدولتان أن نخرج فسنخرج فوراً". وهذا الكلام إعادة تأكيد على أنّ الوجود الإيرانيّ مرتبط بطلب بغداد ودمشق لا بتحقّق الانتصارات العسكريّة كما سبق لبوتين أن أعلنه عند استقباله الأسد. وأشار إلى أنّ "حكومة الرئيس بشّار الأسد كانت ستسقط خلال أسابيع لولا مساعدة إيران". يذكّر هذا الكلام بالجدل الذي حصل إثر قول وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لافروف في 17 كانون الثاني 2017 إنّ "دمشق كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في يد الإرهابيّين عندما تدخّلت روسيا في سوريا". واتّهم ولايتي "الذين يقولون إنّ روسيا تريد من إيران الخروج من سوريا" بأنّهم "يريدون ضرب الوحدة الحاصلة بين موسكو وطهران".

يضاف إلى ذلك أنّ موقف الإدارة الأميركيّة ملتبس بالنسبة إلى بقاء قوّاتها في شمال شرق سوريا. فباستثناء رؤية ترامب، يؤيّد البنتاغون وجوداً عسكريّاً أميركيّاً متوسّط وربّما طويل المدى. ففي التاسع من الشهر الماضي، وصف ماتيس خروج قوّاته باكراً ب "الخطأ الاستراتيجيّ" لأنّه سيترك "فراغاً في سوريا يمكن أن يستغلّه نظام الأسد أو داعموه".


بيسكوف يرفض التعليق

تؤشّر هذه البيانات إلى أنّه في وقت تبدو فيه الاتّجاهات العسكريّة محسومة لصالح موسكو، لا تصبّ هذه الاتّجاهات بالضرورة لصالح الإيرانيّين. بالمقابل، لم تقتصر زيارة ولايتي على ملفّ التنسيق العسكريّ بين البلدين داخل سوريا، بل شملت أيضاً خروج الولايات المتّحدة من الاتّفاق النوويّ. بند إيرانيّ تذكيريّ آخر بأنّ لدى المسؤولين الروس والإيرانيّين الكثير من المصالح المشتركة التي يمكن من خلالها تحجيم واشنطن في الشرق الأوسط. فاستمرار الاتّفاق النوويّ بين مجموعة 4+1 قد ينتهي بعزلة الولايات المتّحدة على المستوى الدوليّ، كما يأمل الإيرانيّون على الأقلّ.

وإذا كانت التصريحات السابقة لا تعبّر كفاية عن غموض مسار التحالف بين الطرفين، يأتي عدم تأكيد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لما قاله ولايتي حين كان في إيران، كي يعمّق الالتباس في العلاقة مؤخّراً. فحين سئل عن كلام ولايتي حول استعداد بوتين للاستثمار في قطاع النفط والغاز الإيرانيّ بقيمة 50 مليار دولار، أجاب بيسكوف: "لا يمكنني تأكيد ذلك، وأكثر من ذلك، أنا لا أستطيع قول شيئ أكثر تفصيلاً من ذلك".


مسألة مفاضلة؟

رأى الباحث في "مؤسّسة الدفاع عن الديموقراطيّات" أنّ ترامب لم يعطِ بوتين الكثير من الأسباب السياسيّة خلال الفترة الماضية، كي يأخذه "على محمل الجدّ". ومع ذلك، يتابع في مجلّة "فورين بوليسي" الأميركيّة كاتباً أنّ الرئيس الروسيّ قد يحاول التوصل إلى اتفاق مع نظيره الذي لا رغبة لديه بالدخول في الحرب السوريّة عوضاً عن التوصّل إلى اتّفاق مع الإيرانيّين.

هل بدأت البيانات الروسيّة تبلور سياسة بهذا الاتّجاه، أم أنّها مؤشّرات شكليّة تهدف إلى التمهيد للقمّة لا لوجهة المفاوضات خلالها؟ قد يحمل البيان المشترك الصادر عن هلسينكي بعض ملامح الجواب المنتظر.







الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم